من الإبريسم للرجال ولا يكره للنساء وقوله صلى الله عليه وآله لأسامة في خبر ليث المتقدم فاقسمها بين نسائك إذ لو لم تجز صلاتهن فيه لكان التنبيه عليه لان ما في مثل هذه الأخبار بعد قضاء العادة بان من يلبسه لم يزل يصلي فيه عند حضور وقت الصلاة ما لم يكن له رادع شرعي عن ذلك من النبي صلى الله عليه وآله بتقسيمه بين نسائه وعدم بيان بطلان صلاتهن فيه مع كونه في صدر الشريعة بحيث لا يحتمل في حقهن الاستغناء عن البيان بمعروفيته لديهن من أقوى الشواهد على الجواز ويدل عليه أيضا موثقة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال النساء تلبس الحرير والديباج (الا في الاحرام) فان قضية الاستثناء جواز لبسهن له (في الصلاة وربما يستدل بهذه الرواية ونظائرها من المعتبرة المستفيضة الدالة على عدم جواز لبسهن) في الاحرام للقول بعدم الجواز نظرا إلى تصريح الأصحاب والاخبار بأنه لا يجوز الاحرام الا فيما تجوز الصلاة فيه وفيه أولا ان تصريح الأصحاب والاخبار بأنه لا يجوز الاحرام الا فيما تجوز الصلاة فيه لا يجدي في اثبات عكسه وهو عدم جواز الصلاة الا فيما يجوز الاحرام فيه فالأولى للمستدل ان يتشبث للاثبات مدعاه بقول الصادق عليه السلام في حسن حريز وصحيحة كل ثوب يصلي فيه فلا باس بالاحرام فيه حيث إن مقتضاه اما جواز لبس الحرير في الاحرام وهو مخالف لظاهر الأخبار المستفيضة أو عدم جواز لبسه في الصلاة وهو المطلوب و لكن يتوجه عليه ان الموثقة المتقدمة الدالة على التفصيل بين حال الاحرام وحال الصلاة في جواز لبس الحرير أخص مطلقا من هذا الصحيح فلا يعارضها عمومه هذا مع أن جعل الصحيحة كاشفة عن الحاق حال الصلاة بالاحرام في المنع ليس بأولى من عكسه اي جعلها كاشفة عن الحاق الاحرام بالصلاة في جواز لبسه وكون المنع المتعلق به على سبيل الكراهة بل هذا هو الأولى فان الموثقة كالنص في دخول حال الصلاة في المستثنى منه إذ لو كانت الصلاة مشاركة للاحرام في المنع الذي أريد بالرواية لكانت أولى بالتعرض من الاحرام خصوصا لو كان المنع تحريميا لابتلاء كل امرأة بها في كل يوم وليلة فلو كان لبسه في الصلاة محرما لم يكن الإمام عليه السلام يهمل ذلك ويقتصر على استثناء حال الاحرام الذي لا يبتلي به الا آحاد من النساء في طول عمرها مرة أو أزيد فلابد اما من الالتزام بالتفصيل وجعل الموثقة مخصصة لعموم الصحيح أو حمل المنع المتعلق بلبس الحرير للنساء في الاحرام على الكراهة وربما يشهد للأخير جملة من الأخبار الواردة في الاحرام التي وقع فيها التعبير بلفظ الكراهة أولا يصلح أولا ينبغي الظاهر في الكراهة كموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينبغي للمرأة ان تلبس الحرير المحض وهي محرمة فان ظهور هذه الرواية ونظايرها في الكراهة أقوى من ظهور الموثقة المتقدمة وغيرها من الأخبار الناهية عن لبسه حال الاحرام في الحرمة خصوصا بعد اعتضاده بفهم المشهور وفتواهم فالأظهر جواز لبسهن له في الاحرام أيضا على كراهية كما يأتي توضيحه إن شاء الله في محله فهذه حجة أخرى مؤكدة لجواز لبسه في الصلاة على ما اعترف به المستدل من تصريح الأصحاب والاخبار بأنه لا يجوز الاحرام الا فيما تجوز الصلاة فيه ولا يعارض شيئا مما ذكر خبر جابر الجعفي المروي عن الخصال قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ليس على النساء اذان إلى أن قال ويجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة واحرام وحرم ذلك على الرجال الا في الجهاد الخبر فإنه مع ضعف سنده لا يأبى عن الحمل على الكراهة فيجمع بينها وبين الموثقة المتقدمة المفصلة بين الصلاة والاحرام بالحمل على اختلاف مراتبها بل لا يبعد ان يقال إن هذه الرواية بنفسها غير ظاهرة في الحرمة لامكان ان يكون المراد بالجواز معناه الأخص بل لعل هذا هو الظاهر منه لا ما يقابل الحرمة وان اشعر بذلك مقابلته بقوله وحرم ذلك على الرجال فليتأمل وكذا لا يعارضها رواية زرارة قال سمعته ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء الا ما كان من حرير مخلوط بجز لحمته أو سداه خز أو قطن أو كتان وانما يكره الحرير المحض للرجال والنساء إذ لا شاهد لتخصيصها بحال الصلاة كي يتحقق التنافي بينها وبين ما عرفت بل ظاهرها النهي عن لبسه مطلقا فيحمل في حق النساء على الكراهة إذ لا خلاف نصا وفتوى في عدم حرمة لبسه عليهن ودعوى ان هذا كاشف عن أن متعلق النهي هو لبسه حال الصلاة مما لا ينبغي الاصغاء إليها فما في الحدائق من اختيار القول بالمنع استنادا إلى الأمور المزبورة ضعيف والخنثى المشكل ملحق بالنساء في جواز اللبس بل وفي الصلاة أيضا لأصالة براءة ذمته عن التكليف بالاجتناب عنه في حال الصلاة وغيره وربما فصل بعض فالحقه بالرجال في الصلاة لأصالة الشغل في العبادات أو لعموم النهي عن الصلاة في حرير محض في صحيحة محمد بن عبد الجبار وغيرها المقتصر في تخصيصه على النساء ويتوجه على قاعدة الشغل ما تقرر في محله من أن الأقوى ان المرجع عند الشك في الشرطية و الجزئية هو البراءة دون الاحتياط من غير فرق بين ان يكون الشك ماشيا من اشتباه حال المكلف كما في الخنثى أو من اجمال الحكم الشرعي كما في ساير موارد الشك في الشرطية والمانعية ويرد على التمسك بعموم النهي بعد الغض عن امكان دعوى انصرافه إلى اللبس المحرم كما تقدمت الإشارة إليه ان الخنثى ليس طبيعة ثالثة بل هو اما رجل أو أنثى فالشك فيه شك في كونه من افراد المخصص المعلوم ولا يجوز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية على الأظهر كما تقدم التنبيه عليه غير مرة وقد يقال إنه يجب على الخنثى الاجتناب عن مختصات كل من الطائفتين فلا يجوز له لبس الحرير الذي هو من مختصات النساء فضلا عن الصلاة فيه ولا لبس العمامة التي هي من مختصات الرجال لأنه يعلم اجمالا بأنه مكلف بإحدى الوظيفتين فعليه الاحتياط وفيه انه لا اثر لمثل هذا العلم الاجمالي الا عند الجمع بين الوظيفتين ولو حكما بان كان كلا منهما مورد ابتلائه والا فلا يتنجز في حقه التكليف الا بما يعلم بتوجه خطابه إليه على اي تقدير كما لا يخفى وجهه على من تأمل فيما أسلفناه في كتاب الطهارة عند التكلم في حكم المائية المشتبه طاهرهما بنجسهما فراجع هذا مع أنه يمكن الخدشة في عموم دليل سائر المختصات التي ليس لها اطلاق دليل لفظي عن شمول الخنثى المشكل الذي هو في حد ذاته امر ملتبس فليتأمل ولا يجب على ولي الطفل والمجنون فضلا عن غيره منعهما منه للأصل وهل يجوز تمكينهما منه اما بالنسبة إلى الصبي الذي لا يطلق عليه اسم الرجل عرفا فالوجه الجواز لقصور أدلة الحرمة عن شمولها للأطفال حيث إنها لم تدل الا على حرمته للرجال فالأطفال الذي لا يطلق عليهم اسم الرجل خارجه عن موضوع الحكم اللهم الا ان يستدل للحرمة باطلاق النبوي المشهور في كتب الفتاوي هذا اي الذهب والحرير محرما على ذكور أمتي لكن يتوجه عليه يعد الغض عن امكان دعوى انصرافه عن الأطفال قصوره من حيث هو عن صلاحية الاستدلال به لاثبات حكم شرعي فمقتضى الأصل عدم
(١٣٩)