أوجبه في الركوع لا حال الرفع غاية الأمر انه ثبت اشتراطه بالطمأنينة لدى التمكن فسقوط شرطية الطمأنينة لأجل الضرورة لا يقتضي ارتفاع شرطية كونه في الركوع الذي هو ميسور له كما لا يخفى الواجب الثالث رفع الرأس منه بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له جملة من الاخبار منها المستفيضة الواردة في كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وآله في المعراج التي هي الأصل في شرع الصلاة وكيفتها ففيها ان الله تعالى أوحى إليه بعد ان ركع ان ارفع رأسك من الركوع وفي صحيحة حماد بعد ذكر الركوع ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام قال سمع الله لمن حمده الحديث وفي النبوي المتقدم المروي عن الذكرى ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك وفي خبره الاخر عن أبي عبد الله عليه السلام أيضا قال إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه فلا يجوز ان يهوى للسجود قبل انتصابه منه الا لعذر واما مع العذر فيسقط اعتباره لانتفاء التكليف بغير المقدور وعدم سقوط الصلاة بحال وكذا مع النسيان وحكى عن الشيخ في الخلاف القول بركنيته ولعله لعموم نفي الصلاة بدونه في الخبر المزبور وفيه انه لابد من تخصيص هذا العموم بالعامد ونحوه لحكومة قوله عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة وغيره من المستفيضة الدالة على إناطة صحة الصلاة بمحافظة الركوع والسجود عن النسيان على سائر العمومات المثبتة للشرائط والاجزاء وكون ظاهر الدليل في خصوص المقام إرادة نفي الحقيقة من حيث هي المقتضى لعمومه لحال النسيان لا يقدح في الحكومة المزبورة كما لا يخفى على المتأمل وقد تقدم التنبيه عليه في نظيره لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فلاحظ فلو هوى للسجود من قبل انتصابه لعذر أو نسيانا فارتفع العذر أو ذكر قبل وضع الجبهة على الأرض فعن غير واحد من الأصحاب منهم العلامة في التذكرة انه يجب عليه تداركه وربما يستشعر من الجواهر الميل إليه واختاره صريحا شيخنا المرتضى رحمه الله معللا له ببقاء الامر والمحل وفيه ان هذا انما يتجه لو ثبت مطلوبية مطلق القيام عقيب فعل الركوع كي يمكن تداركه بعد هويه إلى السجود وخروجه عن حد الراكع وهو مما لم يثبت بل الثابت نصا وفتوى هو وجوب رفع الرأس من الركوع حتى يعتدل قائما وليس وجوبه مقدميا للقيام الحاصل عقيبه والا لجاز الاخلال به عمدا على وجه لا ينافيه حصول القيام بعد الركوع كما لو جلس من الركوع أو هوى للسجود عمدا ثم قام وهو خلاف ظاهر النص والفتوى واحتمال كون نفس القيام معتدلا من حيث هو أيضا واجبا اخر كما ربما يؤمي إليه قوله عليه السلام إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك مدفوع بالأصل وليس في الخبر المزبور دلالة على مطلوبية إقامة الصلب من حيث هي بل مطلوبيتها في القيام الحاصل من رفع الرأس من الركوع فما قواه شيخنا الشهيد في محكى الذكرى حاكيا عن المبسوط من في لوجوب معللا بسقوط التكليف به حال العذر وخروج محله عند زواله لا يخلو عن وجه فوجوب العود يحتاج إلى دليل وهو مفقود فمقتضى الأصل براءة الذمة عنه ولا يدفعه استصحاب بقاء التكليف بالرفع والاشتغال بالصلاة كما ذكره شيخنا المرتضى رحمه الله لما عرفت من تغير الموضوع المانع عن جريان الاستصحاب واما استصحاب الاشتغال بالصلاة وقادته فالحق عدم جريانه في مثل المقام كما حققناه في محله تبعا له وكذلك الكلام في مسألة ما لو أتم الركوع فسقط التي حكى عن الشيخ فيها أيضا الحكم بعدم العود لأصالة البراءة وان كان قد يقوى في النظر وجوب تداركه في هذا الفرض نظرا إلى عدم كون السقوط القهري لدى العرف معدودا من افعاله المنافية لصدق حصول الرفع من الركوع عند تداركه فالقول بوجوبه حينئذ ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط بل لا ينبغي ترك الاحتياط بتداركه في الفرض الأول أيضا إذ لا يترتب على ايجاده من باب الاحتياط مفسدة كما لا يخفى نعم قد يشكل الامر فيما لو سقط قبل اكمال الذكر فإنه قد يقال بان عوده على ما كان لأجل اكمال الركوع والرفع عنه يستلزم زيادة الركن ولكنه لا يخلو عن نظر إذ الظاهر عدم صدق زيادة الركوع إذا كان عوده على ما كان ببقائه بهيئة الراكع ولكن الأحوط إعادة الصلاة بعد اتمامها كما أن الأحوط بل الأقوى ذلك لو مضى في صلاته من غير أن يتدارك ما فاته من الاكمال والرفع والله العالم ولو افتقر في انتصابه إلى ما يعتمده وجب تحصيله ولو بأجره لا تضر بحاله للمقدمية كما في سائر أحوال الصلاة ولا فرق في جميع ذلك بين الفريضة والنافلة لاطلاق النص والفتوى وحكى عن العلامة في النهاية أنه قال لو ترك الاعتدال في الرفع من الركوع أو السجود في صلاة النفل عمدا لم تبطل صلاته لأنه ليس ركناه في الفرض فكذا في النفل انتهى ولا يخفى ما في هذا الدليل فإنه بظاهره ظاهر الفرد كما اعترضه بذلك جل من تأخر عنه فان عدم كونه ركنا لا يقتضي جواز الاخلال به عمدا كما في المقيس عليه فكأنه يرى أن من لوازم في لركنية صحة النافلة بدونه حيث إنه يستكشف من صحة الفريضة عند نسيان جزء أو تركه لعذر ان للصلاة الفاقدة له مرتبة من المصلحة مقتضية لطلبها إذ الظاهر أن تعذر الجزء أو نسيانه لا يحدث مصلحة في فاقدته بل ينفي التكليف عن واجدته فيتعلق الامر حينئذ بفاقدته لكونها من الميسور الذي لا يسقط بالمعسور لا تكليفا جديدا فصحة الفاقدة لدى الضرورة والنسيان كاشفة عن أن لها من حيث هي مرتبة من المصلحة مقتضية للامر بها ولكن منعها عن التأثير في الفريضة لزوم الاتيان بالواجدة فإنه يمتنع معه الامر بالفاقدة أيضا وحيث لا لزوم في النافلة فلا مانع عن مطلوبية كل منهما على سبيل الشدة والضعف كما في كثير من المطلقات والمقيدات الواردة في المستحبات فلاحظ وتدبر فإنه لا يخلو عن جودة وان كان الالتزام به في الاحكام التعبدية خصوصا مع مخالفته لظاهر النص (والفتوى لا يخلو عن اشكال والله العالم) الواجب الرابع الطمأنينة في الانتصاب بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وهو ان يعتدل قائما ويسكن ولو يسير ويمكن الاستدلال له مضافا إلى الاجماع بقوله عليه السلام في خبر أبي بصير المتقدم إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك وفي خبره الآخر فأقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لم يقم صلبه وفي النبوي المتقدم ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما بدعوى ان المتبادر من هذه العبائر إرادة استقراره على حالة الاعتدال وإقامة الصلب لا مجرد انهاء الرفع إليه ولعله إلى هذا يرجع ما في المدارك من الاستدلال
(٣٣٠)