لمن صلى عند قبورهم ان يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوز ان يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت اما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيادة بل يضع خده الأيمن على القبر واما الصلاة فإنها خلفه ويجعله الإمام ولا يجوز ان يصلي بين يديه لأن الإمام لا يتقدم ويصلي عن يمينه وشماله وعن الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام مثله الا أنه قال ولا يجوز ان يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن شماله لأن الإمام لا يتقدم ولا يساوي أقول ولعل المنع عن السجود عليه لارتفاعه عن الأرض بأكثر من قدر لبنة أو لعدم كونه مما يصح السجود عليه وفي خبر محمد بن البصري روى عن مزار ابن قولويه عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث زيارة الحسين عليه السلام قال من صلى خلفه صلاة واحدة يريد بها الله تعالى لقى الله تعالى يوم يلقاه وعليه من النور ما يغشى له كل شئ يراه الحديث وعنه أيضا باسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال اتاه رجل فقال له يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله هل يزار والدك قال نعم ويصلي عنده وقال ويصلي خلفه ولا يتقدم عليه وفي خبر أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه السلام ثم تدور من خلفه إلى عند رأس الحسين عليه السلام وصل عند رأسه ركعتين تقرأ في الأولى إلى أن قال وان شئت صل خلف القبر وعند رأسه أفضل وما في الحدائق من الجمع بينها بتخصيص الصحيحتين بهذه الاخبار والالتزام بان الجواز من خصائص قبور المعصومين عليهم السلام لما فيها من زيادة الشرف مدفوع بان العمدة هي صحيحة زرارة وهي نص في ثبوت الحكم لقبر النبي صلى الله عليه وآله وكونه الأصل فيه واحتمال اختصاصه بقبور الأئمة عليهم السلام دون قبر النبي صلى الله عليه وآله مما لا ينبغي الالتفات إليه خصوصا مع شذوذ أصل القول بحرمة الصلاة إلى القبر ومخالفة هذا التفصيل للاجماع على ما يظهر من بعض حيث إن المفيد وغيره ممن حكم بالحرمة لم يفصل بين قبر المعصوم وغيره وقد يجاب أيضا عن الاستدلال بالصحيحتين بان معنى اتخاذ القبر قبلة المعاملة معه معاملة القبلة بالتوجه إليه من اي جهة تكون كما تقدمت الإشارة إليه وهذا مما لا شبهة في حرمته وفيه ان هذا المعنى وان كان قريبا إلى الذهن بالنظر إلى ما يتراءى من التعبير بلفظ الاتخاذ ولكنه مما ينبغي القطع بعدم ارادته من الصحيحتين إذ ليس اطلاق نفي الباس عن الصلاة بين المقابر منشأ لتوهم جواز المعاملة مع القبور معاملة القبلة كي يحسن تقييده بقوله ما لم يتخذ القبر قبلة اللهم الا ان يكون الكلام مسوقا على سبيل التورية لضرب من التقية كما يؤيد ذلك ما قيل من موافقته لروايات العامة وفتوى بعضهم بالحرمة وظهور الأخبار الخاصة الوارد في باب زيارات الأئمة عليهم السلام التي تقدم بعضها في في لكراهة بالنسبة إلى قبور المعصومين بل استحبابه لما في بعضها من بيان ما يترتب عليه من الأجر والثواب وفي بعضها الامر بجعل القبر بين يديه وفي اخر امامه فيشكل مع ذلك الالتزام بالكراهة فيها أيضا كما نسب إلى المشهور فضلا عن الحرمة كما هو ظاهر الصحيحة التي هي صريحة في كون قبر رسول الله صلى الله عليه وآله أصلا في هذا الحكم اللهم ان ينزل الأخبار الخاصة الواردة في باب الزيارات على إرادة الثواب على أصل الفعل وان المراد بالخلف أو جعل القبر بين يديه أو امامه ما يقابل التقدم عليه أو مع التساوي أيضا لا خصوص ما يحاذي القبر الشريف فلا ينافي ذلك كراهة اتخاذه قبلة بمعنى مرجوحيته بالإضافة إلى ما لو صلى في ناحية منه من عند رأسه أو رجليه كما يؤيد ذلك بل يشهد له رواية أبي اليسع المنقولة عن الأمالي قال سئل رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا اسمع قال إذا اتيت قبر الحسين عليه السلام اجعله قبلة إذا صليت قال تنح هكذا ناحية وربما يؤيده أيضا رواية أبي حمزة المتقدمة هذا ولكن الانصاف ان الالتزام بالكراهة في قبور المعصومين التي ورد فيها اخبار مستفيضة لا يخلو عن اشكال وكون الصلاة عند الرأس أفضل منه لا يصحح اطلاق اسم المكروه عليه ولذا قد يشكل التعويل على ظاهر صحيحة زرارة ولو على تقدير حملها على الكراهة فعمدة مستند الكراهة هي صحيحة معمر الدالة على ثبوت الباس فيه في الجملة المعتضدة بفتوى المشهور المنصرفتين عن قبور المعصومين عليهم السلام والله العالم ثم إنه قد وقع في مكاتبة الحميري ورواية هشام بن سالم المتقدمتين المنع عن الصلاة قدام قبر الإمام عليه السلام فهل هو على سبيل الكراهة والتحريم وقد نسب إلى المشهور الأول بل في الحدائق اني لم أقف على من قال بالتحريم عملا بظاهر الصحيحة المذكورة يعني مكاتبة الحميري سوى شيخنا البهائي طاب ثراه ثم اقتفاه جمع ممن تأخر عنه منهم شيخنا المجلسي وهو الأقرب عندي إذ لا معارض للخبر المذكور بل في الاخبار ما يؤيده مثل حديث هشام بن سالم المتقدم نقله من كتاب كامل الزيارات انتهى أقول ويمكن الخدشة في الاستدلال المزبور بأنه قد علل المنع في الخبر المذكور بان الإمام لا يتقدم فلو كان المنع تحريميا لوجب ان يكون التقدم على القبر الشريف في حد ذاته حراما مطلقا حتى يستقيم البرهان وهو ليس كذلك في سائر الأحوال ما لم يكن عن استخفاف وانما هو مناف للآداب التي ينبغي رعايتها في حال الصلاة وغيرها فهذه العلة لا تصلح علة الا للكراهة نعم لو أريد بالإمام امام الجماعة بان يكون المقصود بقوله عليه السلام يجعله الإمام انه ينزله منزلة الإمام الذي يأتم به في الصلاة كي يكون قوله عليه السلام ولا يجوز ان يصلي بين يديه بمنزلة التفريع عليه اتجه ابقاء النهي على ظاهره من الحرمة ولكن إرادة هذا المعنى من قوله عليه السلام يجعله الإمام خلاف ما يتبادر منه بل غير مستقيم لأنه ان أريد بتنزيله منزلة الإمام ان يفرض نفسه مؤتما به في صلاته فهذا المعنى على تقدير شرعيته غير معتبر في صحة صلاة من صلى خلف القبر بلا شبهة وان أريد به مجرد وجوب التأخر عنه ولو من غير قصد التبعية والايتمام الفرضي فهو حينئذ بمنزلة التأكيد لقوله الصلاة خلفه ولا يناسبه دليل المنع عن التقدم بان المأموم لا يتقدم على من يأتم به وقد يناقش أيضا في الاستدلال بالخبر المزبور بأنه ضعيف شاذ مضطرب اللفظ قيل في بيان وجه ضعف الخبر ولعله لأن الشيخ رواه عن محمد بن داود عن الحميري ولم يبين طريقه إليه ورواه في الاحتجاج مرسلا عن الحميري واما الاضطراب فلانه في التهذيب ظاهر في الامر بالصلاة عن يمينه وشماله وفي الاحتجاج نهى عن ذلك ولأنه في التهذيب كتابة إلى الفقيه وفي الاحتجاج إلى صاحب الامر عجل الله فرجه وأجيب بان الظاهر من الشيخ في الفهرست كون الواسطة بينه وبين الراوي جماعة ثقات فيكون الخبر صحيحا كما وصفه به غير واحد كما أن الظاهر تعدد الخبرين لا انه خبر واحد مضطرب اللفظ أقصاهما المخالفة بالاطلاق والتقييد فلا يوجب ذلك وهنأ في شئ من الخبرين أقول اما احتمال تعذر الخبرين فهو في غاية البعد بل ينبغي القطع بعدمه ولا يهمنا الإطالة في ايضاحه بعد قصور ما في الاحتجاج عن مرتبة الحجية فاختلافه مع ما في التهذيب لا يؤثر
(١٩١)