كاف في جبرة بل لعدم وفائه بتعيين موضع الفاتحة إذا لم يقصد به وجوب الاتيان بها في موضع من الصلاة اي موضع يكون حتى يفهم منه انه لو تركها في الأوليين يتعين عليه الاتيان بها في الأخيرتين بل المقصود بها نفي الصلاة عند الاخلال بها في موضعها المقرر لها شرعا وقد دلت الأدلة الشرعية على أن القراءة انما جعلت في الأوليين واما الأخيرتان فقد جعل فيهما التسبيح كما في جملة من الاخبار الآتية وفي بعضها التصريح بكون المكلف مخيرا فيهما بين القراءة والتسبيح كالخبر المتقدم فلا يفهم من قوله صلى الله عليه وآله لا صلاة لمن لم يقرء فيها بفاتحة الكتاب الا نفيها عند الاخلال بها في محلها الذي أوجبها الشارع فيه عينا دون سائر المواضع التي لم يشرعها فيها أصلا أو شرعها ولكن لا على سبيل التعيين فكما لا يفهم من هذا الخبر انه لو نسيها في الأوليين يجب عليه الاتيان بها عند تذكره في أثناء التشهد كذلك لا يفهم منه انه يجب الاتيان بها عينا لو ذكرها في الأخيرتين بل مقتضاه بطلان صلاته عند تركها في ذلك المحل الذي وجب عليه الاتيان بها فيه ولكن دلت الأدلة المتقدمة في محلها على اختصاص اعتبارها في الصلاة بحال العمد وكيف كان فعمدة ما يصح الاستناد إليه لهذا القول هي رواية الحسين المتقدمة ونوقش فيها أيضا بضعفها من حيث السند واعراض الأصحاب عن ظاهرها إذ لم ينقل القول به صريحا عن أحد عدى ما سمعت حكايته عن الشيخ في الخلاف وهو أيضا غير ثابت بل ربما نسب إليه انه جعله أحوط وعلى تقدير ثبوته لا يخرجها عن الشذوذ خصوصا مع عدم التفاته إليها في المبسوط وتصريحه بعدم بطلان تخييره حيث قال على ما حكى عنه انه ان نسي القراءة في الأوليين لم يبطل تخييره وانما الأولى له القراءة لئلا يخلو الصلاة عن القراءة انتهى هذا مع معارضتها بعموم الروايات الدالة على التخيير وخصوص صحيحة معاوية بن عمار المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين انه لم يقرء قال أتم الركوع والسجود قلت نعم قال إني اكره ان اجعل اخر صلاتي أولها أقول لو اغمض عن شذوذها ومخالفة ظاهرها لظاهر كلمات الأصحاب أو صريحها في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية لأمكن الجواب عن معارضتها بعمومات التخيير بعدم صلاحيتها لمعارضة النص الخاص فان تخصيصها بما عدى هذا الفرد النادر التحقق من أهون التصرفات واما صحيحة معاوية بن عمار فقد أجيب عنها بان ظاهرها نسيان مجموع القراءة المعتبرة في الأوليين وهي الحمد والسورة المراد بقوله اني اكره ان اجعل اخر صلاتي أولها كراهة ان يأتي بتلك القراءة اي مجموع الحمد والسورة ونسبة إلى الكراهة إلى نفسه المشعرة بجواز مخالفته جارية مجرى التقية كما يقرب هذا التوجيه والحمل ما رواه الشيخ باسناده إلى أحمد بن النضر عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال قال لي اي شئ يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الإمام ركعتان قال يقولون يقرء في الركعتين بالحمد والسورة فقال هذا يقلب صلاته فيجعل أولها اخرها فقلت فكيف صنع قال يقرء بفاتحة الكتاب في كل ركعة أقول في شهادة هذه الرواية للتوجيه المزبور تأمل إذ ليس المقصود بفاتحة الكتاب التي امر بقرائتها في كل ركعة خصوصا المقابل للأعم منها ومن السورة وانه عند الاقتصار عليها في الأخيرتين لا يتحقق قلب الصلاة بل المقصود بالرواية (المنع) عن قلب صلاته بالذكر في الأوليين وترك القراءة فيهما والاتيان بها في الأخيرتين كما كان معروفا عن العامة في مثل الفرض على ما نقل عنهم وشهد به جملة من الروايات فالمقصود بقوله يقرء بفاتحة الكتاب في كل ركعة النهي عن تركها في الأوليين اي الامر باعطاء كل من الركعات ما هو وظيفتها لا الامر بقرائتها مجردة عن السورة في خصوص الأخيرتين كما لا يخفى على المتأمل واما أصل التوجيه فيتوجه عليه بعد تسليمه وان المراد بقوله عليه السلام اني اكره ان اجعل اخر صلاتي أولها كراهة ان يأتي بمجموع ما هو وظيفة الأوليين من الحمد والسورة لا مطلق القراءة كي يفهم منهم أفضلية التسبيح في الفرض ان هذا لا ينفي دلتها على أن نسيان القراءة في الأوليين لا يؤثر في انقلاب تكليفه بالنسبة إلى الأخيرتين عما كان عليه لولا النسيان إذ لو كان ذلك موجبا لتعين القراءة عليه لكان على الإمام عليه السلام حين سئله عن حكم بيانه فيفهم من جواب الإمام عليه السلام ولو من باب السكوت في مقام البيان ان نسيان القراءة في الأوليين ليس موجبا لتعين شئ عليه في الأخيرتين وليس رفع اليد عن هذه الدلالة المعتضدة بالشهرة واطلاقات أوامر التخيير بأهون من حمل خبر الحسين بن حماد على الاستحباب بل هذا هو الأولى فالقول بأفضلية القراءة لمن نسيها في الأوليين اخذا بظاهر هذا الخبر كما حكى عن صريح المبسوط ومحتمل الخلاف لا يخلو عن وجه وكيف كان فقد اختلفوا بعد اتفاقهم على جواز الاجتزاء باي منهما كان في أن الأفضل هل هو التسبيح أو القراءة على أقوال حكى عن ظاهر الصدوقين والحسن وابن إدريس أفضلية التسبيح مطلقا وتبعهم غير واحد من المتأخرين وحكى عن أبي الصلاح والشهيد في اللمعة أفضلية القراءة وقيل الأفضل للامام القراءة كما في المتن وغيره بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور واما من عداه من المأموم والمنفرد فبالخيار ان شاء قرء وان شاء سبح من غير ترجيح كما ربما يستظهر من المنن وغيره ممن عبر كعبارته وحكى عن بعضهم التصريح بأفضلية التسبيح للمنفرد من غير تعرض لحكم المأموم كالشهيد في الدروس وحكى عن العلامة في عدة من كتبه عكسه مع تصريحه في منتهاه بالتساوي للمنفرد وربما نسب إلى ظاهر كثير من الأصحاب المعتبرين بان المصلي بالخيار في الأخيرتين بين القراءة والتسبيح القول بالتساوي وفيه تأمل وحكى عن ابن الجنيد استحباب التسبيح للامام إذا تيقن انه ليس معه مسبوق واما ان علم دخول المسبوق أو احتمله قرء ليكون ابتداء الصلاة للداخل بقراءة والمنفرد يجزيه أيهما فعل ومنشأ هذا الخلاف اختلاف الاخبار واستدل للقول بأفضلية التسبيح مطلقا باخبار كثيرة منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا تقرن في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا اما ما كنت أو غير امام قال قلت فما أقول فيهما قال إن كنت اماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات تكلمه تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع ومنها صحيحته الأخرى عنه عليه السلام قال إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل ما أدرك أول صلاته ان أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاته ركعتان قرء في كل ركعة مما أدرك خلف الإمام في نفسه بأم الكتاب فإذا سلم الإمام قام فصلى
(٢٨٣)