في تلك الأماكن أزيد من ركعتين لكن لقائل ان يقول إن هذا لا يقتضي اهمال القضية رأسا بالنسبة إلى تلك الأماكن بل مقتضاه رفع اليد عن عموم ما يفهم منها من عدم شرعية الزائد بمقدار دلالة الدليل كما لو ورد دليل خاص على جواز الاتيان بركعتين مثلا من نافلة الظهر في مكان خاص فان مقتضاه ليس الا رفع اليد عن عموم المفهوم بالنسبة إلى الركعتين لا اهماله بالنسبة إلى ذلك المكان رأسا فعلى هذا يتجه اختيار القول الأول فليتأمل ويمكن الاستدلال له أيضا بترك الاستفصال فيما رواه صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سئلته عن التطوع بالنهار وانا في سفر فقال لا ولكن تقضي صلاة الليل بالنهار وأنت في سفر فقلت جعلت فداك صلاة النهار التي أصليها في الحضر أقضيها بالنهار في السفر قال اما انا فلا أقضيها ويمكن الاستدلال لتبعيتها لاتمام الفريضة بما يستشعر من جملة من الاخبار بل يستظهر من بعضها من تبعية سقوط النافلة لتقصير الفريضة مثل ما عن الفضل بن شاذان في حديث العلل عن الرضا عليه السلام عليه السلام قال وانما ترك تطوع النهار ولم يترك تطوع الليل لان كل صلاة لا يقصر فيها لا يقصر فيما بعدها من التطوع وذلك أن المغرب لا تقصير فيهما فلا تقصير فيما بعدها من التطوع وكذلك الغداة لا تقصير فيها فلا تقصير فيما قبلها من التطوع وفيه تأمل فالانصاف ان الحكم موقع تردد فالقول بالسقوط ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط نعم لا ينبغي التأمل في عدم سقوطها عن المسافر الذي هو بحكم الحاضر ككثير السفر ونحوه كما صرح به بعض بل عن ظاهر الغنية أو صريحها دعوى الاجماع عليه فان ظاهر الأدلة الدالة على أنه يتم صلاته ويصوم ان هذا ليس الا لكونه بمنزلة الحاضر وانه لا حكم لسفره فيختص الأحكام المجعولة للمسافر بغيره كما لا يخفى على المتأمل الثاني هل يجوز قضاء ما يتركه المسافر من النوافل اليومية أم لا فقد اختلفت الاخبار في ذلك فربما يظهر من بعض الأخبار عدم مشروعية كخبر سيف التمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له بعض أصحابنا انا كنا نقضي صلاة النهار إذا نزلنا بين المغرب والعشاء الآخرة فقال لا الله اعلم بعبادة حين رخص لهم انما فرض على المسافر ركعتين ليس قبلهما ولا بعدهما شئ الا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك وخبر العامري عن أبي جعفر (ع) وليس عليك قضاء صلاة النهار وصل صلاة الليل واقضه وعن أبي بصير ويظهر من بعض الأخبار استحبابه كخبر حنان بن سدير قال قال أبو عبد الله عليه السلام كان يقضي في في السفر نوافل النهار بالليل ولا يتم صلاة فريضة وعن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اقضي صلاة النهار بالليل في السفر فقال نعم فقال له إسماعيل بن جابر اقضي صلاة النهار بالليل في السفر فقال لا فقال إنك قلت نعم فقال إن ذلك يطيق وأنت لا تطيق وربما جمع بين الاخبار بحمل الفعل على الجواز وفيه مالا يخفى ان أريد به تساوي طرفيه وانه لا اثم فيه وليس بمسنون أو بالحمل على نفي التأكد أو ان الفعل يقع راجحا بلحاظ كونه مصداقا لطبيعة الصلاة التي هي خير موضوع فتعلق الامر به في رواية معاوية بن عمار انما هو بهذه الملاحظة واما خبر حنان فيحتمل صدوره على سبيل الانكار وفي هذا التوجيه أيضا ما لا يخفى خصوصا مع اقتضائه حمل خبر حنان على الانكار مع ما فيه من البعد وان كان ربما يستشعر هذا التوجيه من رواية عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك اني سئلتك عن قضاء صلاة النهار بالليل في السفر فقلت لا تقضها وسئلك أصحابنا فقلت اقضوا فقال لي أفأقول لهم لا تصلوا والله ما ذاك عليهم فاقرب المحامل هو الحمل على عدم تأكد الاستحباب على وجه يعد من الأمور اللازمة كما يشعر بذلك ما في خبر العامري من التعبير بأنه ليس عليك وفي الرواية الأخيرة أيضا بأنه ما ذاك عليهم والله العالم والنوافل كلها موقتها وغير موقتها ركعتان بتشهد وتسليم بعدهما الا مفردة الوتر التي عرفتها وصلاة الاعرابي التي ستعرفها على المشهور بل عن الخلاف والسرائر وغيرهما دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى الاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة وعدم نقل خلاف محقق في المسألة خبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي النافلة يصلح له ان يصلي أربع ركعات لا يسلم بينهن قال لا الا ان يسلم بين كل ركعتين وما عن مستطرفات السرائر نقلا عن كتاب حريز بن عبد الله عن أبي بصير قال قال أبو جعفر عليه السلام في حديث وافصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم وبعضهما النبوي العامي الذي استدل به الشيخ في محكي الخلاف المدعى حيث إنه منع عن الزيادة وقال فان فعل خالف السنة محتجا عليه باجماعنا وبما رواه ابن عمران رجلا سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن صلاة الليل فقال صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة يوتر له ما قد صلى ثم نقل عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وآله أنه قال صلاة الليل والنهار مثنى والخدشة في سند الاخبار أو دلالتها باحتمال إرادة خصوص النوافل المرتبة مما لا ينبغي الالتفات إليها بعد الانجبار بما عرفت هذا مع أن الاحتمال المذكور في حد ذاته مخالف لظاهر الخبرين الأولين واستدل للمدعى أيضا بان كيفية العبادة كأصلها توقيفية والذي ثبت من فعل الحجج وقولهم عليهم السلام انما هو فعل الصلاة ركعتين فاتيانها بغير هذه الكيفية تشريع محرم وفيه ما تقرر في محله من أن كون العبادات توقيفية لا يصلح دليلا لايجاب الاحتياط بالنسبة إلى ما يشك في جزئية أو شرطية فلا يصح الاستدلال بذلك لاثبات وجوب التسليم في كل ركعتين وعدم جواز الاتيان بثمان ركعات التي هي نافلة الزوال مثلا موصولة نعم يصح التمسك بذلك لنفي شرعية ركعة مستقلة حيث لم يثبت لدينا تعلق امر شرعي بايجاد صلاة ركعة الا في مفردة الوتر وصلاة الاحتياط فمقتضي الأصل عدم مشروعيتها في غير هذين الموردين ويؤيده رواية ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن البتراء يعني الركعة الواحدة على ما فسروه فما عن المحقق الأردبيلي رحمه الله من الاستشكال في اعتبار كون النوافل ركعتين بل الميل أو القول بجواز ركعة واحدة وما زاد على الركعتين موصولة نظرا إلى صدق كونها صلاة وعموم ما دل على شرعية الصلاة استحبابها ضعيف فان المسك باطلاق ما دل على شرعية الصلاة واستحبابها مطلقا وانها خير موضوع أو باطلاق الامر بثمان ركعات في نافلة الزوال ونحوها الصادفة على الموصولة والمفصولة انما يصح بناء على بناء على كون ألفاظ العبادات أسامي للأعم من الصحيحة وكون الاطلاقات مسوقة لبيان الاجزاء والشرائط
(١٣)