الأماكن المعدة للصلاة المسماة بالمسجد لا مواضع السجود وعلى تقدير إرادة هذا المعنى فالمتبادر منه مواضع الجباه دون سائر المواضع واضعف منه الاستدلال له بصحيحة ابن محبوب عن الرضا عليه السلام انه كتب إليه يسئله عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إليه ان الماء والنار قد طهراه فان مفادها انه لولا أن الماء والنار قد طهراه لم يجز السجود عليه وفيه بعد تسليم الدلالة انه يكفي في في لجواز كون الطهارة شرطا لجواز السجود في الجملة ولو في خصوص موضع الجبهة كما لا يخفى واما القول المحكى عن السيد فاستدل له بالنهي عن الصلاة في المجزرة وهي المواضع التي تذبح فيها الانعام والمزبلة والحمامات وهي مواطن النجاسة فيكون الطهارة معتبرة وأجيب عن ذلك بأنه يجوز ان يكون النهي عن هذه المواضع من جهة الاستقلال والاستخباث الدالة على مهانة نفس من يستقر بها فلا يلزم التعدية إلى غيرها وبالجملة النهي عن ذلك نهى تنزيه فلا يلزم التحريم كما يؤيده انه قد لا يحصل العلم بنجاسة جميع تلك المواطن ولو سلم دلالتها على اعتبار الطهارة فلا تدل الا على اعتبارها في الجملة فلعله بلحاظ كونها شرطا بالنسبة إلى موضع الجهة لا مطلقا والأولى الاستدلال له بموثقة ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في الشاذ كونه يصيبها الاحتلام أيصلي عليه قال لا قال في محكى الوافي الشاذ كونه بالفارسية الفراش الذي ينام عليه انتهى وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد يبس الموضع القذر قال لا يصلي عليه واعلم موضعه حتى تغسله وعن الشمس هل تطهر الأرض قال إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فاصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة وان اصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطبا فلا يجوز الصلاة حتى ييبس وان كانت رجلك رطبة أو جبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصل على ذلك الموضع حتى ييبس وان كان غير الشمس اصابه حتى ييبس فإنه لا يجوز ذلك وفيه انه لابد من حمل الموثقتين ونحوهما مما ظاهره المنع عن الصلاة في النجس على الكراهة أو ارادته بالنظر إلى موضع الجبهة كما ليس بالبعيد بالنسبة إلى الرواية الثانية أو غير ذلك من المحامل جمعا بينه وبين المعتبرة المستفيضة التي هي صريحة الدلالة على الجواز منها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سأله عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا قال نعم وصحيحته الأخرى عنه أيضا قال سئلته عن البواري يبل قصبها بماء قذرا يصلي عليها قال إذا يبست فلا باس وصحيحته الثالثة عن البواري يصيبها البول هل يصلح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل قال نعم لا باس وموثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن البارية يبل قصبها بماء قذر هل يجوز الصلاة عليها فقال إذا جفت فلا باس بالصلاة عليها وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الشاذ كونه عليها الجنابة أيصلي عليها في المحمل قال لا باس وخبر ابن أبي عمير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي على الشاذكونة وقد اصابتها الجنابة قال لا باس فما حكى عن المشهور من عدم اشتراط طهارة ما عدى موضع الجبهة هو الأقوى ولكن لا يخفى عليك ان هذا فيما إذا لم تكن النجاسة متعدية إلى ثوبه وبدنه والا فهي ما لم تكن النجاسة معفوا عنها كالدم الأقل من الدرهم أو كان الثوب الذي يصل إليه النجاسة مما لا تتم فيه الصلاة وحده قادحة من هذه الجهة بلا اشكال فيه بل ولا خلاف كما يدل عليه مضافا إلى اطلاقات الأدلة الدالة على اشتراط طهارة الثوب والبدن خصوص موثقة عمار وصحيحة علي بن جعفر الثانية المتقدمتين وليس في هذين الخبرين وما جرى مجريهما مما يدل على اشتراط خلو المكان عن النجاسة المسرية دلالة على أن اعتبار هذا الشرط في المكان من حيث هو لا من حيث سراية النجاسة إلى الثوب والبدن كي يكون مقتضاه الالتزام باطراد الحكم في النجاسة التي عفى عنها في الثوب و البدن كالدم الأقل من الدرهم وكذا في المتعدية إلى ما لا تتم الصلاة فيه وحده فان مانعية النجاسة المسرية من حيث السراية غالبا مانعة من أن يستفاد من النصوص والفتاوي مانعيتها من حيث هي أيضا مع قطع النظر عن تلك الجهة بل المناسبة المغروسة في الذهن موجبة لصرف اطلاق ما دل على المنع كموثقة عمار ونحوها إلى ارادته من تلك الجهة فيما عن ظاهر فخر المحققين عن جعله من شرائط المكان من حيث هو ضعيف وان حكى عن ايضاحه انه حكى عن والده دعوى الاجماع على عدم صحة الصلاة في ذي المتعدية وان كانت معفوا عنها إذا الظاهر أن دعوى الاجماع نشأت من اطلاقات كلماتهم المنصرفة إلى ما عرفت وكيف لا مع أنهم ربما استدلوا عليه باستلزامه تفويت شرط الثوب والبدن هذا مع أنه حكى عن غير واحد التصريح بخلافه فالحق قصور الأدلة عن اثبات شرطيته للمكان من حيث هو فعلى تقدير الشك فيه يرجع إلى الأصل المقرر في محله من البراءة وعدم الاشتراط ولو سلمنا الاشتراط أو قلنا بان المرجع لدى الشك فيه قاعدة الشغل فالأقوى ما أشرنا إليه من عدم جريان حكم العفو عما دون الدرهم من الدم بالنسبة إلى المكان لاختصاص دليله بالثوب والبدن فالحاق المكان بهما قياس ودعوى الأولوية أو تنقيح المناط غير مسموعة في مثل هذه الأحكام التعبدية والله العالم واما المقام الثاني وهو اشتراط طهارة موضع الجبهة فقد ادعى جملة من الأصحاب الاجماع عليه ولا ينافيه ما حكى عن المصنف في المعتبر من أنه نقل عن الراوندي وصاحب الوسيلة القول بان الأرض والبواري والحصر إذا أصابها البول وجففتها الشمس لا تظهر بذلك لكن يجوز السجود عليها واستجوده فان هذا مرجعه إلى الخلاف في كيفية تأثير الشمس من أنها هل يؤثر الطهارة أو العفو عن السجود عليها فهو مؤكد للاجماع على عدم جواز السجود على النجس الذي لم يثبت العفو عنه فما عن بعض متأخري المتأخرين من الميل إلى عدم اشتراط طهارة المكان مطلقا حتى بالنسبة إلى محل السجود لزعمه عدم انعقاد الاجماع عليه مستشهدا لذلك بمخالفة هؤلاء الاعلام في غير محله فان مخالفتهم في تلك المسألة على تقدير تحققها غير قادحة في انعقاد الاجماع على ما نحن فيه فالظاهر أن المسألة اجماعية كما يؤيد ظهور السؤال الواقع في الصحيحة المتقدمة الواردة في الجص الذي يوقد عليه العذرة وعظام الموتى في كون المنع عن السجود على النجس من الأمور المسلمة المفروغ عنها لديهم كما أنه يدل على أصل المدعى قوله عليه السلام في الجواب ان الماء والنار قد طهراه حيث يفهم منه انه لولا أن الماء والنار قد طهراه لم يجز السجود عليه فتصلح هذه الصحيحة المعتضدة ظهورها فيما ذكر بما سمعت من استفاضة نقل الاجماع عليه وعدم معروفية الخلاف فيه من أحد شاهدة للجمع بين موثقة عمار وغيرها مما دل على المنع عن الصلاة على النجس وبين المستفيضة
(١٨٤)