جعل الايماء برأسه أو تغميض عينيه قائما مقام الركوع في اسقاط امره بمبنى ان الشارع تصرف بالنسبة إليه في متعلق التكليف بان جعل غمض عينيه ركوعا وفتحهما رفعا لا انه أوجب عليه عوضا عن الركوع الايماء أو التغميض كالتيمم بدلا عن الوضوء لفاقد الماء بل أوجب عليه الايماء أو التغميض عوض ركوعه وسجوده كما أوجب في مقام شدة الخوف تسبيحة عوض كل ركعة من ركعات الفرائض ففي مثل هذه الموارد ما لم يكن عنوان العوضية مقصودا بالفعل لا يقع امتثالا للامر المتعلق به حيث إنه لم يتعلق به من حيث هو بل من حيث وقوعه عوضا عما تعلق به الطلب اللهم الا ان يقال إن القصد الاجمالي إلى وقوعه على وجهه الذي تعلق به الطلب كاف في إطاعة امره ووقوعه على الوجه الذي تعلق به الطلب وهو لا يخلو عن اشكال مع أنه لا يجدى في خصوص المقام الذي تعلق فيه الطلب بمفهوم الايماء الذي قد أشرنا إلى توقفه على تعقل المهية المؤمى إليه وقصد بالايماء كما في تكبير الأخرس وقرائته وتشهده والا فلا يكون الايماء ايماء فالقول بوجوب قصد البدلية بل جريان الافعال على القلب كما عن العلامة في القواعد اي تصورها وقصدها بالايماء مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة والله العالم ولو تعذر عليه الايماء والتغميض أيضا فلا بدل غيرهما ينتقل إليه الا على احتمال سنشير إليه بل يكتفي بجريان الافعال على قلبه والأذكار على لسانه كما حكى عن ظاهر الأصحاب ولكن حكى عن كاشف الغطاء انه أوجب عليه الايماء بسائر أعضائه ولعله لاطلاق أوامر الايماء في جملة من اخباره مقتصرا في تقييده بالرأس أو العينين بحال التمكن أو لقاعدة الميسور فيهما تأمل حيث إن الاطلاقات ان لم تكن منصرفة في حد ذاتها فهي مصروفة إلى الايماء بالرأس والعينين بشهادة غيرها من الاخبار المقيدة واما قاعدة الميسور فهي غير وافية باثبات المدعى كما تقدمت الإشارة إليه انفا فمقتضى الأصل براءة الذمة عنه ولكنه أحوط والله العالم وهل يجب على المؤمى للسجود وضع شئ مما يصح السجود عليه على جبهته حال الايماء أم لا وانه مخير بين الايماء والوضع وجوه بل أقوال بل ربما يظهر من بعض من تصدى لنقل الأقوال وجود القول بوجوبه فقط عينا بدلا عن السجود حجة القول بوجوبه عينا موثقة سماعة قال سئلته عن المريض لا يستطيع الجلوس قال فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته شيئا إذا سجد فإنه يجزي عنه ولن يكلف الله مالا طاقة له به ومرسلة الصدوق قال سئل عن المريض لا يستطيع الجلوس أيصلي وهو مضطجع ويضع على جبهته شيئا قال نعم لن يكلفه الله الا طاقته واستدل له أيضا بخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن المريض الذي لا يستطيع القعود ولا الايماء كيف يصلي وهو مضطجع قال يرفع مروحة إلى وجهه ويضع على جنبيه ويكبر هو وفيه ان هذه الرواية وردت في العاجز عن الايماء فهي أجنبية عن المدعى نعم يظهر منها بدلية الوضع لدى العجز عن الايماء ان كان المراد به الوضع على الجبينين في حال السجود وهو غير واضح فلعله اراده حال الافتتاح كما ربما يستشعر ذلك من قوله ويكبر هو فالانصاف ان الرواية غير متضحة المفاد واما المرسلة فقد يتأمل في دلالتها على وجوب الوضع حيث إن مفاد الجواب الواقع فيها ليس الا صحة هذه الصلاة التي وقع السؤال عنها وعدم كونه مكلفا بأزيد من ذلك فمن الجائز عدم وجوب جميع ما وقع ذكره في السؤال وكون بعضه وهو وضع شئ على جبهته مستحبا أو واجبا تخييريا بينه وبين الايماء وكونه كذلك كاف في حسن تقرير السائل وان كان يزعم وجوبه عينا كما ربما يستشعر من سؤاله فعمدة ما يصح الاستناد إليه لوجوب الوضع عينا هي الموثقة الأولى ولكن الالتزام بتعينه وقيامه مقام السجود بلا ايماء كما هو ظاهر القول المنسوب إلى بعض مستلزم لطرح الاخبار التي ورد فيها الامر بالايماء أو تأويلها بالحمل على صورة العجز عن وضع شئ على الجهة مع أنها أصح سندا وأكثر عددا وأوضح دلالة على بدلية الايماء مطلقا من هذه الموثقة فان من المحتمل بل الظاهر على ما ادعاه بعض ان المراد بقوله إذا سجد إذا أومى للسجود فيكون الموثقة حينئذ بنفسها شاهدة للقول الأول وهو وجوب الجمع بين الوضع والايماء ولو سلم ظهور الموثقة أو المرسلة المزبورة في بدلية الوضع عن السجود من غير حاجة إلى الايماء فهو ليس الا من باب السكوت في مقام البيان واشعار قوله وليضع الخ ببدليته عن نفس السجود لا الملاصقة للأرض المعتبرة حاله وشئ منهما لا يصلح معارضا للأخبار المستفيضة المبنية التي وقع فيها التصريح بان العاجز يؤمي برأسه للسجود أو يغمض عينيه مع أن المناسب لتعليل كفاية الوضع في الخبرين بان الله تعالى لن يكلفه ما لا طاقة له به ارادته مع ما يتمكن منه من الايماء والانحناء وكيف كان فمقتضى القاعدة ابقاء كل من النصوص على ظاهره من وجوب ما تضمنه مطلقا ورفع اليد عما يستشعر أو يستظهر من كل منها من كفاية ما تضمنه بدلا عن السجود من غير حاجة إلى غيره فالقول بوجوب الوضع بلا ايماء على تقدير تحققه في غاية الضعف واما القول بوجوبه مع الايماء فلا يخلو عن قوة نظر إلى ما مر ولكن الاوقى خلافه فان الناظر في الاخبار التي ورد فيها الامر بالايماء للسجود على كثرتها وتظافرها وورودها في الأبواب المتفرقة من النافلة والفريضة للقائم والقاعد والماشي والراكب والمضطجع و المستلقي والعاري من الموارد التي لا تحصى من غير اشعار في شئ منها بإرادته مع وضع شئ على جبهته لا يكاد يرتاب في أن المقصود بتلك الأخبار لم يكن الا خصوص الايماء مجردا عن وضع شئ على جبهته وتوهم ان دلالة تلك الأخبار على عدم وجوب الوضع ليس الامر من باب السكوت في مقام البيان فلا تعارض النص الدال على الوجوب مدفوع بان دلالة تلك الأخبار على كفاية مجرد الايماء لو لم تكن الا من باب الاشعار الضعيف الناشي من السكوت في مقام يناسبه البيان لكفت في طرح الموثقة أو تأويلها بالحمل على الاستحباب أو غيره من المحامل التي سنشير إليها إذ الاشعارات الضعيفة عند تعاضد بعضها ببعض ربما تورث القطع بان المقصود بتلك الأخبار لم يكن الا خصوص الايماء المجرد عن الوضع كيف مع أن المتبادر من كل منها ليس الا ذلك نعم ليس لتلك الأخبار قوة دلالة على وجوبه عينا فمن الجائز كون الامر بالايماء لكونه أحد فردي الواجب المخير وأسهلهما المناسب لحال العاجز فلا ينافيه كفاية الوضع أيضا بل أفضليته فيمكن الجمع حينئذ بين الاخبار بالحمل على التخيير كما هو أحد الأقوال في المسألة وقضية هذا الجمع رفع اليد عن ظاهر كل من المتعارضين في الوجوب العيني ولا محذور فيه فإنه من أهون التصرفات
(٢٦٧)