اختصاص جزئية شئ أو شرطيته بحال الذكر لاستلزامه التكليف بما عداه على تقدير السهو الذي هو عنوان غير اختياري فاكتفاء الشارع بما صدر من ناسي الاجزاء والشرايط التي ليست بأركان حكم ثانوي تعبدي مخالف للأصل والا فلا يعقل ان يكون ناسي السورة مكلفا بالصلاة بلا سورة كي يكون عمله مجزيا في الواقع لولا مسألة البدلية لجعلية التعبدية وفيه انه لا مانع عنه لا عقلا ولا شرعا بل هو في الشرعيات فوق حد الاحصاء وليس تفهيم الناس بكونه مكلفا بما عدى الجزء المنسي طريقه منحصرا في أن يأمره بالصلاة بلا سورة لدى النسيان بل يكلف عامة المكلفين بالصلاة ويبين لهم اجزائها المقومة ويأمرهم بضم ما عداها إليها لدى التذكر أو يكلفهم بجميع الاجزاء والشرائط المقومة وغير المقومة ثم يبين لهم بمثل قوله لا تعاد الصلاة الا من خمسة ان مطلوبية ما عدى الخمسة انما هي على تقدير التذكر والالتفات لا مطلقا إلى غير ذلك من انحاء الإفادة كما تقدمت الإشارة إليها غير مرة فمقتضى الأصل العملي عند الشك في كون شئ جزءا وشرطا مطلقا أو في خصوص حال العمد عدم ركنيته واختصاص اعتباره بحال العمد كما أوضحناه في مباحث أصل البراءة ولكن قد أشرنا انفا إلى أن هذا الأصل في خصوص المقام لا فائدة فيه واما الاجماع فالقدر المتيقن منه انما هو الاجماع على أن من أخل به عمدا وسهوا بطلت صلاته وهذا لا يدل على اعتباره من حيث هو في الصلاة فضلا عن ركنيته في حد ذاته لجواز كونه من حيث شرطيته لركن اخر وهو التكبير والركوع نعم ظاهر فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية كونه بذاته ركنا ولكن لا حجية في هذا الظاهر ما لم يعلم بذلك من قصدهم إذ ليس الامر مبنيا على المتعبد بظواهر ألفاظهم بل على الجزم بالإصابة واستكشاف رأي المعصوم من اتفاق آرائهم على سبيل الحدس وهذا لا يحصل مع في لجزم بمرادهم كيف مع أن الغالب على الظن عدم ارادتهم ركنية بالأصالة فالذي يقوى في النظر بالنظر إلى عموم قول أبي جعفر عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة الحديث عدم كون ترك القيام سهوا كزيادته كذلك من حي هو موجبا للبطلان ولكن ترك القيام المتصل بالركوع يوجب بطلانها من حيث اشتراط الركوع الذي هو أحد الخمسة التي تعاد الصلاة منها بكون القيامي منه عن قيام والجلوسي منه عن جلوس كما تعرفه في محله إن شاء الله وكذا تركه حال التكبير موجب للبطلان من حيث اشتراط التكبير به وكون التكبير مما عدى الخمسة التي دلت الصحيحة على حصر مستند البطلان فيها غير ضائر فان دليله أخص مطلقا من الصحيحة كما عرفته في محله هذا مع امكان دعوى قصور الصحيحة في حد ذاتها عن شمول ما لو أخل بالتكبير أو بشرائطها فان نفي الإعادة فرع تحقق الدخول وهو لا يتحقق لدى الاخلال بالنية أو بالجزء الأول الذي يتحقق به الدخول اي تكبيرة الافتتاح ولو بلحاظ شرائطها فليتأمل واعلم أنه يعتبر في القيام أمور منها الانتصاب لدى التمكن لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة وقم منتصبا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من لم يقم صلبه فلا صلاة له وصحيحة أبي بصير المروية عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له والصلب كما في الحدائق هو عظم من الكاهل إلى العجز وهو أصل الذنب وإقامته يستلزم الانتصاب بل قد يقال بان الانتصاب الذي يراد به نصب فقار الظهر مأخوذ في مفهوم القيام عرفا إذ ليس القيام عرفا ولغة الا الاعتدال المقابل للانحناء ولعل منه الاستقامة المقابل للاعوجاج واطلاق القائم على بعض افراد المنحني في استعمالات سواد أهل العرف منشأه اختفاء العرف الصحيح عليهم فعلى هذا يدل عليه مضافا إلى ما عرفت جميع الأخبار الدالة على اعتبار القيام في الصلاة وفيه تأمل بل منع فان القيام كالقعود والجلوس والاضطجاع من المفاهيم المبنية لدى العرف وصدقه على بعض المصاديق الغير البالغة حد الانتصاب غير قابل للتشكيك وكونه في الأصل مأخوذا من الاعتدال الذي هو ضد الانحناء مما لا ينبغي الالتفات إليه في اطلاقاته الواردة في المحاورات العرفية ولذا لا حاجة إلى الاستدلال لوجوب هذه المراتب الفاقدة لإقامة الصلب عند تعذر الانتصاب أو تعسره الرافع للتكليف بالاجماع أو بقاعدة الميسور فان مقتضى القاعدة هو الاقتصار في تقييد اطلاقات أدلته بما دل على وجوب إقامة الصلب المعلوم عدم ارادته الا للقادر هذا مع انا لو قلنا بكونه مأخوذا في مفهومه فإنما هو في حق القادر بمعنى ان نقول إن معناه الاعتدال والاستقامة ولكن في كل شئ بحسبه فالشخص العاجز المنحني بالذات اعتداله واستقامته انما هو بحسب حاله من الاتيان بما يمكنه من القيام فهو بالنسبة إليه مصداق حقيقي للقيام وان لم يكن ذلك كذلك لو كان صادرا من غيره ممن كان قادرا على إقامة صلبه وكيف كان فلا يخل بالانتصاب المعتبر في القيام اطراق الرأس بلا خلاف فيه على الظاهر بل من بعض دعوى الاجماع عليه بل عن التقي استحباب ارسال الذقن إلى الصدر ولكن وقع تفسير اعتدال القيام المعتبر في الصلاة بإقامة الصلب والنحر في مرسلة حريز عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت فصل لربك وانحر قال النحر الاعتدال في القيام ان يقيم صلبه ونحره وهو بظاهره ينافي اطراق الرأس فإنه وان فسر النحر في اللغة بأعلى الصدر ولكن المراد بإقامته في الروايات بحسب الظاهر نصب العتق المنافي لاطراق الرأس والا لاكتفى بذكر إقامة الصلب التي يتحقق معها إقامة أعلى الصدر اللهم الا ان يقال إن ذكره في الرواية من قبيل ذكر الخاص بعد العام دفعا لتوهم إرادة المسامحة والتجوز بإقامة الصلب مع ما في ذكره من التنبيه على المناسبة بينه وبين الآية التي وقعت الرواية تفسيرا لها فالانصاف انه بعد التفات إلى تفسير النحر في اللغة بأعلى الصدر كما في المجمع وغيره لا يبقى للرواية ظهور في اعتبار أزيد من إقامة الصلب الغير المنافية لاطراق الرأس ولو سلم ظهورها في ذلك فلابد من حملها على الاستحباب لعدم صلاحيتها لتقييد الأخبار المطلقة بعد اعراض الأصحاب عن ظاهرها مع مخالفة التفسير الوارد في هذه الرواية لما في المستفيضة المتقدمة الواردة في تفسير الآية من أن النحر هو رفع اليدين حيال الوجه أو إلى النحر الا ان يقال بعدم التنافي بين التفسيرين لامكان إرادة امر جامع بين المعنيين كما يؤيد ذلك ما دل على أن للقرآن بطونا لا يعرفها الا أهله فعلى هذا يكون تلك الأخبار أيضا من مؤيدات الحمل على الاستحباب والله العالم ومنها الاستقرار بان لا يكون ماشيا أو مضطربا بل يكون واقفا ساكنا بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى ذلك خبر سليمان بن صالح المتقدم في باب الإقامة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يقيم أحدكم الصلاة وهو ماش ولا راكب ولا
(٢٥٦)