سائر الكلمات التي ينطق بها لاظهار مقاصده لا لمجرد انه ميسور المتعذر الذي لا يسقط بمعسوره بل لأن الذي يتبادر من ايجاب كلام من تكبير أو تسليم أو غير ذلك على عامة المكلفين انما هو وجوب اتيان كل منهم بذلك الكلام على حسب ما يقدر عليه وان كان ما يأتي به العاجز على تقدير صدوره من غيره لا يعد عرفا مصداقا لذلك الكلام وهذا بخلاف ما لو كان صادرا من العاجز كما أشير إلى ذلك في موثقة مسعدة بن صدقة المروية عن قرب الإسناد قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول انك قد ترى من المحرم من العجم لايراد منه ما يراد من العالم الفصيح وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم والمحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح الخ ويؤيده أيضا خبر السكوني عن الصادق عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله ان الرجل من الأعجمي من أمتي ليقرء القرآن بعجمته فترفعه الملائكة على عربيته فان عجز عن النطق أصلا لم يسقط عنه الفرض بلا خلاف فيه على الظاهر بين أصحابنا كما يظهر من كلماتهم عدى انه احتمله في المدارك بعد ان حكاه قولا عن بعض العامة وليس بشئ بل عقد قلبه بمعناها مع الإشارة بالإصبع أو مطلقا كما هو ظاهر المتن أو مع تحريك لسانه على حسب ما جرت به عادته في ابراز سائر مقاصده كما صرح به غير واحد ويشهد له خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته بإصبعه إذ الظاهر أنه لم يقصد به الحكم في خصوص مورده تعبدا بل قصد به بيان بدلية ذلك عن كل ذكر واجب كما ربما يؤيده الاعتبار الذي تقدمت الإشارة إليه من جريان عادة الأخرس في الغالب بابراز مقاصده بهذه الكيفية فيقوم مقام لفظه فالأظهر اعتبارهما معا للخبر المزبور المنجز بما سمعت بل لا يبعد ان يدعى انه هو الذي يقتضيه قاعدة الميسور بملاحظة ما أشرنا إليه من قيامهما مقام لفظه في العادة وكون المجموع أوفى بتأدية المقاصد وكيف كان ففي المدارك في تفسير المعنى الذي حكموا بوجوب ان يعقد قلبه بها قال ليس المراد المعنى المطابقي فان تصور ذلك غير واحد على الأخرس بل يكفي قصد كونه (تكبيرا) لله وثناء عليه انتهى أقول الأولى تفسيره بالصورة الذهنية التي يقصدها اللافظ بلفظه فان العبرة في مقام امتثال الامر المتعلق بالتكبير الخاصة بعقد القلب بها لا بمعناها الخارج عن حقيقة المأمور به كما نبه عليه كاشف اللثام حيث قال المراد عقد القلب بإرادته الصيغة في قصدها لا المعنى الذي لها إذ لا يجب اخطاره بالبال توضيح المقام ان إشارة الأخرس تقوم مقام لفظه وقد ثبت بالأدلة المتقدمة ان مهية تكبيرة الافتتاح التي اعتبرها الشارع في الصلاة هي صيغة الله أكبر فحالها حال فاتحة الكتاب التي لصورتها دخل في مطلوبيتها وجزئيتها للصلاة ومن الواضح ان عقد القلب بمعاني فاتحة الكتاب من غير التفات إلى صورتها التي هي عبارة عن الصورة الخاصة المعهودة غير مجد وان توهمه بعض كما ستعرفه وانما المعتبر هو القصد إلى تلك الصورة المعهودة بتحريك لسانه واشارته سواء عقل معناها أم لا كما في العجمي الذي لا يعقل مداليل ألفاظها أصلا فلا فرق بين الأخرس وغيره في أنه يجب عليه استحضار مهية التكبير والقراءة وغيرها من الأذكار الواجبة والمسنونة في ذهنه والقصد إليها بداعي القربة عدى ان الأخرس يقصدها بالإشارة وغيره بألفاظها نعم لو كان المأمور به معانيها المؤداة بألفاظها كان الواجب على الأخرس في مقام إطاعة أوامرها عقد قلبه بالمعاني اي استحضارها في الذهن وتأديتها بالإشارة كما أن الواجب على غيره أيضا تصور تلك المعاني وتأديتها بألفاظها و لكنه ليس كذلك ولا ينافي ذلك ما تقدم انفا من أن الامر تعلق بها بلحاظ معانيها فانا لم نقصد بذلك كون معانيها متعلقة للطلب كما نبهنا عليه فيما سبق وانما أردنا بذلك بيان كونها ملحوظة للامر في قلبه كي يتمشى معه قاعدة الميسور عند تعذر لفظه والا فمتعلق الطلب انما هو صيغتها الخاصة من حيث هي كما في المثال الذي تقدمت الإشارة إليها فيجب على الأخرس كغيره ان يتصور ما تعلق به الطلب وهي الصيغة الخاصة ويقصده بالإشارة كما أنه يجب على غيره ان يتصوره ويقصده باللفظ فان أمكنه تصوره تفصيلا فهو والا فيقصده على سبيل الاجمال بوجه من الوجوه الاجمالية المتصادقة عليه بتحريك لسانه والإشارة بإصبعه ولا يجزيه تصور معناه من حيث هو كما هو ظاهر المتن وصريح غيره على الأشبه الا ان يجعله وجها من وجوه المهية المأمور بها فيميزها بهذا الوجه والله العالم والترتيب فيها واجب وكذا الموالاة فلو عكس بان قدم لفظ أكبر على لفظ الجلالة أو فصل بينهما بلفظ أو زمان يغير الصورة لم تنعقد الصلاة لما عرفت من اعتبار حفظ صورتها المذكورة بلا خلاف فيه كما صرح به في الجواهر واعلم أنه يستحب ان يضيف إلى تكبيرة الاحرام ستا فيفتتح الصلاة بسبع تكبيرات بلا خلاف فيه نصا وفتوى ففي خبر الحسن بن راشد قال سئلت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تكبيرة الافتتاح فقال سبع قلت روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يكبر واحدة يجهر بها فقال إن النبي صلى الله عليه وآله كان يكبر واحدة يجهر فيها ويسر ستا وخبر زرارة قال رأيت أبا جعفر عليه السلام أو قال سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء إلى غير ذلك من الاخبار الآتية والمصلي بالخيار في التكبيرات السبع أيها شاء جعلها تكبيرة الافتتاح اي تكبيرة الاحرام على المشهور شهرة عظيمة كما ادعا في الجواهر بل عن ظاهر بعض دعوى الاجماع عليه وعن اخر نفي الخلاف عنه ولكن عن جماعة منهم التصريح بان الأفضل ان يجعلها الأخيرة بل عن ظاهر جماعة من القدماء كالسيد أبي المكارم وأبي الصلاح وسلار القول بتعينها وعن غير واحد من المتأخرين كشيخنا البهائي والمحدث الكاشاني والسيد نعمة الله الجزائري القول بتعين الأولى واختاره في الحدائق وبالغ في تشييده كمبالغته في تضعيف ما حكى عن والد المجلسي رحمه الله من القول بوقوع الافتتاح بمجموع ما يختاره المكلف من السبع أو الخمس أو الثلاث التي يأتي بها لا خصوص أحدها عينا أو تخييرا كما هو ظاهر جملة من الاخبار منها خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا افتتحت فكبر
(٢٤٤)