على القول بانصراف أدلة القيام (إلى القيام) الاستقلالي إلى نظر إلى الانصراف ان سلم فهو بالنسبة إلى بعض الأخبار المطلقة التي وقع فيها القيام في حيز الطلب وقوله عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة حاكم على مثل هذه المطلقات ولذا تقيدها في سائر أحوال الصلاة بالعمد فيشكل حينئذ استفادة اعتباره حال السهو بالنسبة إلى خصوص حال التكبير من تلك المطلقات فعمدة مستند الحكم باعتباره حال السهو في الحقيقة هو الاجماع وبعض الأخبار الخاصة كموثق عمار الذي يشكل دعوى الانصراف فيه فتأمل الثاني حكى عن ظاهر المحقق الثاني في جامع المقاصد عدم جواز الاستناد في النهوض أيضا ولعله لدعوى تبادر ايجاد القيام من غير استعانة من أوامره وفيه بعد تسليم الصغرى ان النهوض من المقدمات الصرفة كما في الركعة الأولى فيكفي تحققه ولو من غير قصد فضلا عما لو أوجده مستعينا بشئ هذا مع أن ذيل صحيحة علي بن جعفر المتقدمة نص في جوازه فلا ينبغي الاستشكال فيه الثالث انه بناء على شرطية الاستقلال كما هو المشهور هل يعتبر الاعتماد على الرجلين معا قولان أشهرهما على ما في الجواهر الأول للأصل والتأسي ولأنه المتبادر المعهود ولعدم الاستقرار وفي الجميع ما لا يخفى اللهم الا ان يريدوا بالاعتماد عليهما الوقوف عليهما لا على واحدة فإنه لا ينبغي التأمل في عدم جوازه بل عن بعض نفي الخلاف فيه بل دعوى الوفاق عليه لمخالفته لما هو المتبادر من أدلة القيام وما في خبر عبد الله بن بكير عن الصادق عليه السلام المروي عن قرب الإسناد ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما عظم أو ثقل كان يصلي وهو قائم ويرفع احدى رجليه حتى انزل الله سبحانه طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى فوضعها فهو غير مناف لما ذكر إذ الآية لا تدل على مشروعيته بعد نزولها بل ربما يستشعر منها كونها ناسخة لذلك الحكم لا مرخصة في تركه هذا مع ما فيه من ضعف السند بل قد يقوى في النظر عدم كفاية مجرد مماسة أحدهما للأرض بل عن البحار انه المشهور لكونه خلاف المتبادر من الأدلة هذا ولكن الانصاف ان انصراف أدلة القيام عن مثل هذا ان سلم فبدوي ولا عبرة به كما ربما يؤيده خبر أبي حمزة عن أبيه قال رأيت علي بن الحسين عليه السلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام حتى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى وظهوره في النافلة غير قادح بذكره في مقام التأييد وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في عدم اعتبار التساوي في الاعتماد فإنه مع مخالفته للأصل خلاف ما يقتضيه اطلاقات الأدلة ولعل القائلين باعتبار الاعتماد على الرجلين أيضا لا يريدونه بل غرضهم بيان عدم كفاية مجرد المماسة كما هو صريح غير واحد ولكنك عرفت ان هذا أيضا لا يخلو عن تأمل كما أن ما صرح به بعض من وجوب الوقوف على أصل القدمين لا على الأصابع للتبادر المزبور مع اخلاله بالاستقرار غالبا لا يخلو أيضا عن تأمل لما أشرنا إليه من أن مثل هذه الانصرافات انصرافات بدوية منشأها غلبة الوجود والا فالقيام على رؤس الأصابع من أوضح مصاديق القيام بعد التفات الذهن إليه أو وجوده في الخارج وفي خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام انه كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم على أصابع رجليه حتى نزل طه وعن علي بن إبراهيم في تفسيره باسناده عن أبي بصير مثله الا أنه قال كان يقوم على أصابع رجليه حتى تورم وربما يستدل بهذه الرواية لعدم جوازه بالتقريب الذي تقدمت الإشارة إليه دعوى ظهور الرواية في نسخ ذلك الحكم وفيه انه لو سلم ظهورها في ذلك فهذا لا يقتضي الا عدم مشروعية هذه الكيفية من حيث هي لا حرمتها ما لم يكن بقصد التشريع فلا ينافي ذلك جوازه من حيث كونه من جزئيات القيام التي يكون اختيارها موكولا إلى إرادة المكلف فليتأمل الرابع قد أشرنا انفا إلى أن اعتبار الاستقلال في القيام انما هو مع القدرة عليه لا مطلقا كي يسقط التكليف به لدى انتفائها فمع العجز يجب عليه ان يعتمد على ما يتمكن معه من القيام بلا خلاف فيه ولا اشكال إذ لو سملنا انصراف الأدلة إلى القيام الاستقلالي فإنما هو في حق القادر لا مطلقا مع أنه يكفي لاثباته في الفرض قاعدة الميسور مضافا إلى شهادة الخبرين المتقدمين الذين هما العمدة لاثبات هذا الشرط بذلك وربما يستدل له ولنظائره أيضا بعموم قوله عليه السلام كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر وقوله عليه السلام في رواية سماعة ما من شئ حرم الله تعالى الا وقد أحله لمن اضطر إليه وفيه ان هذا النحو من الأدلة انما تنفي التكليف بالشرط لدى العجز لا وجوب الاتيان بالمشروط بدونه فليتأمل ولو قدر على القيام في بعض الصلاة وجب ان يقوم بقدر مكنته من غير خلاف يعرف كما اعترف به بعض ويشهد له النبوي المرسل إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم والعلويان المرسلان الميسور لا يسقط بالمعسور وما لا يدرك كله لا يترك كله مضافا إلى امكان استفادته من نفس أدلة القيام حيث إن المتبادر من أدلته ان طبيعة القيام كالاستقبال والستر معتبرة في الصلاة من أولها إلى اخرها عدى المواضع التي لا يجب فيها القيام بمعنى ان المعتبر في الصلاة على ما هو المنساق من دليله هو ان يأتي المصلي بصلاته عن قيام مهية القيام من حيث هي هي المعتبرة في جميع الصلاة عدى ما استثنى لا القيام المقيد بكونه في الجميع لوحظ جزء واحدا كي يتوقف اثبات وجوب ما تيسر منه عند تعذر بعضه على القواعد المزبورة بل قضية تعليق الوجوب على طبيعة القيام من حيث هي ما دام كونه مصليا هي وجوب الاتيان بما تيسر منه بعد العلم بان الصلاة لا يسقط بحال حيث إن مقتضاه كون القيام عند كل جزء من حيث هو مع قطع النظر عن سابقه ولاحقه معتبرا في الصلاة فابعاض القيام حالها حال سائر اجزاء الصلاة وشرائطها التي يفهم عدم سقوطها لسقوط جزاء أو شرط اخر مما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال ومما يؤيد المدعى بل يشهد له من استقلال ابعاض القيام بالحكم الأدلة الخاصة الواردة في ابعاضه مثل ما دل على وجوبه حال التكبير واشتراط التكبير به وكذا القراءة وكذا قبل الركوع وبعده فان لكل منهما دليل خاص يدل على اعتباره من حيث هو اما جزء من الصلاة أو شرط للجزء الواقع حاله كالتكبير والقراءة من غير مدخلية سائر الأجزاء فيه فليتأمل واستدل أيضا للمطلوب بظهور قوله عليه السلام في صحيحة جميل إذا قوى فليقم في وجوب القيام عليه وقت قوته عليه وهو عين ما في المتن وفيه تأمل فان الصحيحة بظاهرها مسوقة لبيان الحد الذي يجب معه الصلاة قائما قال جميل سئلت أبا عبد الله عليه السلام ما حد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا فقال إن الرجل ليوعك ويحرج ولكنه اعلم بنفسه إذا قوى فليقم فيشكل التمسك باطلاقهما لما نحن فيه
(٢٥٨)