عن الصلاة على الثلج على اطلاقها أوفق بظواهرها وأنسب بما تقتضيه المسامحة في دليل الكراهة والله العالم وكذا تكره الصلاة بين المقابر وعلى القبر واليه على المشهور في الجميع كما صرح به في الحدائق وغيره بل صريح الغنية وظاهر المنهى الاجماع عليه اما الأول فلموثقة عمار عن أبي عبد الله في حديث قال سئلته عن الرجل يصلي بين القبور قال لا يجوز ذلك الا ان يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة اذرع من بين يديه وعشرة اذرع من خلفه وعشرة اذرع عن يمينه وعشرة اذرع عن يساره ثم يصلي ان شاء ويدل عليه أيضا مرسلة عبد الله بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال عشرة مواضع لا يصلي فيها الطين والماء والحمام والقبور الحديث وخبر الحسين بن زيد عن الصادق عن ابائه عليهم السلام في حديث المناهي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يخصص المقابر ويصلي فيها ونهى ان يصلي الرجل في المقابر والطرق والأرحية والأودية ومرابط الإبل وعلى ظهر الكعبة وخبر عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله يقول الأرض كلها مسجدا الا بئر غائط أو مقبرة وظاهر هذه الأخبار خصوصا موثقة عمار الحرمة كما حكى القول به عن الديلمي ولكنه يتعين حملها على الكراهة جمعا بينها وبين الاخبار النافية للبأس عنه كصحيحة علي بن جعفر سأل أخاه موسى عليه السلام عن الصلاة بين القبور فقال لا بأس به وصحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الصلاة بين القبور هل تصلح قال لا بأس وصحيحة معمر بن خلاد عن الرضا عليه السلام قال لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبله وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له الصلاة بين القبور قال بين خللها ولا تتخذ شيئا منها قبله فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك وقال لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فان الله عز وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وتقييد هذه الأخبار ربما إذا كان بينه وبين القبور من كل ناحية بمقدار عشرة اذرع جمعا بينها وبين موثقة عمار ابعد من حمل الموثقة على الكراهة بل كاد ان يكون طرحا لهذه الاخبار لكونه تنزيلا لها على ما ينصرف عنه اطلاقها فان المتبادر من نفي البأس عن الصلاة بين المقابر انما هو إرادة الصلاة في المواضع المتخذة مقبرة للموتى كوادي السلام ونظائرها فأريد بهذه الاخبار نفي البأس عن الصلاة في المقابر اما مطلقا كما هو ظاهر الصحيحتين الأوليتين أو في الجملة كما هو ظاهر الأخيرتين لا نفي البأس عن الصلاة في ما بين مقابر متعددة بحيث يعد بعضها أجنبيا عن بعض فهي منصرفة عما لو صلى في مكان يكون المقابر بعيدة عنه من كل ناحية بمقدار عشرة اذرع فما في موثقة عمار بمنزلة الاستثناء المقطع حيث وقع فيها السؤال عن الصلاة بين القبور فأجيب بالمنع عنه الا ان يتباعد عن القبور بقدر عشرة اذرع ومعه لا يطلق عليه اسم الصلاة في ما بين القبور فليتأمل وكيف كان فتقييد هذه الأخبار بالموثقة في غاية البعد خصوصا صحيحة زرارة فإنها بواسطة ما فيها من التعليل والتعبير بما بين خللها مع النهي من أن يتخذ شيئا منها قبلة كالنص في إرادة الاطلاق بالنسبة إلى ما عدى مورد العلة اي فيما إذا لم يصل على القبر ولم يتخذ شيئا منها قبلة مع أن تخصيص نفي البأس في الصحيحتين الأخيرتين بما إذا لم يتخذ شيئا من القبور قبلة مانع عن تقييدهما بالموثقة لأن الموثقة صريحة في جواز الصلاة إلى القبور إذا كان الفصل بينه وبينها عشرة اذرع فان أريد بالصحيحتين المنع عنه مطلقا لتحققت المناقضة بينهما وبين الموثقة وان أريد بهما المنع فيما دون هذا المقدار لدلتا على الجواز بالنسبة إلى سائر الأطراف لما فيها من التفصيل القاطع للشركة فلا يمكن الجمع بينهما وبين الموثقة الا بحمل الموثقة على الكراهة اللهم الا ان يحمل قوله عليه السلام ما لم يتخذ القبر قبلة على إرادة التوجه إلى القبر والمعاملة معه معاملة القبلة كما قد يصدر ذلك من بعض الجهال بالنسبة إلى قبور الأئمة عليهم السلام فيكون حال الصحيحتين الأخيرتين حينئذ حال الأوليتين في الدلالة على نفي الباس عن الصلاة بين القبور مطلقا بل أقوى منهما دلالة على الاطلاق لما فيها من الاستثناء الذي هو امارة العموم فتقييدهما بالموثقة ابعد من الأوليتين فتلخص مما ذكر انه لا يمكن ارتكاب التأويل في هذه الأخبار الصحيحة وتقييدها بالموثقة بل المتعين صرف الموثقة عن ظاهرها وحملها على الكراهة خصوصا مع مخالفة ظاهرها للمشهور بل المجمع عليه حيث لم ينقل القول بحرمة الصلاة فيما بين القبور عن أحد الا عن الديلمي كما تقدمت الإشارة إليه فهو ضعيف محجوج بما عرفت ويدل على كراهة الصلاة على القبر قوله صلى الله عليه وآله في حديث النوفلي الأرض كلها مسجد الا الحمام والقبر ورواية يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى ان يصلي على قبر أو يعقد عليه أو يبني عليه ويدل عليه أيضا مرسلة عبد الله بن الفضل المتقدمة إذ الظاهر أن المراد بالقبور الواقعة فيها الجنس فتعمم الواحد والاثنين لا الجمع كي يشكل الاستدلال به للمدعى ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة المتقدمة إذ الظاهر أن تخصيص نفي الباس بما بين خللها للاحتراز عن الصلاة على القبر واتخاذه مسجدا كما يشهد لذلك التعليل بقول رسول الله صلى الله عليه وآله فليتأمل واما الصلاة في القبر فيدل على كراهتها صحيحتا معمر وزرارة المتقدمتان بل عن المفيد والصدوق والحلبي القول بحرمته وعن بعض المتأخرين تقويته لما في الصحيحتين من النهي عن اتخاذ القبر قبلة فيقيد بهما اطلاق الصحيحتين الأوليتين النافيتين للباس عنه مطلقا وفيه أولا ان تقييد اطلاق نفي الباس عن الصلاة بين القبور بما إذا لم يكن شئ منها مقابلا له مستلزم لتخصيص الأكثر إذ قل ما يتفق ذلك عند الصلاة فيما بين القبور الا إذا صلى في ناحيتها من طرف القبلة كما لا يخفى وثانيا ان صحيحة معمر قاصرة عن إفادة الحرمة لأن غاية مفادها ثبوت باس عند اتخاذ القبر قبلة وهو أعم من الكراهة ولا ينافيها فوت الكراهة مطلقا ولو مع في لاتخاذ قبلة لامكان كون ذلك نزلا على اختلاف مراتب الكراهة وكون الكراهة الثابتة فيما عدى صورة الاتخاذ قبلة فنزلة فنزلة العدم لخفتها كما ليس هذا بعزيز في الاخبار وكفاك شاهدا على ذلك الأخبار الواردة في منزوحات البئر فعمدة ما يصح الاستناد إليه للقول بالحرمة هي صحيحة زرارة التي وقع فيها النهي عن اتخاذ شئ من القبور قبلة وهي صريحة في مشاركة قبر النبي صلى الله عليه وآله مع سائر القبور وان علة النهي عن اتخاذ شئ من القبور قبلة هي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن اتخاذ قبره قبلة فحينئذ يتحقق المعارضة بين هذه الصحيحة بناء على إرادة الحرمة منها وبين الأخبار المستفيضة الدالة على جواز الصلاة خلف قبور الأئمة عليهم السلام مثل مكاتبة محمد بن عبد الله الحميري قال كتبت إلى الفقيه عليه السلام أسئله عن الرجل يزور قبور الأئمة هل يجوز ان يسجد على القبر أم لا وهل يجوز
(١٩٠)