صلوات خاصة في طول هذه المدة فلا يتبادر منها الا إرادة تلك الصلوات في هذه المدة على سبيل التوسعة ولكن ثبت بدليل خارجي تقييد الأولين بكونهما قبل الغروب والأخريين بما بعده فيرفع اليد عن ظاهر الآية بمقدار دلالة الدليل فما في الحدائق وفاقا لمنا حكاه عن شيخنا البهائي من الخدشة في دلالة الآية بأنها لا تدل الا على كون مجموع هذه المدة وقتا للصلوات في الجملة ولا ينافي ذلك كون اخر أوقات الصلوات أوقاتا اضطرارية ضعيف فان الآية بحسب الظاهر اما منزلة بعد شرعية الصلوات اليومية ونزول جبرئيل بها في أوقاتها الخمسة فأريد بالآية التوسعة في أوقات الصلوات المعهودة بجعل وقتها من دلوك الشمس إلى غسق الليل المفسر في الأخبار المستفيضة بنصفه أو انها مسوقة ابتداء لايجاب صلوات خاصة على سبيل الاجمال في هذه المدة المحدودة بين الحدين فهي وان كانت مجملة بالنسبة إلى اجزاء الصلوات وشرائطها وسائر خصوصياتها لكنها بالنسبة إلى وقتها على سبيل الاجمال مبينة بمعنى انها تدل على أن مجموع هذه المدة وقت لتلك الصلوات في الجملة ولو على سبيل التوزيع وحيث إن الخطاب بفعلها في طول هذه المدة نتوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله من غير اعتبار الضرورة شرطا في جواز التأخير دلت الآية على أن مجموع الوقت وقت اختياري لها على سبيل الاجمال فهي تدل على أن ما قبل انتصاف الليل وقت لتلك الصلوات في الجملة ولو لخصوص العشاء وكذا ما قبل الغروب وقت لها في الجملة ولو لخصوص العصر فيتم فيما عداها بعد القول بالفصل ومما يؤكد دلالة الآية على المدعى بعض الأخبار الواردة في تفسيرها مما هو بنفسه حجة كافية مثل ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير الآية أنه قال إن الله تعالى افترض اربع صلوات أول وقتها من غروب الشمس إلى انتصاف الليل منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه ويدل عليه أيضا صحيحة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر والعصر فقال إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الظهر والعصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس ومرسلة داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فإذا مضى مقدار ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات الحديث ورواية زرارة عن أبي جعفر قال أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة فإن لم تفعل فإنك في وقت منها حتى تغيب الشمس وصحيحة زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إن من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان الوقت وقتان والصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله صلى الله عليه وآله وربما اخر الا صلاة الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام وما في الحدائق من الخدشة في دلالة هذه الأخبار أيضا كالآية الشريفة بان هذه الأدلة كلها لا تصريح ولا ظهور فيها بكون الامتداد إلى الغروب أو إلى الانتصاف وقتا للمختار كما هو المطلوب بالاستدلال وانما تدل على كونه وقتا في الجملة ويكفي في صدقه كونه وقتا لذوي الاعذار والاضطرار انتهى مما لا ينبغي الالتفات إليه ضرورة ان المتبادر من تحديد وقت التكاليف الموقتة ليس الا إرادة الوقت الذي يجوز اتيانها فيه اختيارا كما لو سئل عن وقت صلاة الخسوف فقيل من أوله إلى زمان الاخذ في الانجلاء أو تمامه وعن وقت زكاة الفطرة أو غسل الجمعة فقيل من طلوع الفجر إلى الزوال فهل يتوهم أحد في مثل هذه الموارد شائبة اهمال أو اجمال خصوصا مع ما في بعضها كصحيحة عبيد ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس بل رواية زرارة المتقدمة عن أبي جعفر عليه السلام كبعض الاخبار الآتية كادت تكون صريحة في استحباب فعل الفريضة في أول الوقت وجواز فعلها في الوقت الأخير ومرجوحيتها بالإضافة مثل ما رواه معاوية بن عمار وابن وهب قال قال أبو عبد الله لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضلهما وما رواه بكر بن محمد الأزدي قال قال أبو عبد الله عليه السلام لفضل الوقت الأول على الاخر خير للرجل من ولده وماله وعن قتيبة الأعشى عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن فضل الوقت الأول على الاخر كفضل الآخرة على الدنيا إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه واستدل في الحدائق لما اختاره من كون الوقت الأول للمختار والثاني للمضطر وأولى الاعذار بطوائف من الاخبار منها ما رواه في الكافي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وليس لاحد ان يجعل اخر الوقتين وقتا الا في عذر من غير علة وما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا قال قال الصادق عليه السلام أول الوقت رضوان الله واخره عفو الله والعفو لا يكون الا عن ذنب وما رواه الشيخ في التهذيب عن ربعي عن أبي عبد الله عليه السلام قال انا لنقدم ونؤخر ليس كما يقال من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك وانما الرخصة للناسي والمريض والمدنف والمسافر والنائم في تأخيرها وما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو سهى ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم وليس لاحد ان يجعل اخر الوقتين وقتا الا من عذرا وعلة ورواية إبراهيم الكرخي قال سئلت أبا الحسن موسى عليه السلام متى يدخل وقت الظهر قال إذا زالت الشمس فقلت متى يخرج وقتها قال من بعد ما يمضي من زوالها أربعة اقدام إلى أن قال وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع فقلت له لو أن رجلا صلى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة اقدام أكان عندك غير مؤد لها فقال
(٣٢)