في سقوط ما في التهذيب عن الاعتبار الا ان ما في التهذيب بنفسه لا يخلو عن اضطراب أو ارسال لأن الفقيه في عرف الرواة انما يطلق على أبي الحسن موسى عليه السلام والحميري ليس من أصحابه فقوله كتبت إلى الفقيه اما مقول قول شخص اخر فحذفت الواسطة فيكون الرواية مرسلة أو انه قوله ولكنه أراد بالفقيه غير ما جرى عليه اصطلاحهم فيشكل على هذا الجزم بإرادته أحد الأئمة المعصومين الذين أدرك صحيحتهم إذ لا شاهد عليه الا بعض قرائن الأحوال التي يشكل الاعتماد عليها ما لم تكن مفيدة للقطع وادعاء حصول القطع به من شهادة حاله بأنه لا يكتب أو لا يروي الا عن الإمام عهدته على مدعيه فليتأمل فتلخص مما ذكر ان القول بالكراهة كما نسب إلى المشهور ولا يخلو عن قوة واما الصلاة عن يمين القبر وشماله محاذيا للقبر فلا ينبغي الاستشكال في جوازه كما يدل عليه المكاتبة المزبورة على ما رواها في التهذيب مضافا إلى الأخبار الكثيرة الدالة على استحباب الصلاة عند الرأس التي اظهر مصاديقها صورة المحاذاة فلا يلتفت معها إلى ما في المكاتبة المزبورة على ما في الاحتجاج من المنع عن الصلاة عن يمين القبر وشماله أيضا لقصورها عن الحجية فضلا عن صلاحيتها لمعارضة غيرها من الأدلة فما عن بعض من الالتزام بحرمة المساواة أيضا للخبر المزبور في غاية الضعف تنبيه لا يرتفع حكم التقدم على قبور المعصومين عليهم السلام حرمة أو كراهة وكذا حكم المساواة لو قلنا به بحيلولة الشبابيك وشبهها مما هي موضوعة على قبورهم من صندوق ونحوه إذ المتبادر من النهي عن التقدم على قبورهم أو محاذاتها أو الامر بالصلاة خلفها أو عن يمينها أو شمالها انما هو ارادتها ولو مع اشتمالها على مثل هذه الأمور كما هو الغالب في قبورهم خصوصا بعد الالتفات إلى المناسبة المقتضية لهذا الحكم من مراعاة احترام الإمام وانه لا يتقدم ولا يساوى فإنها مقتضية للتعميم كما لا يخفى واما سائر القبور فالظاهر ارتفاع كراهة الصلاة إليها أو فيما بينها بمثل ذلك بل بما دون ذلك مما يعد في العرف حائلا كما نبه عليه المصنف رحمه الله بقوله الا ان يكون حائل الانصراف الأخبار الناهية عن الصلاة إلى القبر أو فيما بين القبور إلى ما إذا لم يكن بينه وبينها حائل ودعوى عدم صدق الحائل عرفا على مثل الشباك والصندوق المبنيين على القبر مما يعد من توابعه بل ربما يعامل معها معاملة القبر في بعض اثاره كما في قبور المعصومين غير مجدية بعد خروجه عن مصرف الأدلة وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في انتفاء الكراهة مع حائل معتد به عرفا وانما الاشكال في اطلاق الاكتفاء باي حائل يكون ولو عنزة كما في المتن وغيره وعن الروض أو قدر لبنة أو ثوب موضوع وما أشبهها فان دعوى انصراف النصوص عما إذا كان بينه وبين القبور شئ من مثل هذه الأمور التي يكون اطلاق الحائل عليها على نوع من التوسعة مجازفة ولعل مستند القول بكفايته كما لعله المشهور دعوى استفادته من اكتفاء الشارع به في رفع الكراهة في نظائر المقام كالصلاة إلى الانسان ونحوه مما ستعرف وفيه تأمل أو يكون بينه وبينها عشرة اذرع فتنفى الكراهة بهذا أيضا كما شهد به موثقة عمار المتقدمة ولكن ربما يستشكل في ظاهر الموثقة بدلالتها على اعتبار البعد المذكور مطلقا حتى فيما إذا كانت القبور خلفه وهو خلاف ما يظهر من فتاوي الأصحاب ويمكن دفعه بان الموثقة انما وردت فيما لو صلى بين القبور فأريد بها التباعد عن القبور بالمقدار المذكور من اي ناحية فيما لو أحيط به القبور من جميع الجوانب ولا مانع عن الالتزام به في مثل الفرض الذي لولا البعد المذكور ربما يصدق عليه اسم الصلاة في المقابر أو على القبور وهذا بخلاف ما لو كانت القبور جميعها خلفه أو عن يمنه أو شماله فلا يصدق عليه حينئذ انه صلى على القبر أو في المقابر أو فيما بين القبور كما هو واضح وتكره الصلاة أيضا في بيوت النيران على المشهور بين الأصحاب بل عن الذكرى وجامع المقاصد نسبته إليهم وعن الغنية الاجماع عليه وهذه هي عمدة مستند الكراهة وكفى بها دليلا بعد البناء على المسامحة فما عن جملة من القدماء من التعبير بلا يجوز ضعيف جدا اللهم الا ان يراد به الكراهة والمراد ببيوت النيران على ما صرح به غير واحد ما أعدت لاضرام النار كالمطابخ ونحوها وعن العلامة في جملة من كتبه تعليل الكراهة بان في الصلاة فيها تشبها بعبادتها وفي المدارك بعد ان حكى عن العلامة التعليل المزبور قال وهو ضعيف جدا والأصح اختصاص الكراهة بمواضع عبادة النيران لأنها ليست موضع رحمة الله فلا يصلح لعبادة الله تعالى أقول ولو بنى على الاعتناء بمثل هذه المناسبات في الاحكام التعبدية لأمكن الالتزام باستحبابها في مثل هذه المواضع مراغمة لانف الشيطان وأوليائه فالعمدة ما عرفت والله العالم وكذا في بيوت الخمور إذا لم تتعد نجاستها إليه أو إلى ثوبه الذي يشترط طهارته فيها على المشهور ويدل عليه موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر لأن الملائكة لا تدخله وسوقها بواسطة ما فيها من التعليل يشعر بإرادة الكراهة كما ربما يؤيد ذلك ما رواه الصدوق في المقنع مرسلا حيث قال على ما حكى عنه بعد ان قال لا يجوز ان يصلي في بيت فيه خمر (محصور في انية وروى أنه يجوز وكذبها الفقيه أيضا القول بالمنع قال في المدارك ومنع الصدوق رضوان الله عليه فيمن لا يحضره الفقيه من الصلاة في بيت فيه خمر) مخزون في انية مع أنه حكم بطهارة الخمر واستبعده المتأخرون لذلك ولا بعد فيه بعد ورود النص به انتهى أقول إن كان مستنده في المنع المزبور الموثقة المذكورة فالاستبعاد في محله فان الموثقة كما تدل على المنع عن الصلاة في بيت فيه خمر كذلك تدل على نجاسة الخمر حيث إنه عليه السلام بعد الفقرة المذكورة قال ولا تصل في ثوب قد اصابه خمرا ومسكر حتى تغسله فالتفكيك بين مفاديها لا يخلو عن بعد اللهم الا ان يقال بابتلائها في الفقرة الأخيرة بمعارضة بعض الأخبار التي هي صريحة في الطهارة كما عرفتها في محله بخلاف الفقرة الأولى فإنها سليمة عن المعارض فلا مانع عن الاخذ بظاهرها وكيف كان فالأقوى ما عرفت ثم إن مقتضى ظاهر الموثقة كراهة الصلاة في بيت فيه خمر مطلقا سواء صدق عليه عرفا بين الخمر أم لا كما أن بيت الخمر قد يصدق على ما ليس فيه خمر بالفعل فتبين المدعى والدليل عموم من وجه فالذي ينبغي ان يقال هو كراهة الصلاة في بيت فيه خمر مطلقا ولو من باب الاتفاق واما ما يسمى عرفا بيت الخمر وليس فيه خمر بالفعل فيمكن الالتزام بكراهته أيضا اخذا بظاهر كلمات الأصحاب من باب المسامحة والله العالم وكذا تكره الصلاة في جواد الطرق وهي الطرق العظمى التي يكثر سلوكها كما صرح به غير واحد على المشهور بل عن الغنية والمنتهى وظاهر التذكرة الاجماع عليه ويدل عليه جملة من الاخبار منها صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر فقال لا تصل على الجادة واعتزل على جانبيها وخبره الاخر قال سألته عن الصلاة على ظهر الطريق فقال لا تصل على الجادة وصلى على جانبيها وخبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال لا تصل على الجواد وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
(١٩٢)