انما هي بالنسبة إلى الشرائط الاختيارية دون الاجزاء الا ان يتمسك بفحوى تقديم الوقت على كثير من الشرائط التي علم أنها أهم في نظر الشارع من السورة انتهى ولا يخفى عليك ان قضية ما ادعيناه من قصور ما دل على الوجوب عن شمول صورة الضيق ونحوه كون تركها لدى الضيق عزيمة كما أشار إليه شيخنا المرتضى رحمه الله في عبارته المتقدمة إذ لا يعقل الرخصة في فعلها المستلزم لفوات الواجب المضاد لها وهو الاتيان بسائر الاجزاء قبل خروج وقتها ولكن لو قرئها لم تبطل صلاته على اشكال في بعض فروضه كما ستعرفه في مسألة ما لو قرأ سورة طويلة يفوت بها الوقت وكيف كان فمحل السورة سواء قلنا بوجوبها أو استحبابها انما هو بعد الفاتحة نصا واجماعا بل ضرورة ولو خالف الترتيب وقدم السورة على الحمد أعادها أو غيرها بعد الحمد عامدا كان أم ساهيا وحكى عن الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم القول ببطلان صلاته مع العمد بل في الجواهر لم أجد أحدا صرح بالصحة قبل الأردبيلي فيما حكى عن مجمعه وبعض اتباعه ويحتمل كون اطلاق المتن منزلا على غير صورة العمد كما يؤيد هذا الاحتمال تصريحه باستيناف الصلاة فيما لو خالف الترتيب المعتبر بين كلمات الحمد وآياتها عمدا مع أن المسئلتين بحسب الظاهر من واد واحد فلا يعقل فرقا بينهما اللهم الا لن ينزل اطلاق حكمه باستيناف الصلاة في تلك المسألة على ما لو كان الاخلال بالترتيب موجبا لخروج الكلام عن القرآنية ودخوله في كلام الآدميين وكيف كان فعمدة مستند القول بالبطن انه ان أعادها بعد الحمد فقد زاد في صلاته عمدا فيعمه ما دل على أن من زاد في صلاته فعليه الإعادة والا فقد نقص في صلاته وقد يستدل له أيضا بان تقديم السورة على الحمد تشريع فتندرج بذلك في الكلام المحرم الذي ادعى الاجماع على كونه مبطلا للصلاة وبانه لا خلاف في حرمة تقديم السورة على الفاتحة والنهي في العبادة يستدعي فسادها من غير فرق بين ان يكون النهي متعلقا بنفسها أو بجزئها لأن مال الأخير أيضا إلى النهي عن العبادة المشتملة على هذا الجزء وان شئت قلت إن الصلاة المشتملة على مخالفة الترتيب منهى عنها فلا تصح وفي الجميع نظر كما يظهر وجهه بمراجعة ما أسلفناه في مسألة ما لو اتى بشئ من افعال الصلاة رياء ثم تداركه قبل فوات محله فلا نطيل بالإعادة وقد يستدل له أيضا بحصول القران وفيه بعد تسليم حرمة القران ومبطليته للصلاة فهو غير صادق على مثل المقام خصوصا على تقدير إعادة تلك السورة التي قدمها على الفاتحة بعينها كما ستعرف تحقيقه إن شاء الله فالأقوى عدم بطلان الصلاة بتقديم السورة مع العمد أيضا فضلا عن السهو واما مع السهو فلا شبهة بل لا خلاف فيه ويشهد له أيضا مضافا إلى الاجماع وفحوى ما عرفته في العمد عموم قوله عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة الخ وخصوص خبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد انه سأل أخا عن رجل افتتح الصلاة فقرء سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة قال يمضي في صلاته ويقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل وما في ذيل الخبر من الامر بقراءة الفاتحة فيما يستقبل بحسب الظاهر مسوق لبيان كيفية المضي في صلاته دفعا لتوهم الاكتفاء بما مضى بانيا على مضي محل الفاتحة فكأنه قال يمضي في صلاته مبتدئا من الفاتحة واحتمال ان يكون المراد به انه يقرء الفاتحة فيما يستقبل من الركعات ويكتفي بما قرأه في هذه الركعة مع كونه تأويلا بلا شاهد ومخالفته بحسب الظاهر للاجماع منفي بالأدلة الدالة على وجوب تدارك الحمد ما لم يركع كموثقة سماعة الآتية وغيرها من الأدلة الدالة عليه ونظيره في الضعف احتمال إرادة الاكتفاء بالفاتحة وحدها في هذه الركعة من غير إعادة السورة إذ ليس في الخبر اشعار بهذا فضلا عن الدلالة عليه فيبقى استصحاب بقاء التكليف بقراءة السورة سليما عن المعارض نعم قد يتوهم ان مرجع تقديم السورة نسيانا إلى نسيان الحمد قبلها فهو حين قراءة السورة غير مكلف بقراءة الحمد لا تكليفا ولا وضعا اما الأول فواضح واما الثاني فلاختصاص جزئية الحمد بحال التذكر فالسورة عند قرائتها وقعت مطابقة لأمرها وتذكره للحمد فيما بعد لا يوجب انقلاب السورة مما وقعت عليه وفيه ان المفروض تذكره للحمد قبل فوات محله فلم ينتف جزئيته لهذه الصلاة كي تقع السورة في محلها فوقوعها موافقة لأمرها عند نسيان الفاتحة مراعى بعدم تذكره لها قبل فوات محلها والا لوقعت السورة قبلها لا في محلها وهي يكتفي في الصورتين اي في حال العمد والسهو بإعادتها أو غيرها بعد الحمد كما هو ظاهر المتن وصريح المدارك أم عليه استيناف القراءة لو كان رجوعه عن قصد التشريع أو تذكره لمخالفة الترتيب بعد تلبسه بقراءة الفاتحة أو فراغه منها وجهان بل قولان من أن الاخلال بالترتيب كما يوجب تقديم المتأخر كذلك يوجب تأخير المتقدم فلا يتحقق معه عرفا صدق البدأة بفاتحة الكتاب في قرائته لو لم يستأنفها مع أنه يعتبر في صحة الصلاة صدق هذا العنوان كما شهد له صحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الذي لا يقرء فاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يبدء بها في جهر أو اخفات وموثقة سماعة قال سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب قال فليقل أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم ثم ليقرأها ما دام لم يركع فإنه لا قراءة حتى يبدء بها في جهر أو اخفات ومن أن المراد بالبدأه بفاتحة الكتاب على ما ينسبق إلى الذهن انما هو تقديمها على غيرها من القران الواجب قرائته في الصلاة اي الاتيان بها قبل السورة من غير أن يكون عنوان الابتدائية أو القبلية قيدا في مهية المأمور به كي يجب قصده و هذا المعنى يتحقق بإعادة السورة بعد الحمد بعد الغاء ما قرأه أولا هذا مع أن المقصود بالروايتين بيان بطلان الصلاة أو القراءة العارية عن الفاتحة التي محلها الموظف شرعا في ابتداء القراءة المعتبرة في الصلاة لا بيان اعتبار وصف الابتدائية من حيث هي للفاتحة كي ينافيه تأخرها عن قراءة غير معتد بها وكيف كان فهذا هو الوجه الأقوى ولكن قد يقال بوجوب الاستيناف في العامد نظرا إلى في لاعتداد بما اتى به من الفاتحة وغيرها من افعال الصلاة ما لم يرتدع عما قصده من مخالفة الترتيب فها قصد المخالفة ينافي العزم على الصلاة الصحيحة المبرئة للذمة فلا يتحقق معه استدامة النية المعتبرة في الصلاة وحيث انا قد حققنا في محله ان استدامة النية انما تعتبر حال التلبس بافعال الصلاة لا مطلقا فلو اكتفى بالفاتحة التي قرأها قبل ان يرتدع عن قصده بطلت صلاته لاختلال شرطها وان تداركها قبل فوات محلها صحت إذ لا يلزم منه الا شبهة الزيادة العمدية وغيرها مما عرفت عدم قادحيتها للصحة ويمكن دفعه يمنع التنافي
(٢٨٩)