من أن الوجوب قد انتقل إلى الايماء فلا معنى للتكليف بالممكن من السجود اللهم الا ان يقال إن ايجاب الايماء انما هو لكونه من المراتب الميسورة للركوع والسجود التي لا تسقط بمعسورها لا انه من حيث هو مهية أخرى أجنبية عنهما قد جعله الشارع بدلا منهما تعبدا (فح) يجب رعاية ما هو الأقرب اليهما فالأقرب رعاية للقاعدة لولا حكومة الاطلاقات عليها ولكن يتوجه عليه انه يعتبر في جريان قاعدة الميسورة كون الماتى به بنظر العرف من مصاديق المأمور به بنحو من المسامحة العرفية بحيث لو قلنا بكون الألفاظ أسامي للأعم من الصحيحة لا ندرج الماتى به في مسامه حقيقة ومن الواضح انه وان أمكن دعوى تحقق هذا المعنى في الركوع في الجملة لكنه لا يتحقق بالنسبة إلى السجود ضرورة ان وضع الجبهة على الأرض من مقومات مفهومه عرفا فالانحناء الغير الموجب لوصول الجبهة إلى الأرض أجنبي عن مهية السجود فضلا عن مطلق الايماء نعم بينهما مناسبة عرفية مقتضية لجعله بدلا فليس أجنبيا صرفا كي يكون بدلية عنه تعبدا محضا وكيف كان فلا مسرح للقاعدة بالنسبة إليه نعم لو قلنا بان الانحاء في حد ذاته من اجزاء الصلاة أمكن التشبث لاثبات ما تيسر منه بقاعدة ما لا يدرك كله لا يترك كله لولا ظهور الاخبار الامرة بالايماء في خلافه فليتأمل وينبغي التنبيه على أمور الأول انه لو وجد الساتر في أثناء الصلاة ففي محكى التذكرة وغيره أمكنه الستر من غير فعل المنافى استتر وأتم صلاته وان توقف على فعل المنافى بطلت صلاته ان كان الوقت متسعا ولو بمقدار تحصيل الستر وأداء ركعة في الوقت الا استمر واحتمل بعض الاستمرار مطلقا للأصل والنهى عن ابطال العمل قول هذا الاحتمال في غاية الضعف إذ لا مسرح للأصل بعد شهادة النصوص والفتاوى باشتراط الستر في الصلاة لدى القدرة عليه وهى حاصلة بالنسبة إلى الأجزاء الباقية ولو باستيناف الصلاة واما النهى عن ابطال العمل فقد عرفت مرارا انه لا يصح الاستدلال به في مثل المقام واما ما ذكروه من وجوب الستر والمضي ما لم يتوقف على فعل المنافى والاستيناف عند توقفه عليه ما لم يتضيق الوقت فهو لا يخلو عن قوة اما وجوب الاستيناف عند توقفه على فعل المنافى فلما أشرنا إليه من أنه من مقتضيات شرطية الستر في الصلاة لدى القدرة عليه وهى مما لا مجال للارتياب فيه واما المضي فيها بعد الستر ما لم يتوقف على فعل المنافى فربما يعلل بان الأجزاء السابقة الواقعة بلا ستر وقعت صحيحة لكونها موافقة لما هو تكليفه في ذلك الوقت والأجزاء الباقية يأتيها مع الستر وما بينهما وهو زمان التشاغل بفعل الستر عفو إذا لا يعقل ان يكون الستر في هذا الحين شرطا في الصلاة لكونه تكليفا بما لا يطاق وفيه ان الستر في هذا الحين وان لا يعقل جعله شرطا في الصلاة لكن الجزء الواقع في هذا الحين يعقل ان يكون مشروطا بالستر فيجب عليه على هذا التقدير إعادة الصلاة مقدمة لوقوع هذا الجزء مع الشرط ولكن الشأن في اثبات شرطية الستر على الاطلاق حتى يقتضى اطلاق شرطيته الاستيناف في مثل الفرض فان غاية ما يمكن استفادته من الأدلة انما هو شرطية في حال العمد والاختيار فلا يعم مثل الفرض كما تقدمت الإشارة إليه في مسألة ما لو انكشفت العورة في الأثناء فالأولى الاستدلال له بقصور الأدلة عن إفادة شرطيته بالنسبة إلى ما يقع منها في هذا الحين فليتأمل هذا كله في سعة الوقت واما مع الضيق فلا مجال للارتياب في أنه يمضى في صلاته فان مراعاة الوقت أهم من مراعاة الستر بلا شبهة هذا إذا ضاق الوقت عن تحصيل الستر واستيناف الصلاة في الوقت ولو بمقدار أداء ركعة واما إذا تمكن من ادراك ركعة فهل بمضي في صلاته رعاية للوقت الاختياري ويستأنف رعاية للستر كما في محكى التذكرة وغيره فيه تردد منشأه ما تقدمت الإشارة إليه من القدر المتيقن الذي يمكن استفادته من الأدلة انما هو شرطية الستر مع العمد والاختيار فكما ان الوقت الاختياري لأجل تقييده بالاختيار لا يصلح ان يزاحم تكليفا فكذلك الستر فهما بنفسهما يتزاحمان في مثل الفرض نظير ما لو أراد الامر بين ادراك جميع الصلاة في الوقت مع الطهارة الترابية أو ركعة منها مع الماتية فلابد في مثل هذه الموارد من مراعاة الأهمية وهى مما لم تثبت في شئ منهما اللهم الا ان يدعى استفادتها بالنسبة إلى الستر مما ورد في كيفية العاري من الايماء للركوع والسجود حيث يفهم أهمية الستر من الركوع والسجود الذين لا يصلح مزاحمتها رعاية الوقت الاضطراري فليتأمل وحكى عن بعض الأساطين القول بوجوب الاستيناف في سعة الوقت (مط) سواء توقف على فعل المنافى أم لا فكأنه نظر إلى أن الصلاة بلا ستر كلا أو بعضا تكليف عذرى يتوقف صحته على استيعاب العذر للوقت كما هو الشان في جميع التكاليف العذرية التي لم يرد فيها نص خاص على كفاية الضرورة حال الفعل في شرعيته ولا ينافيه الالتزام بجواز البدار في سعة الوقت مع الياس عن زوال العذر أو مطلقا إذ غاية ما يلزمه وقوع صحة الفعل الاضطراري عند الاتيان به في سعة الوقت مراعاتا بعدم انكشاف الخلاف ولا محذور فيه عدى انه مع رجاء زوال العذر والتمكن من الفعل الاختياري قد لا يتأتى منه الجزم في النية حال الفعل لكن القائل بجواز البدار في مثل الفرض قد لا يعتبر الجزم في النية في المقام وكيف كان فلا يتوجه على القائل بوجوب الاستيناف لو استند في قوله إلى الوجه المزبور الاعتراض بان الامر الظاهري يقتضى الاجزاء إذ في كلتا مقدميته نظر بل منع حيث تقرر في محله ان امتثال الامر الظاهري غير مجز عن الواقع عن انكشاف المخالفة مع أنه ليس في المقام امر ظاهري فان من صلى في سعة الوقت بظن الضيق أو لزعمه عدم زوال العذر ثم تجدد القدرة لم يمتثل الا امرا وهميا لا واقعية له بناء على أن استيعاب العذر وعدم التمكن من الخروج عن عهدة التكليف الاختياري في مجموع الوقت المضروب له شرط في صحة الاضطراري ثم إن مقتضى هذا النباء وجوب الإعادة فيما لو تجدد القدرة بعد الصلاة أيضا ولعل البعض المتقدم إليه الإشارة يلتزم بالإعادة في هذه الصورة أيضا ولا يلزمه الالتزام بكون الستر كالطهارة الخبثية من الشرائط المخصوصة بحال الذكر كما يشهد له مضافا إلى الأصل الخبر الذي سمعته في تلك المسألة فيكون حال جاهل الانكشاف حال جاهل النجاسة الذي لا يجب عليه الإعادة لا في الوقت ولا في خارجه كما عرفته في احكام النجاسات واما غير المتمكن من الستر فكغير المتمكن من إزالة النجاسة حاله حال غيره من أولي الأعذار التي قد يتجه فيها الكلام المتقدم نعم لو كان مستند هذا القول الخدشة في العفو ما يقع من الصلاة في حال التشاغل بالستر بما تقدم التنبيه عليه عند التكلم
(١٥٧)