من الصلاة ثم رفض ذلك قبل ان يقع منه شئ من افعال الصلاة وعاد إليه النية الأولى لم تبطل على الأظهر كما ذهب إليه المصنف وغيره وحكى عن جماعة من القدماء والمتأخرين بل ربما نسب إلى المشهور القول بالبطلان واستدل له بان النية الأولى إذا زالت فان جددت اختل شرطها وهي المقارنة لأول العمل والا فقد أصلها في باقي الاجزاء وانه بعد رفع اليد عن النية الأولى خرجت الأجزاء السابقة عن قابلية انضمام الباقي إليها وان استمرار حكم النية شرط اجماعا وقد زال وان ظاهر قوله عليه السلام لا صلاة إلى بظهور والا إلى القبلة عدم جواز خلوان من انات العمل عن النية كالظهور والقبلة وانه حين نوى الخروج خرج من الصلاة إذ لا يشترط في الخروج فعل مخل بها بل العمدة هي نية الخروج فلابد من دخول مجدد فيها بنية وتكبيرة مجددتين ولان نية الخروج موجب لوقوع باقي الافعال بلا نية وأجيب عن الجميع اما عن الأول فبأن المسلم وجوب مقارنة نية تمام العمل للتكبير لا النية المجددة للأبعاض الباقية بل اللازم مقارنتها لأولها واما عن الثاني فبانها مصادرة واما عن الثالث فيمنع تحقق الاجماع على الاستمرار بهذا المعنى واما عن الرابع فبأن الظاهر منه وجوب تلبس كل جزء بنية لا تلبسه في كل ان بنية الكل نظير التلبس بالطهور لأنه غير متصور هنا واما دعوى كون كل ان من الانات المتخللة بين الاجزاء معدودا من اجزاء الصلاة فهي ممنوعة كما لا يخفى عن من لاحظ تحديد افعال الصلاة في كلام الشارع والمتشرعة واما عن الخامس فيمنع تحقق الخروج شرعا بمعنى الانقطاع بمجرد نيته لأن القواطع محصورة وصدق الخروج عرفا لا يقتضي الانقطاع لحكمهم بعد العود إلى الباقي بتحقق الصلاة الذي هو المدار في الامتثال إذ لم يرد من الشرع اعتبار امر اخر وجودا أو عدما واما عن السادس فبانه ان أريد وقوع باقي الاجزاء بلا نية مستمرة من الابتداء فبطلانه ممنوع وان أريد وقوعها بلا نية أصلا فليس الكلام الا فيما جدد النية لها أقول ويتوجه على الأدلة المزبورة مضافا إلى ما ذكر النقض بسائر العبادات كما لو وضوء وغيره فان مقتضى جل تلك الأدلة ان لم يكن كلها اطراد الحكم في الجميع مع أنهم بحسب الظاهر لا يلتزمون به فعمده ما يوقع الوسوسة في النفس في خصوص الصلاة هي ان للصلاة هيئة اتصالية اعتبرها الشارع فيها وعبر عما فيها بالقواطع فمتى دخل المصلي في صلاته وجب ان يبقي فيها ولا يخرج منها الا بما جعله الله تعالى مخرجا اي التسليم فهو ما لم يخرج يكون مصليا سواء اشتغل بشئ من اجزائها أم لا ولذا يجب عليه عند عدم اشتغاله بالاجزاء أيضا رعاية سائر الشرائط المعتبرة فيها كالطهارة والاستقبال فمتى نوى الخروج في الأثناء فاما ان يتحقق به الخروج فينقطع به صلاته والا فتفسد من حيث الاخلال بالقصد لأنه يكون حينئذ مصليا بلا قصد وهو غير صحيح ويمكن ارجاع بعض الأدلة المزبورة إلى ذلك وكيف كان فيظهر اندفاع هذا الكلام بالتدبر في كلام المجيب لأنا نختار انه لا يخرج بنية الخروج عن الصلاة لا بمعنى انه بالفصل متشاغل بها بل بمعنى ان قصده للخروج غير موجب لانقطاع صلاته وخروجه عنها فحاله حينئذ ليس الا كحاله عند سكوته في الأثناء أو تشاغله ببعض الافعال الغير الموجبة شرعا أو عرفا لقطع الصلاة ممالا يخل بالموالاة المعتبرة في صدق كونه متلبسا بالصلاة فهذه الأكوان المتخللة بين اجزاء الصلاة مما يشتغل فيها بسائر الاعمال كقتل العقرب أو تناول العصار أو المشي والجلوس ونحوه خارجه في الحقيقة عن حقيقة الصلاة قطعا ولذا جاز تركها لا إلى بدل ولم يقع في شئ من الأدلة المبينة لاجزاء الصلاة التعرض لها ولكنها غير مانعة عن صدق اسم المصلي كصدق اسم المتكلم والقاري على المتلبس بالكلام في الإناث المتخللة بين اجزائها الغير المانعة عن اتصال بعضها ببعض في العرف فمختار في المقام انه عند قصده للخروج ما لم يأت بمخرج ولو الفصل الطويل باق على ما كان من كونه متلبسا بالصلاة ولا دليل على اعتبار النية في الصلاة ما دام كونه مصليا اي متلبسا بها غير خارج منها كما في سائر الشرائط التي علم ذلك بالنسبة إليها من أدلتها أو من الخارج وانما الدليل دل على أنه يعتبر في الصلاة صدورها عن نية لا انه يعتبر فيها كونه ناويا لفعلها ما دام تلبسه بها كي يصح ان يقال إن حال التبس بها أعم عرفا من حال التشاغل بنفس الاجزاء كما في مثال التكلم والقراءة فما هو داخل في حقيقة الصلاة يجب صدوره عن نية وقد أشرنا إلى أن الأكوان المتخللة خارجه عن حقيقتها ولذا لا يجوز الاتيان بها بعنوان الجزئية لكونه تشريعا بلا شبهة و بهذا ظهر لك جواب اخر عن الاستدلال للمشهور بان الأكوان غير خارجه عن الصلاة فهي من اجزائها فيجب اقترانها بالقصد إذ لو كانت من اجزائها لجاز الاتيان بها على هذا الوجه مع أنه لا يظن بأحد الالتزام به والمشهور استدامة النية حالها لا الاتيان بها بقصد الجزئية كما لا يخفى وقد يستدل أيضا للمشهور بقاعدة الشغل وفيه ما تقرره في محله من أن المرجع عند الشك في الشرطية البراءة لا الاحتياط فالحق عدم اشتراط استمرار النية بالمعنى المزبور لعدم الدليل عليه وقد يستدل له أيضا باستصحاب الصحة وبعموم قوله تعالى لا تبطلوا اعمالكم وقوله عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة وبقوله عليه السلام تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فإنه ظاهر في حصول الجنس بتكبيرة الاحرام وانه لا يفكه منه الا ما جعله الشارع سببا للفك ودعوى كون ذلك من ابطال العمل كالحدث ونحوه فيرتفع الجنس الذي مداره العمل الصحيح محتاجة إلى الدليل على كون ذلك مبطلا بل قد يومى حصر التحليل بالتسليم باعتبار كونه منافيا للصلاة إلى عدم الخروج بنية الخروج التي قيل بوجوبها مقارنة إذ لو كان قصد الخروج مخرجا امتنع الخروج بالتسليم لكونه مسبوقا بنية ونوقش في الجميع اما في الأول فلان المستصحب ان كان صحة الأجزاء السابقة فلا يجدي القطع مع الشك في امكان انضمام الباقي إليها مستجمعة للشروط لأجل الشك في شرطية الاستمرار بالمعنى المبحوث عنه الذي لا يقبل التدارك بعد نية الخروج فضلا عن استصحابها وان كان صحة الكل فلم يتحقق بعد هذا ولكنك ستعرف في مبحث الخلل انشاء الله امكان توجيه هذا الأصل ببعض التقريبات التي ربما يؤل إليها استصحاب وجوب الاتمام الذي قد يتمسك به في نظائر المقام وان كان قد يناقش في هذا الأصل أيضا بالشك في كون الباقي اتماما لامكان كون الاستمرار من جملته انه على تقدير تسليمه لا يجدي في اثبات الصحة وعدم
(٢٣٦)