الزمان عجل الله فرجه انه كتب إليه يسئله عن رجل يكون في محمله والثلج كثير بقامة رجل فيتخوف ان نزل الغوص فيه وربما يسقط الثلج وهو على تلك الحال ولا يستوي له ان يلبد شيئا منه لكثرته وتهافته هل يجوز ان يصلي في المحمل الفريضة فقد فعلنا ذلك أياما فهل علينا فيه إعادة أم لا فأجاب عليه السلام لا باس به عند الضرورة والشدة والمراد بالضرورة على ما ينسبق إلى الذهن من النصوص والفتاوي انما هو الضرورة العرفية الصادقة عند استلزام النزول عن الراحلة والاتيان بصلاة اختيارية مشقة شديدة لا تتحمل عادة أو خوفا على نفس أو ما يعتد به أو نحو ذلك مما يعد بنظر العرف تكليفا حرجيا وكان هذا هو المراد بالضرورة الشديدة الواردة في بعض الأخبار المتقدمة لا ما هو أخص من ذلك كما قد يتوهم بشهادة عمومات أدلة نفي الحرج وغيرها مما عرفت مع أنه انسب باطلاق استثناء المرض الجاري مجرى الغالب كما لا يخفى ولا ينافي ذلك خبر منصور بن حازم قال سئله أحمد بن النعمان فقال أصلي في محملي وانا مريض قال فقال اما النافلة فنعم واما الفريضة فلا قال وذكر احمد شدة وجعه فقال انا كنت مريضا شديد المرض فكنت امرهم إذا حضرت الصلاة فينحوني فاحتمل بفراشي فأوضع واصلي ثم احتمل بفراشي فأوضع في محملي فإنه محمول على ما إذا لم يستلزم مشقة شديدة لعدم صلاحية هذه الرواية مع اضمارها لمعارضة ما عرفت ويمكن حمله على الاستحباب كما حكى ذلك عن الشيخ بل هذا أولى ان لم يكن قوله انا كنت مريضا الخ من كلام احمد بل من كلام الإمام عليه السلام فان ذكره عليه السلام لهذا الكلام حكاية لفعله بعد ان ذكر احمد شدة وجعه يجعله كالنص في أن مراده بالمنع من الفريضة في المحمل ما يعم مثل الفرض الذي هو بحسب الظاهر من موارد الضرورة التي يعمها أدلة نفي الحرج وغيرها مما سمعت بل الظاهر أن ذكر احمد شدة وجعه لبيان انه يشق عليه الاتيان بصلاة المختار فاقتصر الإمام عليه السلام في جوابه على حكاية فعله كي يعلم أنه ينبغي تحمل مثل هذه المشاق في مقام أداء الفرائض وعدم المسامحة في امرها فيتعين حمله على الاستحباب كما أنه قد نلتزم بذلك مع قطع النظر عن هذه الرواية أيضا لما أوضحناه في مبحث التيمم من أنه متى كانت الاعذار المسوغة للتكاليف الاضطرارية من قبيل المشقة ونحوها من الأمور التي يجوز ارتكابها شرعا فهي رخصة لا عزيمة فيجوز تركها والاتيان بوظيفة المختار فهي أفضل وأوفق بغرض الشارع فليتأمل ومتى اضطر إلى أن يصلي شيئا من الفرائض على الراحلة صلاها كذلك مراعيا فيها ساير ما يعتبر في الفريضة من الشرائط والاجزاء كالاستقبال والاستقرار والركوع السجود ونحوها بحسب الامكان لاطلاق أدلتها فلا يجوز الاخلال بشئ منها الا بمقدار الضرورة فعليه ان يستقبل القبلة مع التمكن فإن لم يتمكن من الاستقبال بالجميع استقبل القبلة بما أمكنه من صلاته لأنه شرط في جميع اجزائها فيجب رعايته في الجميع وينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة وان لم يتمكن الا من مجرد الانحراف إلى القبلة والتوجه إليها لحظة من غير ثبات واستقرار بحيث يعد عرفا من افراد المتمكن من الاستقبال الذي ينسبق إلى الذهن من أدلته كخائف اللص والسبع الذي لا يامن من ضررهما توجه إلى القبلة بمقدار يعتد به استقبل القبلة بتكبيرة الاحرام التي هي افتتاح الصلاة وركنها ولها نوع استقلال ملحوظية شرعا وعرفا ولا يتوقف أدائها على زمان يعتد به فيجب رعاية الاستقبال فيها حتى في مثل الفرض بخلاف غيرها من الاجزاء فإنها اما غير ملحوظة على سبيل الاستقلال أو انها مستقلة بالملاحظة كالقراءة والركوع ونحوهما ولكن يتعذر أو يتعسر رعاية الاستقبال فيها في مثل الفرض ولو لم يتمكن من ذلك أيضا اجزئه الصلاة وان لم يكن مستقبلا بلا خلاف يعتد به في شئ مما ذكر على ما صرح به في الجواهر و يشهد له جملة من الاخبار الآتية في الصلاة في السفينة وغيرها ويدل على وجوب رعاية الاستقبال في التكبيرة بالخصوص مضافا إلى ما ذكر صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة الموافقة ايماء على دابته قال قلت أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول قال ليتيمم من لبد سرجه أو عرف دابته فان فيها غبار أو يصلي ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت به دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وفيها تنبيه على شدة الاهتمام بالاستقبال حال التكبير ولزوم رعايته بالخصوص بل ربما استظهر بعض من قوله عليه السلام ولا يدور إلى القبلة الخ سقوط شرطية الاستقبال في مثل الفرض بالنسبة إلى ما عدى التكبيرة وليس بشئ فإنه بحسب الظاهر جاري مجرى الغالب من كون الالزام بالتوجه إلى جهة خاصة فيما عدى مقدار أداء التكبيرة في مثل الفرض تكليفا حرجيا فلا يجب لذلك لا انه لا يجب أصلا حتى مع التيسر ولو تمكن من أن يستقبل ما بين المشرق والمغرب لا خصوص جهة الكعبة وجب عليه ذلك على الأظهر لقوله عليه السلام في الصحيح ما بين المشرق والمغرب قبله كله المحمول على صورة في لتمكن من تشخيصها في سمت أخص من ذلك أو في لتمكن من استقبال جهته الخاصة جمعا بينه وبين غيره من الأدلة التي لا تقتضي الا تقييده بصورة الضرورة الغير القاصرة عن شمول مثل الفرض ثم إن الكلام في سائر الشرائط والاجزاء كالكلام في الاستقبال من أنه يجب تحصيلها لدى التمكن وما في الصحيحة المتقدمة من اطلاق الامر بالايماء للركوع والسجود جار مجرى الغالب وكذا الحكم في المضطر إلى الصلاة ماشيا بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن بعض دعوى اجماع علمائنا عليه كما يشهد له مضافا إلى ذلك كون الاحكام المتقدمة جارية على حسب ما تقتضيه القواعد الشرعية مع اشعار قوله تعالى وان خفتم فرجالا أو ركبانا وكذا الأخبار الكثيرة الواردة في صلاة الخوف بمساواتها ماشيا أو راكبا في الاحكام ولو دار الامر بين ان يصلي راكبا أو ماشيا فقد يقال بترجيح الثاني رعاية للقيام الذي هو من أهم افعال الصلاة وعورض باحتمال ترجيح الركوب رعاية لشرطية الاستقرار حيث إن الراكب مستقر بالذات وان تحرك بالعرض بخلاف الماشي خصوصا إذا كان راكبا في محمل أو سرير يشبه سيره سير السفينة في الاستقرار فترجيح هذا النحو من القيام المقارن للمشي على الاستقرار الحاصل حال الركوب لا يخلو عن اشكال فالحكم موقع تردد ومقتضى القاعدة الاحتياط بالجمع بين الصلاتين لكن لا يبعد دعوى القطع من طريقة الشارع والمتشرعة عملا وفتوى بعدم الاعتناء باحتمال الأهمية وان المرجع في مثل الفرض ونظائره هو التخيير بل قد يقوى في النظر ان هذا هو مقتضى الأصل لا الاحتياط حيث إن الامر دائر بين ان يكون الواجب أحد الامرين عينا أو تخييرا إذ لم يثبت أهمية أحد الامرين فمن الجايز مساواتهما في الواقع وقد تقرر في محله ان مقتضى الأصل التخيير عند دوران الامر بينه وبين التعيين اللهم الا ان يقال
(١٠٤)