على مصلحة مقتضية للطلب وكون الاعداد الواقعة في حيز الطلب غالبا عناوين اجمالية انتزاعية عن موضوعاتها توجب صرف الذهن إلى إرادة التكليف الغير الارتباطي كما لو امر المولى عبده بان يعطي زيدا عشرين درهما ولا يقاس المقام بالامر بصوم ثلاثة أيام للاعتكاف مما كان المطلوب النفسي عنوانا اخر غير نفس العدد الذي هو بنفسه غالبا عنوان انتزاعي بل ما نحن فيه نظير ما لو امر بصوم ثلاثة أيام في أول كل شهر فهذا بنظر العرف ليس الا كالأمر باعطاء ثلاثة دراهم لا يفهمون منه الا تكليفا غير ارتباطي فليتأمل واما عدم وجوب اكمال النافلة بالشروع فيها فلا يدل على جواز الاتيان ببعضها عازما عليه من أول الأمر الا ترى انا ربما نلتزم بجواز قطع النافلة اختيارا مع أنه لا يشرع الاتيان بجزئها من حيث هو كما هو واضح واما كون حكمة شرع النوافل تكميل الفرائض فهو لا يدل على شرعية التوزيع ولذا لا يجوز الاتيان بركعة مستقلة اللهم الا ان يقال بأنه يستفاد من ذلك ان المصلحة المقتضية لشرع النوافل متقومة بذواتها من حيث كونها صلاة لا من حيث كونها بهذا العدد المخصوص فالمأمور به في الحقيقة هو الصلوات المتعددة التي تنتهي عدد ركعاتها إلى الثمانية مثلا فالامر تعلق بكل جزء جزء بعنوان كونه صلاة لا كونه جزء من الثمانية وكيف كان فعمدة المستند لاثبات جواز الاتيان بالبعض ما أشار إليه قدس سره في ذيل العبارة من أن دلالة النصوص على جواز الاقتصار على البعض في نافلة العصر وغيرها كما عرفته مفصلا بضميمة مغروسية محبوبية طبيعة الصلاة في النفس وكون كل فرد منها في حد ذاتها عبادة مستقلة وكون الحكمة المقتضية لتشريعها مناسبة لتعلق الطلب بذواتها من حيث كونها صلاة توجب انسباق الذهن عند الامر بثمان ركعات في نافلة الزوال مثلا إلى إرادة تكليف غير ارتباطي كالأمر باعطاء الدراهم والانفاق على شخص في مدة وغير ذلك من الموارد المناسبة لكون المأمور به من قبيل تعدد المطلوب بلا ارتباط فالأظهر في لفرق بين النوافل وجواز الاقتصار على البعض في الجميع وان كان الأحوط في غير الموارد التي استفدنا جوازها بالخصوص من النصوص المعتبرة عدم قصد الخصوصية الموظفة الا على سبيل الاحتياط فالأولى عند إرادة الاتيان ببعض نافلة الليل مقتصرا عليه ان يأتي به بقصد امتثال الامر المتعلق بمطلق الصلاة التي هي خير موضوع برجاء حصول الخصوصية الموظفة على تقدير شرعيتها من غير أن يقصدها على سبيل الجزم وفي نافلة الزوال ونحوها أيضا الأولى هو الاتيان بهذا القصد ان قلنا بجواز التطوع في وقت الفريضة والا فلا يقصد بفعله الا الاحتياط والاتيان به برجاء المطلوبية والله العالم الخامس حكى عن جملة من الأصحاب التصريح بان في الوتر بمعناه الأعم من ركعتي الشفع ومفردة الوتر قنوتات ثلاثة أحدها في الركعة الثانية من الشفع والثاني في مفردة الوتر قبل الركوع والثالث فيها أيضا بعد الركوع واستدل للأول بعموم الأخبار الدالة على أن القنوت في كل ركعتين من الفريضة والنافلة في الركعة الثانية وفي بعضها أيضا بزيادة قبل الركوع وسيأتي إن شاء الله في باب القنوت ويدل عليه بالخصوص خبر أبي الضحاك المروي عن العيون المشتمل على عمل الرضا عليه السلام في طريق خراسان قال فإذا كان الثلث الأخير من الليل قام من فراشه بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار فاستاك ثم توضأ ثم قام إلى صلاة الليل فيصلي ثمان ركعات يسلم في كل ركعتين يقرء في الأولتين منها في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلثين مرة ثم يسلم ويصلى صلاة جعفر بن أبي طالب أربع ركعات ويسلم في كل ركعتين ويقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد التسبيح ويستحب بها من صلاة الليل ثم يقوم فيصلي الركعتين الباقيتين يقرء في الأولى الحمد وسورة الملك وفي الثانية الحمد وهل اتى على الانسان ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرء في كل ركعة منها الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويقنت في الثانية بعد القراءة وقبل الركوع ثم يقوم فيصلي ركعة الوتر ويقرء فيها الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات وقل أعوذ برب الفلق مرة واحدة وقل أعوذ برب الناس مرة واحدة ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة ويقول استغفر الله واسئله التوبة وان القنوت في الوتر التي هي عبارة عن الثلاث انما هو في الثالثة وان الأوليين المسماتين بركعتي الشفع لا قنوت فيها واستدل على ذلك بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال القنوت في المغرب في الركعة الثانية وفي العشاء والغداة مثل ذلك وفي الوتر في الركعة الثالثة ثم قال قدس سره وهذه الفائدة لم يتنبه عليها علمائنا انتهى وفي الحدائق بعد نقل هذه العبارة عن الكتاب المذكور قال فظاهر كلامه شهرة القول باستحباب القنوت في ركعتي الشفع حتى أنه لم يحصل فيه مخالف قبله وهو كذلك الا انه قد سبقه إلى ما ذكره السيد السند قدس سره في المدارك والظاهر أنه لم يقف عليه حيث قال في أول كتاب الصلاة في الفوائد التي قدمها الثامنة يستحب القنوت في الوتر في الركعة الثالثة لقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان في القنوت وفي الوتر في الركعة الثالثة انتهى إلى أن قال وجرى على منواله الفاضل الخراساني في الذخيرة وهو الأظهر عندي وعليه اعمل ثم نقل عن بعض معاصريه كلاما طويلا في تأييد مذهب المشهور وأطنب في تزييفه إلى أن أجاب عن دليل المشهور بان اطلاق الأخبار الدالة على استحباب القنوت في الركعة الثانية من كل صلاة يقيد بمفهوم الحصر المستفاد من الصحيحة فان ظاهرها انحصار قنوت الوتر في الركعة الثالثة واما رواية العيون فهي ضعيفة السند قاصرة عن معارضة الصحيحة أقول اما الصحيحة فلها ظهور قوي في أن القنوت الموظف شرعا في الصلوات محله في صلاة الوتر في الركعة الثالثة دون الثانية كما في سائر الصلوات ولكنه يستشعر منها ارادته في الركعة الثالثة حال كونها موصولة بالأوليين وكون مجموعها صلاة واحدة ومن هنا احتمل البعض المتقدم إليه الإشارة جرى هذه الرواية على ضرب من التقية وكيف كان فلا يرفع اليد مثل هذه الاحتمالات عن ظاهر الصحيحة ومقتضي الجمع بينها وبين الأخبار العامة
(٨)