قام الرجل من الليل فظن أن الصبح قد أضاء وتر ثم نظر فرأى أن عليه ليلا قال يضيف إلى الوتر ركعة ثم يستقبل صلاة الليل ثم يوتر بعدها وفيه انها انما تدل على مشروعية إعادة الوتر عند إضافة ركعة إلى ما صلاها وجعلها نافلة أخرى وهذا مما لا شبهة فيه وان كان قد يستشكل في أصل العدول إذا كان بعد الفراغ منها كما لعله المنساق إلى الذهن من الرواية ولذا ربما تنزل على ما إذا نظر إلى الفجر وهو في أثناء الصلاة وكيف كان فهذه الرواية أيضا لا تخلو عن تأييد للمدعى فالقول بإعادتها لادراك فضيلة الاختتام بالوتر أقرب وأنسب بما تقتضيه قاعدة المسامحة خصوصا ان قلنا بجواز إعادة العبادة للإجادة كما نفينا البعد عنه في بعض المباحث المتقدمة في كتاب الطهارة ولكن الأقوى جواز الاجتزاء بما صلاها لما أشرنا إليه من صحتها ووقوعها مطابقة للامر المتعلق بها ولا تصلح رواية عقبة وغيرها مما ذكر دليلا لاثبات ما ينافي قاعدة الاجزاء أو للتصرف في موضوعها بجعل تأخير الوتر عما عداها شرطا في صحتها بعد ان ثبت جواز الاقتصار عليها اختيارا فهي محمولة على الاستحباب ومما يؤيد ذلك مضافا إلى ما ذكرها عن الفقه الرضوي قال فان كنت صليت الوتر وركعتي الفجر ولم يكن طلع الفجر فأضف إليها ست ركعات واعد ركعتي الفجر وقد مضى الوتر بما فيه وخبر علي بن عبد العزيز قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أقوم وانا أتخوف الفجر قال فاوتر قلت فانظر فإذا على ليل قال فصل صلاة الليل ثم انا قد أشرنا انفا إلى أن احتساب ركعتي الفجر من نافلة الليل مبني على جواز العدول من نافلة إلى أخرى وهو لا يخلو عن نظر خصوصا بعد الفراغ منها كما هو محل البحث وربما يستدل لذلك بمرسلة إبراهيم المتقدمة وبخبر علي بن عبد الله بن عمران عن الرضا عليه السلام قال إذا كنت في صلاة الفجر فخرجت ورأيت الصبح فزد ركعة إلى الركعتين اللتين صليتهما قبل واجعله وترا وفيه ان غاية ما يستفاد من المرسلة انما هو العدول من نافلة خاصة إلى نافلة مطلقة فان ظاهرها جعل الوتر بعد إضافة ركعة إليها نافلة أخرى غير نافلة الليل وهذا مما يمكن الالتزام به في الجملة وان لم يدل عليه دليل خاص كما لو شرع مثلا في صلاة جعفر فصلى ركعة ثم رجع عن قصده وأضاف إليها ركعة مخففة بقصد وقوعها امتثالا للامر بطبيعة الصلاة التي هي خير موضوع وهذا وان لا يخلو عن بحث لكن الحق جوازه نظير ما صام بعض اليوم بقصد الاعتكاف ورجع عن قصده وأتم صوم ذلك اليوم قربه إلى الله بلحاظ كونه طبيعة الصوم من حيث هي محبوبة عند الله تعالى وهذا مما لا ينبغي الاشكال فيه وانما الاشكال فيما إذا أراد ان يجعله قسما اخر من الصوم مباين لذلك الصوم في الصنف كصوم الكفارة أو القضاء أو نحو ذلك كما فيما نحن فيه واما الرواية الثانية فهي لا تخلو عن تشابه لما في متنها من التهافت ولذا احتمل المحدث الكاشاني وقوع التحريف فيه من النساخ وكون صلاة الفجر في الأصل صلاة الليل وكيف كان فالاعتماد على مثل هذه الرواية مع ما في متنها من التهافت وفي سندها من القصور في اثبات مثل هذا الحكم المخالف للقواعد مشكل والله العالم تنبيه لا شبهة في انقضاء الليل عند طلوع الفجر الصادق واستبانته فما حكى عن الأعمش وغيره من القول بامتداد الليل إلى طلوع الشمس وان ما بين الطلوعين من الليل لا يخلو عن غرابه ضرورة عدم صدق الليل على ما قيل طلوع الشمس بعد ان أضاء الصبح واسفر لا لغة ولا عرفا ولا شرعا بل يصح سلبه عنه على وجه غير قابل للتشكيك واغرب من ذلك ما نسب إليه من تجويزه الأكل والشرب للصائم إلى طلوع الشمس مع مخالفته للكتاب والسنة واجماع الأمة بل الضرورة من الدين والعجب من صاحب الجواهر وغيره حيث تعبوا بالهم في ابطال هذا القول بايراد الحجج من الآيات والاخبار والاستشهاد عليه بكلمات الفقهاء والمفسرين والحكماء الإلهيين والرياضيين واللغويين مع أن بطلانه أوضح من أن يبرهن عليه فان عدم صدق اخر الليل على قريب طلوع الشمس بديهي فإقامة البراهين عليه يوهم كونه من النظريات القابلة للتشكيك ولعل من زعم أن ما بين الطلوعين من الليل اغتر بما جرى عليه اصطلاح المنجمين من تسمية ما بين طلوع الشمس وغروبها يوما ومن غروبها إلى طلوعها ليلا بلحاظ احكامهم المتعلقة بالموضوعين ومن شيوع اطلاق اليوم في العرف على الأول وتسمية الزوال نصف النهار وانصراف اطلاقه إليه بل صحة سلبه عما قبله فهذا دليل على أن اليوم ابتدائه أو طلوع الشمس والا لكان نصف النهار قبل الزوال ومقتضاه امتداد الليل إلى طلوع الشمس إذ لا واسطة بين الليل والنهار بشهادة العرف وفيه ان عدم صدق الليل على ما قبل طلوع الشمس أبين لدى العرف وكذا في اطلاقات الشارع وعرف المتشرعة من انتفاء الواسطة بينهما فإن كان ابتداء اليوم عرفا أو شرعا من عند الطلوع ولم يكن قبله من اليوم لديهم وجب ان يكون ما بين الطلوعين واسطة بينهما كما هو أحد الأقوال في المسألة ويشهد له بعض الأخبار الدالة على أن ما بين الطلوعين ليس من ساعات الليل ولا من ساعات النهار ولكن الذي يقتضيه التحقيق ان ابتداء اليوم شرعا وعرفا انما هو من طلوع الفجر وإضائته ولكن كثيرا ما يطلق اليوم في عرف أرباب الحرف والصناعات في مقام الإجارات والمعاملات على المعنى الأول حتى أنهم كثيرا ما يطلقون أول الصبح ويريدون منه بعد طلوع الشمس مع أنه لا شبهة في أن الصبح صادق على ما قبله والحاصل ان لليوم اطلاقين فتارة يطلق على ما بين طلوع الفجر إلى الغروب وأخرى على ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وربما يعتبر في عرف الفقهاء على المعنى الأول بيوم الصوم وعن الثاني بيوم الأجير ولا ريب في كونه حقيقة في المعنى الأول فإنه بعد ان أسفر الصبح وأضاء لا يصح عرفا ان يقال لم يدخل النهار والان ليس بيوم واما اطلاقه على المعنى الثاني فلا يبعد ان يكون مبنيا على المسامحة بتنزيل ما قبل طلوع الشمس منزلة ما قبل اليوم بلحاظ عدم ترتب اثار اليوم عليه من الاشتغال بالاعمال والصنايع وكيف كان فهذا الاستعمال شايع ولا يبعد ان يكون تسمية الزوال نصف النهار جريا على هذا الاستعمال وان احتمل قويا ان يكون مأخذها قول المنجمين الذين لا ينتصف النهار عنده حقيقة بحسب ما جرى عليه اصطلاحهم الا إذا وصلت الشمس إلى الدائرة المسماة عندهم بدائرة نصف النهار والحاصل ان مفهوم اليوم والنهار وان كان
(٥٤)