وجوب الإعادة الا على القول بالأصل المثبت الذي هو خلاف التحقيق ولكنك ستعرف اندفاعهما بما لا يهمنا الإطالة في ايضاحه في المقام الذي لا حاجة لنا إلى مثل هذه الأصول واما في الثاني بعد الغض عن بعض المناقشات في دلالة الآية على أصل الحكم فبأن العموم انما يصح التمسك به بعد احراز كون رفع اليد عن هذه الصلاة ابطالا فلعله بطلان وانقطاع لا قطع وابطال وبهذا ظهر عدم صحة التمسك باستصحاب حرمة قطع الصلاة وابطالها للشك في تحقق موضوعها بعد نية الخروج مع أنه لو سلم لا يجدي في اثبات صحتها الا على القول بالأصل المثبت كما لا يخفى واما لا تعاد الصلاة فهي مسوقة لبيان عدم اختلال الصلاة بالاخلال بشئ مما اعتبر في الصلاة مما عدى الخمسة سهوا كما بين في محله فهو أجنبي عما نحن فيه واما قوله تحليلها التسليم فهو مسوق لبيان الصلاة المستجمعة لشرائط الصحة بتحقق الخروج عنها بالتسليم لا حصر مبطلات الصلاة وقواطعها بالتسليم واما ما ذكر ثانيا في تقريب الاستدلال من أن التسليم مسبوق قصد الخروج فيجب ان لا يكون قصده موجبا للخروج ففيه ان التسليم مسبوق بنية الخروج به لا مطلقا وكيف كان فعمدة المستند هي في لدليل على اعتبار استمرار النية بالمعنى المزبور والرجوع على تقدير الشك فيه أو في مانعية نية الخروج إلى البراءة ان قلنا برجوع الشك في المانعية أيضا إلى الشك في شرطية العدم والا ففيه إلى اصالة في لمانع كما تقرر في محله وتقدم في مسألة الصلاة فيما يشك في كونه مما لا يؤكل لحمه مزيد توضيح وتحقيق لذلك فراجع ومما ذكرنا يظهر الحال فيما لو تردد في القطع وعدمه فإنه أولى بالصحة مما لو نوى الخروج نعم بناء على اعتبار استمرار النية بالمعنى المبحوث عنه اتجه البطلان فان المتردد في الشئ ليس بعازم عليه اللهم الا ان يفسر الاستدامة الحكمية التي اعتبرها المشهور بعدم قصد ما ينافي النية الأولى فعلى هذا ليس التردد في القطع منافيا لها إذ لا يتحقق معه قصد غير الصلاة كما هو واضح هذا كله فيما لو لم يأت بشئ من افعال الصلاة ما دام ناويا للخروج أو مترددا في القطع واما لو اتى بشئ منها والحال هذه فلا يقع ذلك جزء من صلاته اما على الأول فواضح لما عرفت من اشتراط انبعاث اجزاء الصلاة بأسرها عن قصد إطاعة امرها وهذا ممتنع في حق من ليس بعازم على الصلاة فضلا عما إذا كان عازما على العدم فيجب ان يكون صدوره عنه اما لا عن اختيار أو بداع اخر غير إرادة امتثال الامر بالكل فلو اقتصر عليه بعد ان رجع إلى نيته الأولى فسدت صلاته من حيث النقيصة ولو اتى به ثانيا فقد يقال أيضا ببطلانها لاستلزامه الزيادة العمدية وفيه نظر بل منع لما ستعرف في محله من اعتبار قصد الجزئية في تحقق عنوان الزيادة وهو منتف في الفرض وتمام الكلام فيه وفي دفع بعض النقوض الواردة عليه موكول إلى محله واما على الثاني وهو ما لو اتى بشئ من افعالها مع التردد في القطع فكذلك على المشهور من اشتراط الجزم في النية في صحة العبادة ولكنك عرفت في نية الوضوء انه لا يخلو عن تأمل فان بنينا على عدم اعتبار الجزم في النية ولم نعتبر استدامتها بالمعنى المتقدم اتجه القول بكفاية ما اتى به حال التردد في القطع إذ لا يصدر منه الجزء في هذا الحال الا بقصد جزئيته للصلاة المأتى بها بنية التقرب على تقدير عدم قطعها فلا قصور في عزمه الا من حيث الجزم فليتأمل ولو نوى في الركعة الأولى مثلا الخروج في الثانية فعن القواعد ان الوجه في لبطلان ان رفض هذا القصد قبل البلوغ إلى الثانية وهو بظاهره بل صريحه يشمل صورة الاشتغال وهو ضعيف كما ذكره شيخنا المرتضى رحمه الله لمنافاته لاستمرار النية بالمعنى الذي لا خلاف في اعتباره في صدق الإطاعة من اشتراط انبعاث اجزاء الصلاة بأسرها عن قصد إطاعة الامر بالكل بان يكون داعية على الاتيان بالاجزاء التوصل بها إلى حصول الكل الذي قصد امتثال امره فالعازم على قطع الصلاة في الثانية يكون كالعازم على الاكتفاء ببعض الصلاة عن أول الأمر في عدم كون ما يصدر منه منبعثا عن قصد امتثال الامر بالكل فلا يصح وبحكمه ما لو علقه على امر معلوم الوقوع كما أنه بحكم التردد في القطع ما لو علقه على امر محتمل الوقوع وقد أشرنا انفا إلى امكان الالتزام بصحة الاجزاء الصادرة منه في حال التردد بناء على عدم اعتبار الجزم في النية ففي المقام أولى بذلك حيث إنه بالفعل قاصد للصلاة هيهنا وقصده للقطع تقديري بخلاف ما لو كان بالفعل مترددا في القطع فإنه بالفعل ليس بقاصد لها إذ المفروض انه متردد في القطع وعدمه ولكن يأتي بالجزء بقصده جزئيته لها على تقدير في لقطع فقصده للصلاة حينئذ تقديري لا تحقيقي ولذا لا يخلو الجزم بصحته ولو على تقدير عدم اعتبار الجزم في النية عن اشكال ثم انا لو قلنا ببطلان ما صدر منه حال تعليق القطع على امر محتمل الوقوع فليس منه تعليقه على ما يمتنع الامتثال معه عقلا أو شرعا كتعليقه على الموت أو الحيض فان مثل هذا التعليق مما لا بد منه مع الالتفات وهو لا ينافي حصول الإطاعة على تقدير عدمه ولو علقه على ما لا يحتمل وقوعه فهو بحكم العدم لأنه لا ينافي الجزم في الإطاعة فضلا عن قصدها والله العالم وكذلك أ لو نوى ان يفعل ما ينافيها كالتكلم والحدث ونحوه مما تعرفه إن شاء الله ولم يفعله لم تبطل صلاته كما عن الشيخ وغيره بل ربما نسب إلى أكثر الأصحاب وعن القواعد اختياره على اشكال ولعل استشكاله فيما إذا كان متذكرا للمنافاة واما مع الجهل بها أو الذهول عنها فلا ينبغي الاستشكال فيه اللهم الا ان يدعى أو خلو العبادة عن الموانع من الشرائط المعتبرة في مهيتها فيعتبر قصده ولو على سبيل الاجمال وهو ينافي العزم على ايقاع المنافي ولكن لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الدعاوي المبتنية على مقدمات غير مسلمه بل ممنوعة فلا ينبغي الارتياب في الصحة مع الذهول واما مع الالتقاء وتذكره للمنافاة فالأقرب انه يرجع إلى قصد الخروج كما اعترف به شيخنا المرتضى قدس سره ولذا قيد غير واحد الصحة بما إذا لم يكن متذكرا للمنافاة بل يحتمل قويا ان يكون هذا هو مراد غيرهم أيضا ممن اطلق القول بعدم البطلان كالمتن وغيره ولكن ربما يستشعر من المدارك انه نزل كلماتهم على صورة تذكره للمنافاة فإنه بعد ان نسب إلى الشيخ وأكثر الأصحاب القول بعدم بطلان الصلاة بنية فعل المنافي إذ لم يفعله قال وقيل بالبطلان هنا أيضا لتنافي بين إرادة الضدين وهو ضعيف لأن تنافي الإرادتين بعد تسليمه انما يلزم منه بطلان الأولى بعروض الثانية لا بطلان الصلاة مع تجديد النية الذي هو موضع النزاع انتهى
(٢٣٧)