ما استثنى بلا خلاف فيه على الظاهر في الجملة بل في الجواهر اجماعا محصلا ومحكيا مستفيضا وفي المدارك هذا مذهب الأصحاب لا يعلم فيه مخالف منهم أقول ولكن الظاهر أن كثيرا من الأصحاب لم يصرحوا بعموم المنع عن كل شئ مما لا يؤكل لحمه كما هو المدعى بل خصوا بعض الاجزاء بالذكر كالشعر والوبر والصوف فيشكل نسبة الكلية إليهم بل في يستظهر منهم خلاف ذلك فإنه قد يقال بل قيل إن اقتصار أساطين الأصحاب قديما وحديثا إلى زمن بعض متأخري المتأخرين على الجلد والشعر والوبر والصوف والعظم ظاهر في في لباس بغير ذلك من فضلاته ولكن يحتمل قويا كون التخصيص جاريا مجرى التمثيل المناسب للباس كما هو محل كلامهم ولكن الجزم بذلك ونسبة المنع إليهم على سبيل العموم لا يخلو عن اشكال وكيف كان فعمدة الحكم على سبيل الكلية موثقة ابن بكير المتقدمة الدالة على فساد الصلاة في كل شئ مما حرم اكله من شعره ووبره وروثه وألبانه وكل شئ منه ووجوب اعادتها ويدل عليه أيضا في خصوص الشعر والوبر اخبار مستفيضة تقدم جملة منها في مسألة الصلاة في جلد غير المأكول والظاهر أن المراد بالشعر والوبر فيها ما يعم الصوف مع أنه لا قائل بالفصل بينها هذا مع أن عموم الموثقة اغنانا عن مثل هذه الدعاوي وقد تقدم فيما سبق التنبيه على أن شيئا من الاخبار التي يستشعر أو يستظهر منها الجواز لا يصلح لمعارضة الموثقة وغيرها من اخبار المنع اللهم الا ان يكون أخص منها مطلقا وحيث إن مفاد الموثقة عدم جواز الصلاة في شئ من اجزاء ما لا يؤكل لحمه فهذا هو الأصل في الباب لا يعدل عنه الا بنص خاص وسيأتي الكلام في الأدلة الخاصة وينبغي التنبيه على أمور الأول حكى عن الشهيدين وجماعة منهم صاحب المدارك القطع باختصاص المنع بالملابس فلو لم يكن كذلك كالشعرات الملقاة على الثوب لم يمنع الصلاة فيه وعن ظاهر الأكثر عموم المنع بل عن صاحبي الذخيرة والبحار نسبه إلى المشهور وعن المحقق الثاني التصريح بالمنع وان كانت شعره واحدة حجة القول بالمنع خبر إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إليه يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة فكتب لا يجوز الصلاة فيه وموثقة ابن بكير وغيرها من الاخبار التي ورد فيها النهي عن الصلاة في الشعر والوبر وتوهم اختصاصه بالملابس بملاحظة لفظه في الظاهرة في الظرفية مدفوع بعدم جريانه في الموثقة لدخولها على الشعر والوبر وغيرها مما لا يستقيم إرادة الظرفية بالنسبة إليه كالبول والروث ونحوهما فهذا كاشف عن أن المراد بها مطلق الملابسة والمصاحبة قال المحقق البهبهاني على ما حكى عنه ورواية ابن بكير أيضا ظاهرة فيه فان الصلاة في الروث مثلا ظاهرة في المعية وتقدير الكلام بإرادة الثوب الذي يتلوث به غلط لان الأصل في لتقدير سيما مثله وقد قرر في الأصول انه إذا دار الامر بين المجاز والاضمار فالمجاز متقدم متعين انتهى ونوقش فيه بأنه لا ريب في ظهور لفظه في في الظرفية ولكن لما تعذرت الحقيقة بالنسبة إلى الروث ونحوه حمل على أقرب المجازاة وهو ظرفية المتلطخ به بخلاف الشعر فان الحقيقة ممكنة فيه فلا حاجة إلى صرفه بل ولا قرينة ضرورة عدم صلاحية التجوز في الروث لمكان تعذر الحقيقة للصرف كما هو واضح وفيه ان ارتكاب التجوز في الروث بحمله على ارتفاع المتلطخ به هو الاضمار الذي صرح المحقق المزبور بان المجاز خير منه لا يقال انا لا نلتزم في المقام بالاضمار كي يكون مخالفا للأصل بل نقول إنه اطلق الروث وأريد منه الشئ المتلطخ به بعلاقة الحال والمحل أو غيرها من أنواع العلائق فلا اضمار لأنا نقول الاضمار في شئ من موارده لا يخلو عن نوع من العلائق المصححة لإرادة المقدر من المذكور وهذا لا يخرجه عن كونه اضمارا بل قد يقال إنه لايراد في شئ من موارد الاضمار الا هذا النوع من التصرف وان أبيت الا عن انه قسم اخر من اقسام المجاز وهو أقرب من التجوز في كلمة في قلنا لا شبهة في أن التوسع في الظرفية بحيث تعمم مطلق الملابسة والمصاحبة أقرب من اطلاق الروث وإرادة ما يتلوث به بل لا شبهة في أنه لا ينسبق إلى الذهن من الروث في الرواية الا إرادة نفسه فلا تجوز فيه أصلا وانما التجوز في لفظة في الداخلة عليه وعلى الشعر والوبر فبالنسبة إليه لا يمكن ابقائها على حقيقتها الا بارتكاب التقدير فيدور الامر بينه وبين التوسع في الظرفية بإرادة مطلق الملابسة الشاملة بمصاحبة والثاني أولى بلا شبهة وحيث إن كلمة في غير متكررة في الرواية فلا يمكن التفكيك بالحمل على الحقيقة بالنسبة إلى الشعر والوبر والمجاز في الروث وأشباهه لاستلزامه استعمال اللفظ في المعنيين ولكن لقائل ان يقول عند تعذر إرادة الظرفية الحقيقية بالنسبة إلى الروث لا يتعين إرادة مطلق المصاحبة منها بالنسبة إلى الجميع لجواز ان يكون المراد بها مطلق الظرفية الشاملة للحقيقة والمجازية التي يكفي في تحققها أدنى ملابسة بان يكون المقصود بها الظرفية في كل شئ بحسب ما يناسبه في صدق الصلاة فيه في العرف وهذا مما يختلف حاله بحسب الموارد ففي بعضها يعتبر الصدق الحقيقي كما في الشعر والوبر والجلد ونحوها وفي بعضها المسامحي كما في الروث والبول ولا يكفي في شئ منها مطلق المصاحبة بحيث يعم المحمول كعروة السكين ونحوه وعلى تقدير تسليم ظهورها بعد تعذر الحقيقة بالنسبة إلى الروث في مطلق التلبس بحيث يعم مثل الشعرات الملقاة فهو أيضا أخص من مطلق المصاحبة ولذا اعترف بعض لشمول الرواية لمثل الشعرات الملقاة فلم يجوز الصلاة فيها ونفي الباس عن عروة السكين ونحوها بدعوى خروجها عن منصرف الرواية وربما يؤيد المنع عن الشعرات بل يستدل به أيضا الاخبار الآتية التي ورد فيها النهي عن الصلاة في الثوب الذي يلي جلود الثعالب إذا الظاهر أنه لا جعل ما يقع عليه من شعره ونوقش في ذلك بأنه علة مستنبطة فلا عبرة به وفي الرواية الأولى أيضا بضعف السند بالاضمار وجهالة بعض رواتها فعمدة المستند هي الموثقة وهي أيضا قد عرفت انها لا تسلم عن الخدشة هذا كله مع معارضة هذه الأخبار بصحيحة محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام هل يصلي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وان كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه ولكن يحتمل قويا جرى هذه الصحيحة مجرى التقية كما ستعرف هذا مع امكان الالتزام بمفادها بناء على استثناء ما لا تتم فيه الصلاة من عموم المنع كما سيأتي فيه ولكن لا يخفى عليك ان الالتزام بجواز مثل القلنسوة المتخذة من اجزاء ما لا يؤكل لحمه وما عليها من الشعر والوبر والمنع عن الشعرات الملقاة على الثوب في غاية البعد فالتفصيل في غاية الاشكال بل المتعين اما القول بالجواز مطلقا أو المنع كذلك وقد ظهر بما ذكر من امكان الخدشة في أدلة المانعين ان الأول لا يخلو عن قوة ولكن الثاني أحوط بل لعله أقوى فان دعوى ظهور الموثقة في مطلق التلبس الصادق على مثل الشعرات الملقاة قوية جدا مع اعتضادها بغيرها
(١٢٣)