تخصيص تلك الأخبار بهذه الصحيحة كما ذكره في الحدائق فان ظهور العمومات في إرادة هذا الفرد أضعف من ظهور الصحيحة في إرادة الحصر الا ان اعراض المشهور عن هذا الظاهر وعملهم بالعمومات يوهن هذا الظاهر ويرجح العمومات فلا يبعد ان يكون المراد بقوله عليه السلام القنوت في الوتر في الركعة الثالثة هو القنوت المتأكد مطلوبيته الذي كان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين يهتمون في حفظه ورعاية آدابه فلا ينافي كونه في الركعة الثانية أيضا مشروعا كما يقتضيه الأخبار العامة المؤيدة بالرواية المتقدمة التي هي نص في شرعيته وما في الرواية من ضعف السند فيمكن التفصي عنه بان من المستبعد كون مثل هذه الرواية المشتملة على تلك الخصوصيات موضوعة هذا مع أن المقام مقام المسامحة فلا يلتفت إلى ضعف السند اللهم الا ان يقال إن قاعدة التسامح لا تقتضي الحكم بصدور الرواية حتى تصلح قرينة لصرف الصحيحة عن ظاهرها فارتكاب التأويل فيها بواسطة التسامح مسامحة في القاعدة فليتأمل واما القنوت الثاني اي القنوت قبل الركوع في الركعة المفردة فمما لا شبهة فيه ويدل عليه اخبار متظافرة سيأتي نقلها في باب القنوت إن شاء الله واما ما ذكره من القنوت الثالث الذي بعد الرفع من الركوع فلم يعلم مستنده نعم يستحب الدعاء بعد الرفع بالمأثور فعن الكليني رحمه الله بسنده قال كان أبو الحسن عليه السلام إذا رفع رأسه في اخر ركعة من الوتر قال هذا مقام من حسناته نعمة منك وسيئاته بعمله إلى اخر الدعاء فان أرادوا بالقنوت هذا فهو فلا مشاحة وان أرادوا القنوت بالكيفية المعهودة فلا دليل عليه بل الأدلة تنفيه لدلالة الاخبار المتكاثرة على أن محل القنوت الموظف قبل الركوع وفي بعضها ما اعترف قنوتا الا قبل الركوع ويدل عليه بالخصوص صحيحة معاوية بن عمار انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت في الوتر قال قبل الركوع قال فان نسيت اقنت إذا رفعت رأسي قال لا السادس ربما يظهر من جملة من الاخبار استحباب نوافل خاصة بين المغرب والعشاء كصلاة الغفيلة والوصية وغيرهما فهل هي غير نافلة المغرب فيكون حينئذ النوافل المسنونة في اليوم والليلة زائدة على الإحدى والخمسين أو انها خصوصيات مستحبة فيها فتكون رعايتها موجبة للأفضلية لا انه يؤتي بها زائدة على العدد الموظف امتثالا لهذه الأوامر وتنقيح المقام يتوقف على نقل الأخبار الواردة وتحقيق ما يقتضيه قواعد الجمع فنقول اما الغفيلة فقد ورد فيها اخبار كثيرة منها ما عن الشيخ في كتاب المصباح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال من صلى بين العشائين ركعتين يقرء في الأولى الحمد وذا النون إذ ذهب مغاضبا إلى وكذلك ننجي المؤمنين وفي الثانية الحمد وقوله تعالى وعنده مفاتح الغيب إلى اخر الآية وإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال اللهم إني أسئلك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا أنت ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي كذا وكذا ويقول اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي أسئلك بمحمد وآله عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي وسئل الله حاجته الا أعطاه الله ما سئل وعن السيد الزاهد العابد رضي الدين بن طاوس رضي الله عنه في كتاب فلاح السائل باسناده عن هشام بن سالم نحوه وزاد فان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تتركوا ركعتي الغفلة وهما ما بين العشائين وعن الصدوق وفي الفقيه مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وفي كتاب العلل مسندا في الموثق عن سماعة عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله تنفلوا ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين فأنهما تورثان دار الكرامة قال وفي خبر آخر دار السلام وهي الجنة وساعة الغفلة ما بين المغرب والعشاء الآخرة وعن الشيخ في التهذيب بسنده عن وهب السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله تنفلوا الحديث إلى قوله دار الكرامة ثم زاد قيل يا رسول الله وما ساعة الغفلة قال ما بين المغرب والعشاء وعن السيد ابن طاوس في الكتاب المذكور انه روى هذه الرواية أيضا وزاد قيل يا رسول الله وما معنى خفيفتين قال يقرء فيهما الحمد وحدها قيل يا رسول الله متي أصليهما قال ما بين المغرب والعشاء وعن الصدوق في الفقيه عن الباقر عليه السلام ان إبليس يبث جنوده جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى طلوع الشمس وذكر ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول أكثر واذكر الله عز وجل في هاتين الساعتين وتعوذوا بالله عز وجل من شر إبليس وجنوده وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين فإنهما ساعتا غفلة وعن شيخنا البهائي في كتاب مفتاح الفلاح انه بعد ان ذكر حديث السكوني ووهب المنقول برواية الشيخ في التهذيب قال ولا يخفى ان المراد ما بين وقت المغرب ووقت العشاء أعني ما بين غروب الشمس وغيبوبة الشفق كما يرشدك إليه الحديث السابق لا ما بين الصلاتين وقد ورد في الأحاديث ان أول وقت العشاء غيبوبة الشفق ومن هنا يستفاد ان وقت أداء ركعتي الغفيلة ما بين المغرب وذهاب الشفق فان خرج صار قضاء انتهى فكأنه أشار بالحديث السابق إلى الرواية الأخيرة التي نقلناها أخيرا ومراده على الظاهر بيان عدم جوز تأخيرها عن الوقت وصيرورتها قضاء بذلك لا جواز الاتيان بها من أول الوقت مقدما على فريضة المغرب حتى ينافيه الأخبار المتقدمة المحددة لوقتها بما بين العشائين الذي لا يتبادر منه الا إرادة ما بين الصلاتين فلا يرد عليه ما قبل من أنه لا منافاة بين كون هذه الساعة ساعة الغفلة كما هو مفاد الرواية الأخيرة وبين عدم شرعية صلاتها الا بعد الفراغ من فريضة المغرب كما يدل عليه ساير الاخبار وكيف كان فربما يظهر من محكى الذكرى ان ركعتي ساعة الغفلة اللتين امر بهما النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني نافلة أخرى مغايرة لصلاة الغفيلة قال على ما حكى عنه السادس عشر يستحب ركعتان ساعة الغفلة وقد رواهما الشيخ بسنده عن الصادق عن أبيه عليهما السلام وذكر خبر السكوني المتقدم ثم قال ويستحب أيضا بين المغرب والعشاء ركعتان يقرء في الأولى الحمد وذا النون إذ ذهب مغاضبا إلى اخر ما سمعت انتهى واعترض بوجوه لا تخلو عن وجاهة أوجهها ان الزيادة التي سمعتها عن الفلاح من استشهاد الإمام عليه السلام لصلاة الغفيلة بقول النبي صلى الله عليه وآله كالصريحة في الاتحاد وان ظاهر الوصلية في خبر السكوني في اعتبار الخفة شرطا
(٩)