ان كان فعل ذلك ليخالف السنة والوقت لم يقبل منه كما لو أن رجلا اخر العصر إلى قرب ان تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم يقبل منه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقت للصلوات المفروضات أوقاتا وحد لها حدودا في سنة للناس فمن رغب عن سنة من سننه الموجبات كمن رغب من فرائض الله تعالى ومنها ما رواه في الكافي عن داود بن فرقد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوله تعالى ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا قال كتابا ثابتا ليس ان عجلت قليلا وأخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الإضاعة فان الله عز وجل يقول لقوم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا بناء على ما عن بعض المحدثين من أن المراد بالإضاعة التأخير عن وقت الفضيلة وموثقة أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان الموتور أهله وماله من ضيع صلاة العصر قلت وما الموتور قال لا يكون له أهل ومال في الجنة قلت وما تضييعها قال يدعها حتى تصفر وتغيب وعن الفقه الرضوي اعلم أن لكل صلاة وقتين أول واخر فأول الوقت رضوان الله واخره عفو الله ويروي ان لكل صلاة ثلاثة أوقات أول ووسط واخر فأول الوقت رضوان الله وأوسطه عفو الله واخره غفران الله وأول الوقت أفضله وليس لاحد ان يتخذ اخر الوقت وقتا انما جعل اخر الوقت للمريض والمعتل والمسافر وفيه أيضا بعد ان ذكر صلاة الظهر في استقبال القدم الثالث والعصر في استقبال القدم الخامس قال فإذا صلى بعد ذلك فهو فقد ضيع الصلاة فهو قاض بعد الوقت وفيه أيضا في الباب المذكور بعد ذلك وجاء ان لكل صلاة وقتين أولا واخرا كما ذكرنا في أول الباب وأول الوقت أفضلهما وانما جعل اخر الوقت للمعلول فصار اخر الوقت رخصة للضعيف لحال علته ونفسه وماله إلى اخره وفي موضع اخر بعد ما ذكر التحديد بالقدمين والأربعة وقد رخص للعليل والمسافر منها إلى أن يبلغ ستة اقدام وللمضطر إلى مغيب الشمس واستدل أيضا بالاخبار التي ورد فيها الامر بالمحافظة على الصلوات في مواقيتها إذ الظاهر أن المراد بالمواقيت التي ورد الحث والترغيب على محافظتها هي الأوقات الأوائل كما لا يخفى على المتأمل واستدل أيضا بالاخبار المتقدمة الواردة في وضع الأوقات وإشارة جبرئيل عليه السلام بها إلى النبي صلى الله عليه وآله انتهى ملخصا وقد عرفت انفا ان الطائفة الأخيرة اي الأخبار الواردة في وضع الأوقات من أقوى الأدلة على ضعف هذا القول وجواز تأخير الصلاة إلى الوقت الأخير اختيارا ولكنه رحمه الله زعم أن مجيئ جبرئيل عليه السلام في اليوم الثاني لم يكن الا لبيان انتهاء الوقت الأول الذي هو الوقت الحقيقي عند مجيئه لا لبيان كون هذا الوقت أيضا من حيث هو وقتا لها حتى يدل على جواز فعلها فيه اختيارا ولذا لم يحدد اخره وفيه ما لا يخفى واما روايتا ابن سنان المرويتان عن التهذيب والكافي وان كان ظاهر ذيلهما وهو قوله عليه السلام وليس لاحد ان يجعل الخ عدم جواز التأخير لا العذر لكن ظاهر صدرهما خلافه فان قضية أفضلية أول الوقتين مشاركة الوقت الأخير له في أصله الفضيلة وكون التقديم مستحبا ولذا استدل غير واحد بهذه الفقرة للمشهور و وما عن بعض من الخدشة في دلالة الأفضلية على ذلك بدعوى ان التكاليف الاختيارية أفضل من تكاليف أولي الأعذار مما لا ينبغي الالتفات إليه نعم بناء على أن يكون مراد القائلين بكون الوقت الأخير لأولي الأعذار عدم جواز التأخير اختيار الا صيرورتها قضاء بحيث يعامل معها معاملة الفوائت كما صرح به بعضهم على وجه يطهر منه كونه من المسلمات يمكن الخدشة فيما ذكر في تقريب الاستدلال من أن قضية الأفضلية مشاركة الوقتين في أصل الفضيلة بان المشاركة في الفضيلة لا تنافي ووجوب المسابقة إلى الا فضل وحرمة تفويت ما فيه من المزية فالخصم لا ينكر مشاركة الوقتين في أصل الفضيلة ولذا أوجب اختيار الوقت الأخير على تقدير تفويت الأفضل فالأولى ان يقال في تقريب الاستدلال ان ظاهر قوله عليه السلام ان لكل صلاة وقتين وأول الوقتين أفضلهما على ما يتبادر منه عرفا ليس الا استحباب اختيار أول الوقتين وجواز الأخير على سبيل المرجوحية بالإضافة ويؤيد ذلك قوله عليه السلام فيما رواه في التهذيب ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا فان كلمة لا ينبغي ظاهرة في الكراهة ولا يصلح الاستدراك الواقع بعدها لصرفها عن هذا الظاهر فإنه لم يقصد منه على الظاهر بيان الحكم الوضعي أعني اختصاص الوقت الأخير حقيقة بمن شغل أو نسي أو سهى بحيث يكون بالنسبة إلى غيرهم كخارج الوقت والا لعارضه جل اخبار الباب مع مخالفته لظاهر سائر فقرات الرواية كما لا يخفى على المتأمل فالمراد بكون الوقت لهم كونهم مرخصين في التأخير في مقابل المنع الثابت لغيرهم الذي أريد من قوله عليه السلام ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا فيكون ظهور لا ينبغي هو المرجع في تخصيص المراد من الاستدراك وكيف كان فيتوجه على الاستدلال بها للمشهور ما عرفته من معارضة ظهور الصدر في الاستحباب بظهور الفقرة الأخيرة في في لجواز لغير أولي الأعذار ولا يبعد ان يكون ظهور الذيل في المنع أقوى من ظهور الصدر في الجواز لولا المرجحات الخارجية لكن لا يصلح مثل هذا الظهور بعد تسليمه لمعارضة الأدلة المتقدمة كما هو واضح هذا مع أن الظاهر اتحاد روايتي ابن سنان المرويتين عن الكافي والتهذيب فقوله عليه السلام وليس لاحد الخ كان مذكورا في الرواية بعد بيان وقت المغرب فيحتمل قويا ارادتها بالنسبة إلى صلاة المغرب إذ الظاهر تخصيص صلاتي الفجر والمغرب ببيان وقتهما الأول وجعله تفسير المطلق وقتهما للتنبيه على مزية أفضليتهما فيه وكون وقتهما للثاني لغير أولي الأعذار بمنزلة خارج الوقت فكأنه قال من باب المبالغة ووقت صلاة الفجر هو وقتها الأول الذي هو عبارة عما بين الطلوع إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخيرها عن ذلك إلى وقتها الأخير فإنه وقت لأولي الأعذار ووقت المغرب أيضا كذلك هو وقتها الأول فلا يبعد ان يكون قوله عليه السلام وليس لاحد الخ بمنزلة قوله عليه السلام ولا ينبغي تأخير ذلك بعد بيان وقت الفجر في كونه مربوطا بما تقدمه فليتأمل واما مرسلة الفقيه ففيها مع احتمال ان يكون ما في ذيلها والعفو لا يكون الا عن ذنب من عبارة الصدوق انها لا تنهض دليلا لاثبات أزيد من الكراهة لا لارسالها أو كون الاخبار بالعفو في المحرمات قبل تحققها منافيا للغرض الباعث على التحريم بل لان المتبادر من مثل هذه الرواية خصوصا بعد تصريح الشارع بتوسعة الوقت في جواب من مسألة عن أوقات الصلاة ليس الا إرادة أفضلية أول الوقت لا حرمة التأخير بل المتبادر منها ليس الا جواز التأخير غاية الأمر ان ما في ذيلها من قوله والعفو لا يكون الا عن ذنب
(٣٣)