وظاهره إرادة الذكر الذي كان متعارفا في سجود الصلاة وقوله عليه السلام في المرسل المتقدم نقله غير مرة المروي عن دعائم الاسلام وليس في ذلك غير السجود ويدعوا في سجوده بما تيسر من الدعاء ويستكشف من هذه الرواية بل وكذا من سابقتها لو لم يكن المقصود بها الذكر المعهود الذي هو خصوص التسبيح ان الأذكار والأدعية الخاصة التي تعلق الامر بها في سائر الأخبار لم يقصد بها الوجوب عينا بل الفضل والاستحباب كما أن اختلاف الأذكار والأدعية الواردة في تلك الأخبار بنفسه مما يشهد لذلك ولكن لا يستكشف من شئ منها جواز ترك الجمع رأسا لا إلى بدل كما هو معنى الاستحباب لجواز كون ما تضمنتها الاخبار من قبيل أفضل افراد الواجب الا ان اثبات إرادة هذا المعنى أيضا يحتاج إلى دليل يدل على وجوب القدر المشترك بين الجمع وراء هذه الأخبار إذ الطلب الوارد في هذه الأخبار لم يتعلق الا بخصوص ما تضمنته وهو بخصوصه ليس بواجب بل مستحب اما ذاتا أو لكونه أفضل افراد الواجب كالصلاة في المسجد وحيث لا دليل على وجوب القدر المشترك عدى هذه الأخبار القاصرة عن افادته فالقول بجواز الترك رأسا كما هو المشهور أشبه بالقواعد بل ربما يستشعر ذلك من قوله (ع) في المرسل المتقدم ويدعو في سجوده بما تيسر ولكن مع ذلك كله الأحوط عدم ترك الذكر رأسا بل لا يخلو القول بعدم جوازه لم يم لكن مخالفا للاجماع عن وجه والله العالم ولو نسيها اي السجدة أو تركها عمدا عصيانا أو تعذر من تقية أو نحوها اتى بها فيما بعد فان مقتضي الأصل بل وكذا اطلاقات أدلتها عدم سقوط التكليف بالتأخير ووجوب المسارعة إلى فعلها أو بدلها فورا عند حصول سببها ولو في أثناء الفريضة لا يوجب تقييد وجوبها بأول زمان الامكان بحيث تكون كالواجب الموقت الذي يفوت بفوات وقته كما حكى القول به عن الشافعي فان غاية ما ثبت بالاجماع وغيره من النصوص الدالة على وجوب المبادرة إليها انما هي مطلوبية الفورية فيها مع الأماكن كأداء الدين ونحوه الا اختصاص مطلوبيتها بالفور كما لا يخفى على من لاحظ دليل الفور فمقتضى الأصل فضلا عن اطلاقات أدلتها عدم ارتفاع وجوبها وسقوط التكليف بها بالتأخير ومن هنا يظهر ان الاتيان بها فيما بعد ليس من القضاء المصطلح بل هو من قبيل ادعاء الدين في الان الثاني أو الحج في غير عام الاستطاعة ونحوه فما عن بعض من تسميته قضاء مبني على التوسع أو اشتباه ويشهد أيضا لوجوب الاتيان بها فيما بعد لو نسيها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئلته عن الرجل يقرء السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم وتخصيصه بالعزائم لعله لعدم وجوب السجود من أصله في غيرها أو لعدم تأكد مطلوبيته فيما عدى العزائم على الاطلاق مهما ذكر حتى في أثناء الصلاة ونحوها والا فمقتضى الأصل بقاء التكليف به في غير العزائم أيضا وعدم سقوطه بالتأخير والله العالم المسألة الثالثة سجدتا الشكر مستحبتان في العبارة إشارة إلى عدم كون مجموعهما عبارة مركبة بحيث يتوقف صحة أوليهما على الاتيان بالثانية بل هما من قبيل تعدد المطلوب فالأولى منهما في حد ذاتها مستحبة والعود إليها بعد التعفير مستحب اخر يوجب أكمليته السجود في مقام الشكر وبهذه الملاحظة يصح جعل المجموع عملا واحدا هو أكمل فراد المستحب فيحمل عليها الاستحباب بصيغة الافراد ولعل العبارة أيضا لا تأتي عن ذلك لجواز ان يكون تثنية الاستحباب بلحاظ تعددهما الصوري لا المعنوي وكيف كان فسجدة الشكر مستحبة مط وان لم تتعدد عند تجدد النعم ودفع النقم وعقيب الصلوات وعند تذكر النعمة ويدل على استحبابها عند تجد النعمة مضافا إلى في لخلاف فيه الا عن بعض أهل الخلاف على ما حكى عنهم من انكار شرعيتها أو القول بكراهتها اخبار كثيرة مروية من طرق العامة والخاصة فمن طرق العامة ما عن نهاية الاحكام وغيرها عن أبي بكر ان النبي صلى الله عليه وآله إذا اتاه امر يسره خر ساجدا أو عن عبد الرحمن بن عوف قال سجد رسول الله صلى الله عليه وآله فأطال فسئلناه قال اتاني جبرئيل (ع) فقال من صلى عليك مرة صلى الله عليه عشرا فخررت شكرا لله ومن طرق الخاصة صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المروية عن الفقيه عن أبي عبد الله (ع) أنه قال من سجد سجدة الشكر لنعمة وهو متوضي كتب الله له بها عشر صلوات ومحى عنه عشر خطايا عظام وعن بعض النسخ من سجد سجدة الشكر وهو متوضي باسقاط لفظ النعمة وخبر ذريح المحاربي المروي عن كتاب ثواب الأعمال وقال قال أبو عبد الله (ع) أيما مؤمن سجد لله سجدة شكر نعمة في غير صلاة كتب الله له بها عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وفي الجنان وموثقة عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في سفر يسير على ناقة له إذ نزل فسجد خمس سجدات فلما ركب قالوا يا رسول الله انا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه فقال نعم استقلني جبرئيل (ع) ببشارات من الله عز وجل فسجدت شكرا لله لكل بشرى سجده وخبر أبي بصير المروي عن الأمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يسير مع أصحابه في بعض طرق المدينة إذ ثنى رجله عن دابته ثم خر ساجدا فأطال في سجوده ثم رفع رأسه فعاد ثم ركب فقال له أصحابه يا رسول الله صلى الله عليه وآله رأيناك تثني رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود فقال إن جبرئيل (ع) اتاني فاقرأني السلام من ربي وبشرني انه لم يحزنني في أمتي فلم يكن لي مال فأتصدق به ولا مملوك فاعتقه فأحببت ان اشكر ربي عز وجل إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه التي سيأتي نقل بعضها انشاء الله ويستفاد من بعض منها استحباب سجدة الشكر للنعمة مط ولو لاستدامتها كما أنه يستفاد منها استحبابها لدفع النقم فإنه من تجدد النعم ويدل عليه أيضا صريحا خبر جابر المروي عن كتاب العلل قال قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع) ان أبي علي بن الحسين (ع) ما ذكر الله عز وجل نعمة عليه الا سجد ولا قرء آية من كتاب الله عز وجل فيها سجود الا سجد ولا دفع الله عنه سوء يخشاه أو كيد كائد الا سجد ولا فرغ من صلاة مفروضة الا سجد ولا وفق لاصلاح بين اثنين الا سجد وكان اثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمى السجاد لذلك ويستفاد من هذه الرواية محبوبية سجدة الشكر كالشكر اللساني في كل مورد يصلح له حتى على النعم السابقة التي يذكرها فيستحب السجدة شكرا لها عند تذكرها ويدل أيضا على استحباب سجدة الشكر عند تذكر النعمة مضافا إلى ذلك اخبار كثيرة منها خبر إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا ذكرت نعمة الله عليك وكنت في موضع لا يراك أحد فالصق خدك بالأرض وإذا كنت في ملاء من الناس فضع يديك في أسفل بطنك واخر ظهرك وليكن تواضعا لله عز وجل فان ذلك أحب ويرى ان ذلك غمز وجدته في أسفل بطنك أقول ولعل كون ذلك أحب إذا كان في ملاء من الناس لكون أوفق بالتقية حيث إن العامة على ما قيل يرونه بدعة أو لكونه بعد من الرياء أو من أن يشهر وخبر معاوية بن وهب المروي عن كتاب البصائر قال كنت مع أبي عبد الله (ع) وهو راكب حماره فنزل وقد كنا صرنا إلى السوق أو قريبا من السوق قال فنزل وسجد فأطال السجود وانا انظره ثم رفع رأسه إلي قال فقلت
(٣٦٢)