فأمرت به فغيرت رأسه فجعل كهيئة الشجرة ولا يبعد ان يكون المراد بالتغيير في الصحيحة ما يصدق بنقص عضو منه من عين ويد أو رجل أو نحو ذلك كما ربما يؤيد ذلك مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلي قال إن كان بعين واحدة فلا بأس وان كان له عينان فلا وأوضح من ذلك ما إذا كان التغيير بقطع رأسه أو قده نصفين أو نحو ذلك وقد صرح بنفي البأس عنه في مثل الفرض روايتا علي بن جعفر المتقدمتان المرويتان عن كتاب المحاسن وقرب الإسناد ولكن قد يستظهر من قوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة الا ان لا تجد بدا فتقطع رؤسها خفة الكراهة بقطع الرؤوس لا ارتفاعها بالمرة والا لم يكن وجه لقصر الرخصة معه على صورة الضرورة اللهم الا ان يقال بجريه مجرى العادة من عدم تحمل مثل هذه الكلفة الا لدى الضرورة لا ان الضرورة أباحت الصلاة معه وتكره الفريضة في جوف الكعبة كما عرفته في مبحث القبلة وقد عرفت في ذلك المبحث انه كما تركه الفريضة في جوف الكعبة كذلك تكره على سطحها بل الأحوط والأولى ترك الصلاة على ظهر الكعبة مطلقا لا لضرورة لقوله عليه السلام في خبر المناهي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة على ظهر الكعبة وكذا تركه في مرابط الخيل والحمير والبغال على المشهور بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه ويشهد له مضمرة سماعة قال سئلته عن الصلاة في أعطان الإبل وفي مرابض البقر والغنم فقال إن نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا بأس بالصلاة فيها فاما مرابض الخيل والبغال فلا ومقطوعته قال لا تصل في مرابط الخيل والبغال والحمير وقد أشرنا مرارا إلى أنه لا يكاد يفهم من النواهي الواردة في مثل هذه الموارد الا الكراهة كما يشهد لذلك فهم الأصحاب وفتواهم هذا مع ضعف الروايتين بالاضمار وعدم صلاحيتهما الا لاثبات الكراهة خصوصا الثانية منهما التي هي أوضح دلالة على النهي لما فيها من القطع بل لم يعلم كونها رواية فعلها مما استنبطها سماعة باجتهاده من روايته الأولى فيشكل مع هذا الاحتمال الالتزام بكراهة الصلاة في مرابط الحمير لعدم ورودها الا في هذه العبارة التي لم يثبت كونها رواية اللهم الا ان يعول في ذلك على الشهرة ونقل الاجماع من باب المسامحة فما عن الحلبي من الالتزام بعدم حل الصلاة في هذه المواضع ولا في مرابض البقر والغنم والتردد في فسادها ضعيف خصوصا بالنسبة إلى الأخير الذي ورد فيه التصريح بخلافه في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في مرابض الغنم قال صل فيها ولا تصل في أعطان الإبل الا ان تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل فيه وصحيحة علي بن جعفر المروية عن كتابه عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في معاطن الإبل قال لا تصلح الا ان تخاف على متاعك ضيعة فاكنسه ثم انضح بالماء ثم صل وسئلت عن مرابض الغنم تصلح الصلاة فيها قال نعم لا بأس وصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في أعطان الإبل فقال إن تخوفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه وصل ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم وظاهر هذه الأخبار خصوصا بملاحظة ما فيها من التفصيل بين المرابض والمعاطن كظاهر المتن وغيره بل عن المنتهى نسبة إلى أكثر علمائنا انه لا بأس ولا كراهة بمرابض الغنم ولكن من المختلف ان المشهور الكراهة بل عن الغنية الاجماع على ذلك وعلى الكراهة في مرابط البقر أيضا ولعل مستنده مضمرة سماعة المتقدمة والله العالم وتكره أيضا في بيت فيه مجوسي ولا بأس باليهودي والنصراني كما يدل عليه خبر أبي اسامة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي في بيت فيه مجوسي ولا بأس ان يصلي وفيه يهودي أو نصراني وتكره الصلاة أيضا وبين يديه مصحف مفتوح على المشهور لرواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال لا قلت إن كان في غلاف قال نعم المحمولة على الكراهة كما يشهد له مضافا إلى عدم انسباق الحرمة إلى الذهن من النواهي الواردة في مثل هذه الموارد الغير المناسبة الا للكراهة ما عن الحميري في كتاب قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن العلوي عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل له ان ينظر في نقش خاتمة وهو في الصلاة كأنه يريد قرائته أو في المصحف أو كتاب في القبلة فقال ذلك نقص في الصلاة وليس يقطعها ولا نعني بكراهة الصلاة الا اشتمالها على ما يوجب نقصها فهذه الرواية تدل على عدم اختصاص الحكم بالمصحف وكراهة النظر إلى ما عداه أيضا من كتاب أو نقش خاتم ونحوه ولعله لذا قال في محكى البيان عاطفا على مصحف مفتوح أو كتاب مفتوح وعن المبسوط أو شئ مكتوب بل عن الفاضل وثاني المحققين والشهيدين وغيرهم التعدي إلى كل منقوش ولعله لقوله نقش خاتمة إذ لا مدخلية لخصوصية المورد في الحكم وهو لا يخلو عن تأمل إذ الظاهر أن النقش الذي وقع عنه السؤال كان كتابة كما يشير إلى ذلك قوله كأنه يريد قرائته وكيف كان فالذي يستفاد من هذه الرواية انما هو كراهة النظر إلى المكتوب والمنقوش نظرا كأنه يريد قرائته واما مجرد وجوده بين يديه فلا يكاد يفهم كراهته من هذه الرواية واما خبر عمار فمقتضى اطلاقه كاطلاق الفتاوي هو كراهة كون مصحف مفتوحا في قبلته سواء نظر إليه أم لا بل ولو تعذر في حقه النظر لظلمة أو عمى ونحوه فيتجه حينئذ الفرق بين المصحف وغيره بذلك اللهم الا ان يدعى انصراف خبر عمار أيضا إلى الأول فليتأمل أو بين يديه حائط ينز من بالوعة يبال فيها كما يدل عليه ما رواه البزنطي عمن سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال إن كان نزه من البالوعة فلا تصل فيه وان كان نزه من غير ذلك فلا بأس وخبر محمد بن أبي حمزة عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال إذا ظهر النز من خلف الكنيف وهو في القبلة ستره بشئ وعن البحار عن كتاب الحسين بن عثمان أنه قال روى عن أبي الحسن عليه السلام قال إذا ظهر النز إليك من خلف الحائط من كنيف في القبلة سترته بشئ وكذا تكره ان يصلي وبين يديه عذرة لخبر الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة العذرة فقال شح عنها ما استطعت ويكره أيضا ان يصلي وبين يديه سيف لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عن ابائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال لا تخرجوا بالسيوف إلى الحرم ولا يصلي أحدكم وبين يديه سيف فان القبلة امن بل مطلق الحديد لرواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي الرجل وفي قبلته نار أو حديد وقيل تركه أيضا إلى انسان مواجه أو باب مفتوح وقد حكى هذا القول عن أبي الصلاح الحلبي ولكنه لم يعرف مأخذه وعن المصنف في المعتبر انه لما نسبه إلى الحلبي قال وهو أحد الأعيان فلا بأس باتباعه يعني العمل بقوله من باب المسامحة نعم ربما يستظهر من بعض الأخبار انه يكره للمصلي ان يمر بين يديه انسان بل وكذا ساير الحيوانات كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل هل يقطع صلاته شئ مما يمر بين يديه
(١٩٥)