وظهور الرواية الأولى فيه صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يقرء في الفريضة فاتحة الكتاب وسورة أخرى في النفس الواحد فقال إن شاء قرء في نفس وان شاء في غيره واما ما حكى عن الذكرى من تفسير الترتيل بأنها حفظ الوقوف وأداء الحروف فلعله لكونه لازما عاديا للترتيل بالمعنى المزبور وان لا يخلو عن تأمل ويحتمل ان يكون مستنده ما حكى عن بعض مؤلفي التجويد من نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال سئل النبي صلى الله عليه وآله عن معنى الترتيل قال حفظ الوقوف وأداء الحروف وعن المحدث الكاشاني في الوافي روايته مرسلا عن أمير المؤمنين فقال الترتيب حفظ الوقوف وبيان الحروف كذا عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد طعن صاحب الحدائق في هذه الرواية بعدم ثبوته من طرقنا فلعلها من روايات العامة فيشكل حينئذ التعويل عليها في تفسير الآية (نعم قد يتجه العمل بها والالتزام) بأنه يستحب الوقوف على مواضعه من باب المسامحة ولكن المواضع التي يمكن الالتزام باستحباب الوقف عليها ليست ما عينها القراء بآرائهم ضرورة انه لم يقصد بالرواية الصادرة عن النبي أو الوصي عليهما السلام الإشارة إلى المواضع المعروفة عند القراء اللهم الا ان يقال إن المراد بالرواية ان صح صدورها عن النبي أو الوصي عليهما السلام بحسب الظاهر هو الوقوف على المحل الذي يحسن الوقف فيه بحسب نظم الكلام وقد عين القراء مواضعه بآرائهم فيرجع إليهم لكونهم من أهل الخبرة في ذلك الا في المواضع التي علم خطائهم لجهلهم بالتفسير كما في بعض المواضع الذي كشف عنه اخبار أهل البيت عليهم السلام كوقفهم على اخر الجلالة في قوله تعالى وما يعلم تأويله الا الله لزعمهم ان الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل القران مع أنه مفسر في الاخبار بالأئمة عليهم السلام ويحتمل ان يكون المراد بها الوقوف في أواخر الآي التي هي من مواضعه المعروفة عند عامة الناس كما يؤيده ما عن مجمع البيان مرسلا عن أم سلمة قالت كان النبي صلى اله عليه وآله يقطع قرائته آية آية ومنه أيضا قراءة سورة بعد الحمد في النوافل التي عرفت في صدر المبحث انه يجوز فيها الاكتفاء بفاتحة الكتاب وحدها اي النوافل المطلقة لا النوافل الخاصة التي لها كيفية مخصوصة اعتبرت السورة أو تكرارها أو تعددها في كيفيتها الموظفة كصلاة جعفر وعلي وفاطمة عليهم السلام وصلاة الاعرابي وغير ذلك فإنها خارجة عن محل الكلام وانما الكلام في سائر النوافل التي يجوز فيها الاكتفاء بفاتحة الكتاب وحدها من النوافل المبتدئة والمرتبة ونظائرها فإنه يستحب فيها قراءة السورة بعد الحمد بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعا كما عن غير واحد نقله بل هذا مما لا مجال للارتياب فيه بعد نفي احتمال وجوبه فكان من تشبث في المقام بالاجماع أراد بذلك نفي احتمال الوجوب والا فمشروعية قرائتها في النوافل كالفرائض على سبيل الاجمال التي يلزمها الاستحباب على تقدير في لوجوب لا يبعد أن تكون من ضروريات الدين فضلا عن ظهور كثير من النصوص في كونها من الأمور المسلمة المفروغ عنها لدى الأئمة و السائلين كما لا يخفى وهل يجوز الاكتفاء بأقل من سورة بعنوان المشروعة على سبيل التوظيف كما ربما يلوح ذلك من بعض كلماتهم في مقام توجيه بعض الأخبار الواردة في التبعيض من حمله على النافلة ويؤمي إليه قوله عليه السلام في خبر منصور بن حازم لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر فيه تردد والأحوط عند إرادة التبعيض عدم قصد التوظيف واما قراءة الأكثر من سورة فقد عرفت في مبحث القران نفي البأس عنه وقضية ذلك كونه أفضل من الاكتفاء بسورة لا لأن مقتضى شرعية الزيادة رجحانها والا لم يعقل وقوعها عبادة لما عرفت في مبحث التكبيرات السبع الافتتاحية من امكان الخدشة في ذلك بالنسبة إلى اجزاء العبادة التي لم يتعلق بها من حيث هي امر شرعي بل لأن القراءة من حيث هي راجحة شرعا فإذا نفى الباس عنها في مورد بان لم يكن في خصوص هذا المورد مشتملة على جهة مقتضية للمنع عنها كالقران بين سورتين في الفريضة اقتضى ذلك في كل موضع شرعت ان يكون أكثرها أكثر فضلا من أقلها نعم قد يتجه التفصيل بين النوافل الليلية والنهارية لوقوع النهي عن القران في النهارية في رواية محمد بن القاسم قال سئلت عبدا صالحا هل يجوز ان يقرء في صلاة الليل بالسورتين والثلاث فقال ما كان من صلاة الليل فاقرء بالسورتين والثلاث وما كان من صلاة النهار فلا تقرء الا بسورة سورة ومنه ان يقرء في الظهرين والمغرب بالسور القصار كالقدر والجحد وفي العشاء بالأعلى والطارق وما شاكلها وفي الصبح بالمزمل والمدثر وما ماثلهما قال صاحب المدارك المشهور بين الأصحاب انه يستحب القراءة في الصلاة بسور المفصل وهو من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى اخر القران فيقرء مطولاته في الصبح وهو من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى عم ومتوسطاته في العشاء وهي من سورة عم إلى الضحى وقصاره في الظهرين والمغرب وهي من الضحى إلى اخر القران وليس في اخبارنا تصريح بهذا الاسم ولا تحديده وانما رواه الجمهور عن عمر بن الخطاب والذي ينبغي عليه العمل ما رواه محمد بن مسلم في الصبح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام القراءة في الصلاة شئ موقت قال لا الا الجمعة تقرء بالجمعة والمنافقين فقلت له فأي السور تقرء في الصلاة قال اما الظهر والعشاء لآخرة تقرء فيهما سواء والعصر والمغرب سواء واما الغداة فأطول فاما الظهر وعشاء الآخرة فسبح اسم ربك الاعلى والشمس وضحها ونحوهما واما العصر والمغرب فإذا جاء نصر الله والهيكم التكاثر ونحوهما اما الغداة فعم يتسائلون وهل اتيك حديث الغاشية ولا اقسم بيوم القيمة وهل اتى على الانسان حين من الدهر انتهى وهو جيد إذ لا ريب في أن العمل بالصحيحة أولى من متابعة المشهور من باب المسامحة إذ لم تجد دليلا يعتد به على التفصيل المزبور لولا المسامحة واما ما رواه الجمهور عن عمر فهو انه روى عن أبي حفص انه روى باسناده قال كتب عمر إلى أبي موسى ان اقرأ في الصبح بطوال المفصل واقرء في الظهر بأوساط المفصل واقرء في المغرب قصار المفصل ولكن هذا التفصيل لا ينطبق على ما نسبه إلى المشهور فكان مراده انه ليس في اخبارنا التصريح باسم المفصل ولا تحديد المفصل ولذا أورد عليه بما رواه ثقة الاسلام في كتاب فضل القران من أصوله عن سعد الإسكاف قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أعطيت السور الطوال مكان التورية وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة وهو مهيمن على سائر الكتب اي شاهد عليها ودليل على أنها كتب سماوية على ما فسره بعض والمراد بالسور الطوال على ما قيل بل حكى عن جمع من العلماء سبع سور من البقرة إلى يونس على أن يكون
(٣٠٦)