الجهر أو الاخفات فيه مصلحة أخرى ملزمة أيضا فاجتماع كلتا المصلحتين في هذا الفرد أوجب تأكد طلبه واختصاصه بالوجوب فإذا اتى المكلف بالطبيعة في ضمن فرد اخر فقد احرز المصلحة المقتضية لتعلق الطلب بصرف الطبيعة فلا يعقل بقائها بعد بصفة الوجوب وعند ارتفاع الوجوب المعلق بالطبيعة يتعذر عليه احراز مصلحة الخصوصية سواء خرج وقت الفعل أم بقي زمانه إذ المفروض ان المصلحة المقتضية لخصوص الفرد تعلقت بايجاده امتثالا للامر بالطبيعة وقد فرضنا سقوط الامر المتعلق بالطبيعة بحصولها في الخارج مثلا لو اقتضى الافطار في شهر رمضان وجوب عتق رقبة من حيث هي ولكن كان في عتق المؤمنة مزية مقتضية لأرجحية عتقها كفارة عن الافطار فهذه المزية قد لا تنتهي إلى مرتبة الالزام (قد تنتهي إلى هذه المرتبة) فإذا أعتق المكلف رقبة غير مؤمنة فقد اتى بما اقتضته كفارة الافطار ولكن فوت على نفسه المزية التي وجب عليه رعايتهما مهما أمكن فيستحق المؤاخذة عليه ولا يمكنه تداركها بعد ارتفاع الطلب المتعلق بنفس الطبيعة ولو مع بقاء وقتها ان قلت إذا وجب عليه الاجهار في صلاته فقد حصل بفعله مخالفة ذلك التكليف فيكون منهيا عنه فكيف يصح وقوعه عبادة قلت مخالفة ذلك التكليف يحصل بترك اختيار الجهر في القراءة الذي هو نقيض المأمور به فهو الحرام لا باختيار فعل القراءة اخفاتا نعم لو قلنا بان الامر بشئ يقتضي النهي عن ضده الخاص وجب الالتزام بحرمته من حيث المضادة ولكنا لم نقل بذلك لا يقال مقتضى ما ذكر عدم وجوب إعادة الصلاة بالاخلال بهما مع العمد أيضا وهو خلاف الفرض لأنا نقول لا ندعي ان مهية الصلاة من حيث هي معراة عن هذه الخصوصية مطلوبة مطلقا كيفما اتفقت وانما المقصود بيان امكان ذلك دفعا لتوهم الاستحالة وغيرها من المحاذير المتوهمة في المقام والا فمن الجائز تقييد مطلوبية صرف الطبيعة بخلوصها عن شائبة التجري كي ينافيها التعمد أو التردد كما لا يخفى ولو تذكر أو علم في الأثناء لم يعد ما سبق من القراءة ولو كان بعض كلمة بل ولا ما سبق لسانه إليه بعد الذكر كما صرح به شيخنا المرتضى رحمه الله لما أشرنا إليه انفا من أن المدار في البطلان على أن يكون متعمدا في ذلك وهو ليس كذلك في الفرض فان المخالفة فيه مستندة إلى السهو أو الجهل السابق فلاحظ والله العالم المسألة الخامسة يجزيه عوضا عن الحمد اثنتي عشرة تسبيحة صورتها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثا بلا خلاف فيه ولا اشكال وانما الكلام في تعيين هذا المقدار فإنهم اختلفوا فيما يجب من الذكر في الأخيرتين عند اختياره على أقوال فعن صريح النهاية والاقتصاد ومختصر المصباح والتلخيص والبيان وظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوب التسبيحات الاثنتي عشرة المزبورة واستدل له بالصحيح المروي في كتاب الصلاة من السرائر ناقلا عن كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا تقرء في الركعتين الأخيرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئا اماما كنت أو غير امام قلت فما أقول فيهما قال إن كنت اماما فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم تبكر وتركع الحديث وفي خبر رجاء بن أبي الضحاك الحاكي لفعل الرضا عليه السلام في طريق خراسان فكان في الأخراوين يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم يركع وعن الفقه الرضوي أنه قال وفي الركعتين الأخراوين الحمد مرة والا فسبح فيهما ثلاثا تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تقولها في كل ركعة ثلاث مرات ويتوجه على الاستدلال بالصحيحة انه نقل الحلي هذه الصحيحة عن أصل حريز في مستطرفات السرائر باسقاط لفظ والله أكبر وكذا رواها في الوسائل عن الصدوق باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام بأدنى اختلاف في اللفظ قال لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت أو غير امام قال قلت فما أقول فيهما قال إذا كنت اماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات تكملة تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع فالظاهر أن زيادة التكبير في باب الصلاة من سهو قلم الناسخ لانس ذهنه به كما يشهد لذلك ما عن الفقيه وغيره من التصريح في ذيل الرواية لقوله تكمله تسعا وما احتمله في الوسائل وغيره من أن زرارة سمع هذا الحديث من الإمام عليه السلام مرتين وأثبته حريز في مقامين من كتابه كما نقله في السرائر بعيد في الغاية بل مما ينبغي القطع بعدمه وقد تصدى غير واحد من الاعلام لذكر شواهد ومؤيدات لاثبات الاتحاد لا حاجة إلى ايرادها وكفاك شاهدا لذلك استفهام زرارة عما يقول بعد ان نهاه عن القراءة فإنه يكشف عن عدم كونه مسبوقا بمثله والا لم يكن يجهله حتى يحتاج إلى الاستفهام عنه ثانيا إذ العادة قاضية بعدم طرو النسيان على مثل هذا التكليف المبتلي به دائما مع أنه على تقدير التعدد وجب حمل الرواية المشتملة على اثنتي عشرة على الاستحباب جمعا بينها وبين الرواية الأخرى التي هي صريحة في كفاية التسع وبهذا يظهر لك الجواب عن خبر رجاء والفقه الرضوي مع عدم ثبوت اعتبار الرضوي لدينا وضعف خبر رجاء سندا وقصوره من حيث الدلالة فان فعله عليه السلام لا يدل على الوجوب مضافا إلى ما حكى عن البحار من أنه قال إن الموجود في النسخ القديمة المصححة من العيون بدون التكبير والظاهر أن الزيادة من النساخ انتهى وربما يستدل أيضا لهذا القول باستصحاب التكليف وقاعدة الشغل وفيهما مالا يخفى خصوصا مع وجود الأدلة الوافية بإفادة حكم المورد وقيل يجزيه عشر باثبات التكبيرة في الأخيرة واسقاطها في الأولين وقد نسب هذا القول إلى جماعة من القدماء منهم الشيخ في جملة من كتبه ولكن لم يعرف له مستند يعتد به وربما يستدل له بصحيحة زرارة المتقدمة على ما رواها في الفقيه وفي اخر السرائر بحمل قوله ثم تكبر وتركع على إرادة تكبير غير تكبيرة الركوع كما يؤيد ذلك ابقاء الكلام على ظاهره من الوجوب وفيه ما لا يخفى فان ظاهره إرادة تكبير الركوع ولا أقل من عدم ظهوره في إرادة تكبير اخر غيره فمقتضى الأصل براءة الذمة عنه بناء على ما هو الحق لدينا من جريان قاعدة البراءة في مثل المقام لا الاشتغال هذا مع وفاء الأدلة بأثبات كفاية الأقل كما ستعرف وربما يظهر من الروضة ورود نص صحيح به فإنه بعد نقل قول الشهيد بالتخيير بين الحمد والتسبيح أربعا أو تسعا أو عشرا أو اثنتي عشرة قال ووجه الاجتزاء بالجميع ورود النص الصحيح بها
(٣١٧)