قد مضى الوقت فلا يعيد ولا يمكن تنزيل الخبرين على ما إذا أصلي مسامحة من غير أن يجد من نفسه الوثوق بالقبلة أو يعول في تشخيصها على امارة ظنية على حسب ما يقتضيه تكليفه فإنه مع بعده في حد ذاته ينافيه في لإعادة بعد خروج الوقت والا اي وان لم يكن تعويله على رأيه بمقتضى تكليفه بل ناشئا من المسامحة فعليه الإعادة ان الخطأ سواء خرج عما بين المشرق والمغرب أم لا لأنه لم يخرج عن عهدة تكليفه فلا يعذر في مخالفة القبلة التي هي شرط في الصلاة والأخبار الدالة على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة انما هو في غير ما إذا تمكن من تشخيص جهتها الخاصة حال الشروع في الصلاة كما عرفته في محله ويشهد له مضافا إلى ذلك صحيح الحلبي أو حسنة عن أبي عبد الله عليه السلام في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة قال يعيد ولا يعيدون فإنهم قد تحروا وهذه الرواية يتعين حملها على ما إذا وقعت صلاتهم فيما بين المشرق و المغرب بقرينة غيرها من الاخبار الآتية فيكون حينئذ كالنص في المدعى ولا فرق في وجوب الإعادة بين ما لو انكشف خطأه في الوقت أو في خارجه فانا وان قلنا بان القضاء ما مر جديد لكن الامر الجديد بقضاء ما فات محقق ولا اثر للصلاة الفاسدة في المنع عن صدق الفوت وقد يقال كما هو ظاهر المتن بأنه يجب عليه الإعادة مطلقا سواء أخطأ أم لم يخطأ لأنه دخل في الصلاة دخولا غير مشروع وفيه ما تقرر في محله من صحة عبادة الجاهل التارك للاجتهاد والتقليد على تقدير مطابقته للواقع فالمتجه ما عرفت من اختصاص البطلان بصورة الخطأ نعم لو صلى مترددا في شرعية عمله اتجه البطلان على الاطلاق بناء على اعتبار الجزم في النية وبطلان عبادة المتردد مع التمكن من ازالته لكن لنافية تأمل كما عرفته مفصلا في نية الوضوء المسألة الثانية إذا صلى إلى جهة بحسب ما يقتضيه تكليفه اما لغلبة الظن أو لضيق الوقت أو لغير ذلك ثم تبين خطائه بعد الفراغ الصلاة فإن كان منحرفا يسيرا بحيث لم يخرج عما بين المشرق والمغرب فالصلاة ماضية قال في الجواهر بلا خلاف معتد به بين المتأخرين من أصحابنا ومتأخريهم بل في التذكرة والتنقيح والمحكى عن الروض والمقاصد العلية الاجماع عليه انتهى ويشهد له مضافا إلى ما عرفته عند البحث عن جهة القبلة من أنه قد يكون ما بين المشرق والمغرب قبلة كله والقدر المتيقن منه انما هو في مثل الفرض خصوص صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا فقال قد مضت صلاته (وما بين المشرق والمغرب قبله) وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى لغير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل ان يفرغ من صلاته قال إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة ساعة يعلم وان كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة والاستدلال بهذه الرواية بلحاظ عدم الفرق بين ابعاض الصلاة وجملتها في شرطية الاستقبال ورواية القسم بن الوليد قال سئلته عن رجل تبين له وهو في الصلاة انه على غير القبلة قال يستقبلها إذا ثبت ذلك وان كان قد فرغ منها فلا يعيدها وهي محمولة على ما إذا كان الانحراف بين اليمين واليسار بشهادة الموثقة المتقدمة وغيرها فالضمير في يستقبلها راجع إلى القبلة لا إلى الصلاة بقرينة ما عرفت وخبر الحسن بن طريف المروي عن قرب الإسناد عن الحسين بن علوان عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول من صلى على غير القبلة وهو يرى أنه على القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا إعادة عليه إذا كان فيما بين المشرق والمغرب وخبر موسى بن إسماعيل المروي عن نوادر الراوندي من صلى على غير القبلة فكان إلى غير المشرق والمغرب فلا يعيد الصلاة وعن جملة من الأصحاب اطلاق القول بوجوب الإعادة في الوقت على من صلى لغير القبلة من غير تفصيل بين الانحراف اليسير والكثير الموجب للخروج عما بين المشرق والمغرب بل عن بعضهم دعوى الاجماع عليه ولكن لا يخفى عليك خصوصا بعد التأمل فيما أسلفناه عند تشخيص سمت القبلة واستظهرناه من المشهور انه ليس لاطلاق قولهم بالإعادة ظهور في المخالفة كما يؤيد ذلك دعوى غير واحد في لخلاف في في لإعادة عند تبين الانحراف اليسير الغير البالغ حد المشرق والمغرب ويؤيده أيضا ان من المستبعد عدم اعتنائهم بهذه الأخبار المستفيضة المصرحة بالمطلوب السالمة عن المعارض عدم بعض اطلاقات قابلة للتقييد أو التأويل فمرادهم بالقبلة في المقام بحسب الظاهر ما يعم ما بين المشرق والمغرب معولين في ذلك على صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة الواردة في خصوص المسألة المصرحة بان ما بين المشرق والمغرب قبلة واصرح منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا صلاة الا إلى القبلة قال قلت أين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله قال قلت فمن صلى لغير القبلة أو ليوم غيم في غير الوقت قال يعيد وكيف كان فهاتان الصحيحتان حاكمتان على الأخبار المطلقة الآتية الدالة على أن من صلى لغير القبلة أعادها في الوقت لا في خارجه فإنهما بمدلولهما اللفظي تدلان على اختصاص موضوع تلك الأخبار بما لو صلى خارجا عما بين المشرق والمغرب وقد أشرنا في محله إلى أن في مكان الاخذ بظاهر الصحيحتين على الاطلاق لا يقتضي طرحهما رأسا كما أن مقتضى تخصيص الإعادة في تلك الأخبار بما إذا تبين الخطأ في الوقت لا في خارجه تقييد ما يستفاد من أغلب الأخبار المتقدمة مفهوما ومن ذيل صحيحة زرارة منطوقا من الإعادة عند الخروج من المشرق والمغرب بما إذا كان انكشاف الخطأ قبل خروج الوقت فما زعمه صاحب الحدائق من قوة القول بوجوب الإعادة في الوقت لا في خارجه على الاطلاق كما حكى القول بذلك عن ظاهر القدماء في غاية الضعف وان بالغ في تشييده حيث زعم أن الاخبار متعارضة والنسبة بينها العموم من وجه حيث إن الأخبار المتقدمة الدالة على أن مصلى فيما بين المشرق والمغرب لا يعيد خاصة من حيث القبلة وعامة من حيث تبين الخطأ في الوقت أو في خارجه والأخبار الآتية بعكس ذلك فترجيح الأول اي تخصيص الاخبار الآتية بهذه الاخبار وحملها على ما إذا كان الانحراف بالغاء حد المشرق والمغرب يحتاج إلى دليل وهو مفقود ثم نقل عن العلامة انه ذكر لذلك وجهين أحدهما موافقة في لإعادة ما لم يكن الانحراف كثيرا لأصالة البراءة وثانيهما ما نبهنا عليه من حكومة صحيحة معاوية على تلك الأخبار وتخصيص موضوعها بغير ما لو صلى فيما بين المشرق والمغرب فلا معارضة بينهما لكن العلامة رحمه الله عبر عن هذا بما لفظه على ما حكاه في الحدائق الثاني انا نمنع تخصيص ما ذكرتم من الأحاديث أصلا لان قوله عليه السلام ما بين المشرق والمغرب قبله ليس مخصصا للحديث الدال على وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه لمن صلى إلى غير القبلة إذا قضى ما يدل
(١١٢)