الالتفات إلى ما يستشعر من صحيحة زرارة من انحصار عدد الفرائض والنوافل في الأربع والأربعين بالاقتصار في نافلة العصر على الأربع وفي نافلة العشائين على ركعتين بينهما قال قلت لأبي جعفر عليه السلام اني رجل تاجر اختلف فكيف لي بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال وكم تصلي قال عليه السلام تصلي ثماني ركعات إذا زالت الشمس وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر فهذه اثنتا عشرة ركعة وتصلي بعد المغرب ركعتين وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعة الفجر فذلك سبع وعشرون ركعة سوى الفريضة وانما هذا كله تطوع وليس بمفروض ان تارك الفريضة كافر وان تارك هذا ليس بكافر ولكنها معصية لأنه يستحب إذا عمل الرجل عملا من الخير ان يدوم عليه فان مقتضى الجمع بينهما وبين ما تقدمها حمل ما في هذه الرواية على بيان أقل المجزى كما يشعر بذلك صحيحة ابن سنان الناهية عن الأقل من ذلك قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا تصل أقل من اربع وأربعين ركعة قال ورايته يصلي بعد العتمة أربع ركعات أقول الأربع ركعات التي رآها منه بعد العتمة لم يعرف وجهها فلعلها صلاة جعفر ونحوها فلا تنافي الأخبار السابقة وربما يظهر من صحيحة أخرى لزرارة انحصار ما جرت به السنة في الأربع والأربعين فتناقض الأخبار السابقة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما جرت به السنة في الصلاة فقال ثمان ركعات الزوال وركعتان بعد الظهر وركعتان قبل العصر وركعتان بعد المغرب وثلاث عشرة ركعة من اخر الليل منها الوتر وركعتا الفجر قلت فهذا جميع ما جرت به السنة قال نعم فقال أبو الخطاب أفرأيت ان قوى فزاد قال فجلس وكان متكأ فقال إن قويت فصلها كما كانت تصلي وكما ليست في ساعة من النهار فليست في ساعة من الليل ان الله يقول ومن اناء الليل فسبح فان مفادها ان ما تضمنتها من عدد الركعات هي جميع ما جرت به السنة ولكنه لابد من تأويلها أو طرحها لعدم صلاحيتها لمعارضة الأخبار المتقدمة وغيرها من الأخبار الواردة في خصوص نافلة الظهرين والأربع ركعات بعد المغرب والركعتين بع العشاء الآخرة البالغة مرتبة التواتر بل فوقها الدالة بالصراحة على شرعيتها وكونها من السنة فلا يبعد ان يكون المراد بكون ما في هذه الصحيحة جميع ما جرت به السنة هي جميع ما استمر سيرة النبي صلى الله عليه وآله على فعلها بحيث لم يكن يأتي بأقل منها لا انها جميع ما سنها النبي صلى الله عليه وآله ولا ينافي إرادة هذا المعنى ما في ذيل الرواية من ظهور اثر الغضب من فعل الإمام عليه السلام وقوله في جواب أبي الخطاب السائل عن شرعية الازدياد فان غضبه على الظاهر نشأ من سوء تعبير السائل كما يشهد لذلك خبر الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إني لامقت الرجل يأتيني فيسئلني عن عمل رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول أزيد فإنه يرى أن رسول الله قصر في شئ الحديث فلو كان يسئله عن شرعية الاتيان بالزايد لا بهذه العبارة كما في بعض الأخبار المتقدمة لأجابه الإمام عليه السلام بالجواب لان الصلاة خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر غاية الأمر انه لا ينوي بالزائد استحبابه بالخصوص ما لم يثبت والغرض من إطالة الكلام بيان ان اخبار الباب لدى المتأمل ليست من الاخبار المتعارضة بل الاختلافات الواقعة فيها منزلة على اختلاف المراتب في الفضل والا فمن الواضح انه لا يصلح سائر الروايات لمعارضة الأخبار الدالة على شرعية الإحدى والخمسين المعتضدة بفتوى الأصحاب وعملهم ومما يشهد بعدم التنافي بين الاخبار وصحة الجميع ما رواه عبد الله بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال وعليكم بالصلاة الستة والأربعين وعليك بالحج ان تهل بالافراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكة ثم قال والذي اتاك به أبو بصير من صلاة احدى وخمسين والاهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج وما امرناه به من أن يهل بالمتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ولا يخالف شئ منه الحق ولا يضاده ويحتمل قويا كون الستة والأربعين التي امر بها في هذه الرواية جارية مجرى التقية حيث إنه عليه السلام بعد ان امر بهذا العدد نبه على صدور رواية أخرى متضمنة للامر بإحدى وخمسين غير مضادة للحق لم يكن يسع الإمام عليه السلام توجيهها في ذلك المجلس الاعلى سبيل الاجمال والاعتذار بان لها معان وتصاريف غير مخالفة للواقع ففيها ايماء إلى أن ما عدى الرواية التي فيها الامر بإحدى وخمسين كلها من هذا القبيل والله العالم تنبيهات الأول قال صاحب المدارك قدس سره المشهور بين الأصحاب ان نافلة الظهر ثمان ركعات قبلها ونافلة العصر ثمان ركعات قبلها وقال ابن الجنيد يصلي قبل الظهر ثمان ركعات وثمان ركعات بعده منها ركعتان نافلة العصر ومقتضاه ان الزائد ليس لها وربما كان مستنده رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر وست ركعات بعد الظهر وركعتان قبل العصر وهي لا تعطي كون الستة للظهر مع أن في روايتي البزنطي انه يصلي اربع بعد الظهر وأربع قبل العصر وبالجملة فليس في الروايات دلالة على التعيين بوجه وانما المستفاد منها استحباب صلاة ثمان ركعات قبل الظهر وثمان بعدها وأربع بعد المغرب من غير إضافة إلى الفريضة فينبغي الاقتصار في نيتها على ملاحظة الامتثال بها خاصة انتهى أقول لا ريب ان الامر المتعلق بالنوافل ليس امرا غيريا ناشئا من كون الفريضة مسبوقة أو ملحوقة بنافلة شرطا لكمالها بان يكون حال النافلة حال الأذان والإقامة في كونها بمنزلة الأجزاء المستحبة للصلاة بل هي عبادات مستقلة قد تعلق الامر بايجادها في أوقات معينة قبل فعل الفرائض أو بعدها فلها نحو تعلق بأوقاتها وبالفرائض التي اعتبر الشارع وقوعها قبلها أو بعدها فيصح بأعيان تلك العلاقة اضافتها إلى وقتها أو إلى الفريضة المرتبطة بها فإنه يكفي في الإضافة أدنى مناسبة فلا يهمنا تحقيق ان اضافتها إلى الفرض من قبيل إضافة المسبب إلى سببه وان حكمة تعلق الامر بها المناسبة المتحققة بين الفرائض وبينها المقتضية لتشريعها وان اضافتها إلى الوقت كذلك فان الآتي بهما سواء أضافها إلى الوقت أو إلى الفرض لا ينوي بفعلها الا النافلة المعهودة المسنونة التي تعلق الامر الشرعي بايجادها في ذلك الوقت قبل الفرض أو بعده فاضافتها إلى الوقت أو إلى الفرض انما هي لكونها معرفة لتلك المهية ومميزة إياها عن غيرها وبها يحصل التمييز فتصح معها العبادة من غير حاجة إلى تحقيق السبب ولا إلى معرفة ان الشارع اطلق عليها نافلة الوقت أو سماها نافلة الفرض هذا ولكن الذي يقوى في النظر بالنظر إلى ظواهر كلمات الأصحاب حيث أضافوها إلى الفرض وبالتدبر في الأخبار الواردة في حكمة
(٥)