مسجد فما أصاب الأرض منه فقد أجزأك فإنها مشعرة في انحصار ما يعتبر السجود عليه من الوجه بالجبهة إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات مضافا إلى ما عن غير واحد من دعوى الاجماع عليه فما عن ظاهر الصدوق وفي الفقيه والهداية من القول بوجوبه ضعيف وهل يتوقف تأدية السنة على وضع طرف الأنف الاعلى وهو مما يلي الحاجبين أو الأسفل أو يتأتي بوضع شئ من الانف على الأرض مطلقا احتمالات بل أقوال فعن السيد في جمل العلم والعمل والحلي في السرائر الأول وعن ابن الجنيد الثاني ونسب إلى الأكثر الثالث ومستند الأخير اطلاق النصوص الدالة عليه ولا يبعد ان يدعى ان المتبادر من المطلقات إرادة وضع طرف الأنف الأسفل الذي من شانه الوصول إلى الأرض حين السجود فالقول بتعينه كما حكى عن ابن الجنيد غير بعيد الا ان يدعى ان انصرافها بدوي منشأه غلبة الوجود وكيف كان فمراعاته أحوط واما القول بتعين الطرف الأعلى فلم يتضح مستنده ولعله لخبر عبد الله بن الفضل عن أبيه المروي عن العيون في حديث طويل انه دخل على أبي الحسن موسى عليه السلام قال فإذا انا بغلام اسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين انفه من كثرة السجود والعرنين على ما قيل طرف الأنف الاعلى وفيه بعد تسليم سنده انه لا يدل على تعينه ثم إن معنى ارغام الانف لغة كما صرح به غير واحد الصاقه ووضعه على الرغام بالفتح وهو التراب ولكن حكى عن جملة من الأصحاب التصريح بان السنة تتأدى بوضع الانف على مطلق ما يصح السجود عليه بل ربما يستشعر من بعضهم كونه مفروغا عنه مثل ما عن الروض قال الارغام بالأنف هو الصاقه بالرغام وهو التراب والمراد هنا السجود عليه ووضعه على ما يصح السجود عليه وفي المسالك الارغام بالأنف هو السجود عليه مأخوذ من الرغام بفتح الراء وهو التراب وتتأدى السنة بوضعه على ما يصح السجود عليه وان كان التراب أفضل انتهى وربما يؤيد ذلك وقوع التعبير عنه في صحيحة حماد بوضع الانف على الأرض التي هي أعم من التراب ويؤيده أيضا بل يشهد له قوله عليه السلام في المرسل المتقدم لا صلاة لمن لم يصب انفه ما يصيب جبينه وفي الموثق المتقدم لا يجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين وحملهما على إرادة خصوص التراب بعيد وربما يشهد له أيضا معهودية الخمرة في عصر النبي والأئمة عليه وعليهم السلام وتعارفه لديهم كما يظهر ذلك من الاخبار المروية من طرق الخاصة والعامة ففي بعض الأخبار انها سنة وفي خبر حمران عن أحدهما قال كان أبي يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة والخمرة على ما ذكروه في تفسيرها هي سجادة صغيرة معمولة من السعف فيكشف ذلك عن أن السنة كانت تأدي به والا يلزمه مواظبتهم على ترك هذه السنة وهو بعيد فما ذكروه من تأدية السنة بوضع الانف على مطلق ما يصح السجود عليه هو الأظهر بل في الحدائق حكى عن بعض مشائخه المتأخرين انه احتمل الاكتفاء بما يقع عليه سائر المساجد وهو غير بعيد ولكنه خلاف ما يقتضيه الجمود على ظواهر النصوص والفتاوي فيشكل التعبد به والله العالم ويظهر من بعض الأصحاب ان الارغام بالأنف غير السجود على الانف وانهما سنتان فعن شيخنا البهائي في تفسير حديث حماد من كتاب الأربعين أنه قال وما تضمنه الحديث من سجوده على الانف الظاهر أنه سنة مغايرة للارغام المستحب في السجود فإنه وضع الأنف على الرغام بفتح الراء وهو التراب والسجود على الانف كما روى عن علي عليه السلام لا يجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين يتحقق بوضعه على ما يصح السجود عليه وان لم يكن ترابا وفيه ان سوق التعبير الصادر عن الإمام عليه السلام الذي نقله عنه حماد في هذه الصحيحة على ما رواه في الكافي وهو قوله عليه السلام سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وهي الجبهة والكفان والركبتان والابهامان ووضع الانف على الأرض سنة مشعر بأنه ليس على الانف سجود كما وقع التصريح به في خبر ابن مصادف المتقدم وان المقصود بهذه العبارة ليس الا ما اراده أبو جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة بقوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة عظم الجبهة واليدين والركبتين والابهامين من الرجلين وترغم بانفك ارغاما اما الفرض فهذه السبعة واما الارغام بالأنف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله واما اطلاق اسم السجود عليه في كلام حماد حيث قال فسجد على ثمانية أعظم فلا عبرة به كي يستكشف منه استحبابه بعنوان كونه سجودا لا ارغاما للأنف كما لا يخفى نعم لو قيل بان اصابه الانف لما يصيبه الجبين مستحب مستقل جمودا على ما يتراءى من الخبرين المتقدمين لا يخلو عن وجه وان كان الأوجه جعل الجميع عبائر مختلفة عن حكم واحد فيستكشف من اختلافها عدم مدخلية بعض الخصوصيات في الحكم وان السنة تتأدى بوضع الانف على جنس ما يقع عليه الجبهة لا شخصه فليتأمل و يستحب ان يدعو في السجود امام التسبيح باجماع العلماء كما عن المعتبر والمنتهى وكفى به دليلا لمثله وينبغي ان يكون بما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سجدت فكبر وقل اللهم لك سجدت وبك امنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره الحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ثم قل سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات بل الظاهر عدم اختصاص استحبابه بما ذكر بل يستحب الدعاء في السجود مطلقا للدين والدنيا كما يقتضيه اطلاق المتن ويشهد له جملة من الاخبار الحاكية للقول أو الفعل ففي الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وهو ساجد أسئلك بحق حبيبك محمد الا بدلت سيئاتي حسنات وحاسبني حسابا يسيرا ثم قال في الثانية أسئلك بحق حبيبك محمد الا كفيتني مؤنة الدنيا وكل هول دون الجنة وقال في الثالثة أسئلك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل وقبلت من عملي اليسر وقال في الرابعة أسئلك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله لما أدخلتني الجنة وجعلتني من سكانها ولما نجيتني من سعفات النار أقول عن الجوهري سعفته النار والسموم إذ الفحته لفحا يسيرا فغيرت لون البشرة وعن زيد الشحام عن أبي جعفر عليه السلام قال ادع في طلب الرزق في المكتوبة وأنت ساجد يا خير المسؤولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك فإنك ذو الفضل العظيم وعن بعض النسخ من فضلك الواسع إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه وربما يظهر من بعضها ان استحبابه فيه لا لكونه من الأجزاء المستحبة بل لكونه أقرب ما يكون العبد إلى الله ففي خبر عبد الله المروي
(٣٥٠)