ونحوها من الثياب الصغيرة المركبة من طيات عديدة مما يمكن ستر العورة به على تقدير تغيير وضعه ويعتبر فيما لا تتم فيه الصلاة وحده كونه كذلك من حيث الصغر كالتكة والقلنسوة لا من حيث الرقة ونحوها كما يظهر وجه ذلك كله مما أسلفناه في مبحث النجاسات ويجوز الركوب عليه اي على الحرير المحض وافتراشه على الأصح وفاقا للمشهور كما ادعاه غير واحد بل في المدارك انه المعروف من مذهب الأصحاب وحكى عن المصنف رحمه الله في المعتبر التردد فيه منشأه الصحيحة الآتية الدالة على الجواز وعموم التحريم على الرجال واعترضه غير واحد ممن تأخر عنه بان المحرم لبسه كما هو المنساق من أدلته حتى من مثل قوله صلى الله عليه وآله هذان محرمان على ذكور أمتي فان المتبادر منه إرادة لبسهما وهو غير الافتراش مع أن الصحيحة أخص مطلقا منه فلا مقتضى للتردد فيه وحكى عن المختلف انه نسب القول بالمنع إلى بعض المتأخرين قال في محكى المختلف بعد الحكم المذكور ومنع بعض المتأخرين من ذلك لعموم المنع عن لبس الحرير وليس بمعتمد لان منع اللبس لا يقتضي منع الافتراش لافتراقهما في المعنى انتهى ووفي الحدائق بعد نقل ما سمعته عن المختلف قال لا يبعد ان يكون كلام المختلف إشارة إلى منع صاحب المعتبر وان كان على جهة التردد حيث لم ينقل فيما وصل الينا عن غيره انتهى و في المدارك بعد ان حكى عن المختلف نسبة القول بالمنع إلى بعض المتأخرين قال وهو مجهول القائل والدليل واعترضه في الجواهر بأنه حكى عن ابن حمزة في اخر كتاب المناجاة التصريح بالمنع فقال وما يحرم عليه لبسه يحرم فرشه والتدثر به والاتكاء عليه واسباله سترا بل عن المبسوط مثل ذلك أيضا انتهى وكيف كان فالقول بالمنع على تقدير تحققه ضعيف إذ لا دليل عليه عدى ما أشار إليه في محكى المعتبر من عموم التحريم على الرجال وفيه ما تقدمت الإشارة إليه من اختصاصه باللبس فمقتضى الأصل جواز ما عداه مما لا يصدق عليه اسم اللبس من الافتراش والركوب عليه وغير ذلك ومما يدل على المشهور مضافا إلى الأصل صحيحة علي بن جعفر عليه السلام قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الفراش الحرير ومثله من الديباج والمصلي الحرير هل يصلح للرجال النوم عليه واتكائه والصلاة عليه قال يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه وربما يؤيد المنع ما عن الفقه الرضوي أنه قال ولا تصل على شي من هذه الأشياء الا مما يصلح لبسه وكأنه أراد بهذه الأشياء الميتة والحرير والذهب ولكنك عرفت مرارا ان الرضوي لا ينهض حجة فضلا عن صلاحيته لمعارضة ما عرفت تنبيه في المدارك بعد ان صرح باختصاص النهي باللبس دون الافتراش قال وفي حكم الافتراش التوسد عليه والالتحاق به اما التدثر به فالأظهر تحريمه لصدق اسم اللبس عليه انتهى واعترضه غير واحد ممن تأخر عنه بمنع صدق اسم اللبس على التدثر فهو أيضا كالالتحاف والتوسد بحكم الافتراش أقول ربما يظهر من كتاب مجمع البحرين صدق اسم اللبس على التدثر قال في قوله تعالى يا أيها المدثر اي المتدثر بثيابه وهو اللابس الدثار الذي هو فوق الشعار والشعار الثوب الذي يلي الجسد ومنه تدثر اي لبس الدثار وتلفف به انتهى وعن بعض تفسير التدثر بالتغطي فعلى هذا لا يصدق عليه اسم اللبس وكيف كان فالمدار في الحرمة على صدق اطلاق اللبس حقيقة والمرجع لدى الشك في الصدق اصالة البراءة والله العالم وتجوز الصلاة في ثوب مكفوف به كما لعله المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ولكن حكى عن القاضي والسيد في بعض مسائله وعن ظاهر الكاتب المنع عنه وعن جماعة من المتأخرين الميل إليه لعموم منع الرجال عن لبس الحرير المحض الصلاة فيه وفيه ان ما دل على المنع عن الصلاة في ثوب إبريسم محض وحرمة لبسه لا تعم الثوب المركب من الحرير وان كان التركيب بانضمام قطع الحرير إلى غيره وجعل المجموع ثوبا واحدا فان الثوب لا يصدق على ابعاضه ولا بصدق على المجموع انه ثوب إبريسم محض خصوصا إذا كان معظم اجزائه من غير الحرير كما فيما نحن فيه نعم يصح الاستشهاد للمنع باطلاق مثل قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن عبد الجبار لا يحل الصلاة في حرير محض بدعوى صدقه على ما إذا كان جزء من اللباس ولكن يتوجه على هذا أيضا بعد الغض عن امكان دعوى انصرافه عن ذلك أنه يتعين صرفه عنه جمعا بينه وبين رواية يوسف بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالثوب ان يكون سداه وزره وعلمه حريرا و انما يكره الحرير المبهم للرجال ورواه الصدوق باسناده عن يوسف بن محمد بن إبراهيم وخبر أبي داود يوسف بن إبراهيم قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعلى قباء خز وبطانته خز وطيلسان خز مرتفع فقلت ان على ثوبا اكره لبسه فقال وما هو قلت طيلساني هذا قال وما بال الطيلسان قلت هو خز قال وما بال الخز قلت سداه إبريسم قال وما بال الإبريسم لا يكره ان يكون سدي الثوب إبريسم ولازره ولا علمه وانما يكره المصمت من الإبريسم للرجال ولا يكره للنساء وظاهر الخبرين اختصاص الحرمة بما إذا صدق على الثوب انه حرير محض فلا يلاحظ اجزائها من حيث هي على سبيل الاستقلال وتوهم امكان تخصيص الخبرين بغير حال الصلاة مدفوع أولا بان من الواضح انه لو كان الثوب الذي أريد في الرواية نفي الباس عنه محرما لبسه في الصلاة لم يكن الإمام عليه السلام ينفي الكراهة عنه على الاطلاق وثانيا ان الخبرين بمنزلة المفسر للحرير المحض الذي عق عليه حرمة اللبس والصلاة فيه في سائر الأخبار واستدل له أيضا بخبر جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره ان لبس القميص المكفوف بالديباج ويكره لباس الحرير ولباس الوشمي ويكره المثيرة الحمراء فإنها مثيرة إبليس ونوقش فيه بان الكراهة أعم في عرفهم من الكراهة المصطلحة كما يؤيد ذلك تتمة الرواية حيث تعلقت الكراهة فيها بالأشياء التي بعضها محرم وبعضها مكروه وبالخبر العامي عن أسماء انه كان للنبي صلى الله عليه وآله جبة كسروانية لها لنبة ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج وخبر عمر ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الحرير الا موضع إصبعين أو ثلاث أو اربع ولا باس بذكرها في مقام التأييد والا فلا يعول على مثل هذه الأخبار في اثبات حكم شرعي مع أن تمامية الاستدلال بأولهما مبني على أن يكون الديباج اسما للحرير المحض وهو لا يخلو عن تأمل واما ثانيهما فمقتضاه اختصاص الجواز بموضع الأربع أصابع فما دون والمنع عما زاد على ذلك وقد شاع التحديد بذلك فيما بين الأصحاب بحيث نسبه بعض إلى المشهور واخر إلى الأصحاب فمن هنا قد يترجح في النظر صحة هذا التحديد وجواز التعويل على ذلك الخبر إذ الظاهر أن مستند هذا التحديد الذي اشتهر بين الأصحاب ليس الا هذه الرواية فهي لدى الأصحاب ملاقاة بالقبول وهذا من أبين انحاء التبين الذي يجوز معه العمل بكل رواية ولكن الأقوى خلافه فان رفع اليد عن مقتضيات الأصول والقواعد وارتكاب التأويل في ظواهر الأدلة المعتبرة بمثل هذه المراسيل مشكل واعتماد من حدد الكف ونحوه بالأربع أصابع على خصوص هذا الخبر غير معلوم كي يدعى انجبار ضعفه
(١٤٢)