بسند غير نقي نحوها وعنه أيضا بسند صحيح مثلها الا أنه قال إلى ثلث الليل ورواية أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام أنت في وقت من المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس فهذه الأخبار كغيرها من الاخبار التي تقدم بعضها وسيأتي بعضها الاخر صريحة الدلالة على بقاء وقتها في الجملة بعد غيبوبة الشفق فيستفاد من ذلك ان الأخبار المتقدمة الدالة على أنه ليس للمغرب الا وقت واحد لم يقصد بها الحصر الحقيقي كما أنه لم يقصد بالاخبار الدالة على انتهاء وقتها عند سقوط الشفق خروج وقتها بذلك على الاطلاق وصيرورتها قضاء كغيرها من الأخبار الكثيرة الواردة في تحديد أوقات سائر الصلوات التي لم يقصد بها الا بيان وقتها الأول الذي وقع الخلاف في كونه وقت الفضيلة والاختيار فالمراد بالحصر في تلك الأخبار اما الحصر الادعائي تنزيلا لما بعد غيبوبة الشفق منزلة خارج الوقت بواسطة كراهة التأخير ومرجوحية اتخاذه وقتا لها فلا تنافي حينئذ مذهب المشهور أو ان المراد بها الحصر بالنسبة إلى من لا عذر له في التأخير من سفر ونحوه من الاعذار العرفية اي الوقت الاختياري فتنطبق حينئذ على مذهب الجماعة التي سبقت الإشارة إليهم لكن مقتضاها جواز تأخير سائر الصلوات التي جعل لها وقتان إلى وقتها الأخير اختيارا إذ لو كان ذلك الوقت وقتا اضطراريا لتلك الصلوات لشاركتها المغرب فلم يكن وجه لاستثنائها من العموم فان أمكن القول بالفصل بالالتزام بجواز التأخير في سائر الصلوات اختيارا دون المغرب ولم يكن احداث قول ثالث لكان للاستدلال له بهذه الاخبار وجه والا اتجه حمل هذه الأخبار على إرادة المعنى الأول فتنهض حينئذ شاهدة المدعى المشهور حيث يستفاد منها جواز التأخير في سائر الصلوات ومن عدم جواز التفصيل مشاركة المغرب لها في أصل الجواز فالشركة التي يقطعها هذه الأخبار المفصلة هي شدة الكراهة وكون الوقت الثاني بالنسبة إلى المغرب كالعدم ويمكن ابقاء الحصر في هذه الأخبار على حقيقته بان يقال إن المراد بالوقتين في هذه الروايات على ما نطق به صحيحتي الشحام وأديم بن الحر المتقدمتان هما الوقتان اللذان اتى بهما جبرئيل عليه السلام أو وضعهما النبي صلى الله عليه وآله بأمر جبرئيل فيكون استثناء المغرب حينئذ في محله فإنه عليه السلام لم يأت للمغرب الا بوقت واحد كما يدل عليه موثقة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتي جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله بمواقيت الصلاة فاتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر ثم اتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر ثم اتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ثم اتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء ثم اتاه حين طلع الفجر فأمره فصلى الصبح ثم اتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلى الظهر ثم اتاه حين زاد في الظل قامتان فأمره فصلى العصر ثم اتاه حين غربت الشمس مره فصلى المغرب ثم اتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء ثم اتاه حين نور الصبح فأمره فصلى الصبح ثم قال ما بينهما وقت ورواية معاوية بن ميسرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتى جبرئيل عليه السلام وذكر مثله الا أنه قال بدل القامة والقامتين ذراع وذراعين ورواية مفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام وذكر مثله الا انه ذكر بدل القامة والقامتين قدمين وأربعة اقدام أقول القامة والذراع وقدمان مرجعها إلى شئ واحد كما تقدمت الإشارة إليه في أوائل المبحث فلا منافاة بين هذه الروايات بل وكذا لا منافاة بينها وبين خبر ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتي جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله فاعلمه مواقيت الصلاة فقال صل الفجر حين ينشق الفجر وصل الأولى إذا زالت الشمس وصل العصر بعيدها وصل المغرب إذا سقط القرص وصل العتمة إذا غاب الشفق ثم اتاه من الغد فقال أسفر بالفجر فاسفر ثم اخر الظهر حين كان الوقت الذي صلى فيه العصر وصلى العصر بعيدها وصلى المغرب قبل سقوط الشفق وصلى العتمة حين ذهب ثلث الليل ثم قال ما بين هذين الوقتين وقت الحديث فان امره بان يصلي المغرب قبل سقوط الشفق كما في هذا الخبر لا يدل الا على تحديد اخر الوقت فمن الجائز ان يكون اتاه في اليوم الثاني أيضا حين غربت الشمس وقد امره بان يصلي المغرب موسعا في وقتها ما دام بقاء الشفق فلا منافاة بينه وبين الاخبار المقدمة التي وقع فيها التصريح بأنه اتى في اليوم الثاني أيضا حين غربت الشمس هذا مع أنه على تقدير ان يكون في اليوم الثاني اتيا بوقت اخر للمغرب كما يستشعر من هذه الرواية فلأجل قربه بالوقت الأول ومصادفته لوقت الفضيلة أو الاختيار الذي هو أول الوقتين المجعولين لكل صلاة نصا وفتوى وكون مجموع الوقتين بمقدار أداء الفعل مع توابعه تقريبا كما أشار إليه الكليني رحمه الله في عبارته المتقدمة صح ان يقال إن جبرئيل عليه السلام امر رسول الله صلى الله عليه وآله فجعل لكل صلاة وقتين الا المغرب والحاصل انه لا مانع عن حمل الأخبار المذكورة على إرادة الحصر الحقيقي بالتقريب المتقدم ولا منافاة بينها وبين ما ذكره الأصحاب ودلت عليه صحيحة ابن سنان الآتية من أن لكل صلاة وقتين سواء في ذلك المغرب وغيرها وبهذا ظهر لك الخدشة فيما ذكرناه من الاستدلال بهذه الاخبار لجواز تأخير سائر الصلوات اختيارا إلى الوقت الأخير المجعول لكل صلاة نعم يتجه الاستدلال له باختبار نزول جبرئيل عليه السلام بالأوقات فإنها تدل على أن مجيئ جبرئيل عليه السلام في اليوم الثاني في وقت مغاير للوقت الأول انما هو لبيان توسعة الوقت وجواز فعل الصلوات في الأوقات التي اتاه في الغد وقد امر النبي صلى الله عليه وآله بفعلها بعد مجيئه في الوقت الأخير في حال لم يكن النبي صلى الله عليه وآله بحسب الظاهر مضطرا في التأخير ولا مريضا أو مسافرا أو نحو ذلك حتى يكون مجيئه في تلك الحالة لبيان كون وقت مجيئه وقتا لها عند الضرورة والحاصل ان هذه الروايات من أقوى الشواهد على جواز التأخير إلى الوقت الثاني اختيارا فيما عدى المغرب التي لم يأت لها الا بوقت واحد ويؤكد دلالتها على المدعى ما في خبر ذريح بعد بيان الأوقات وأول الوقت أفضله كما لا يخفى ويدل على جواز تأخير الظهرين والعشائين إلى اخر أوقاتها اختيارا قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فإنه بعد ان علم أنه لم يقصد بالآية الشريفة وجوب الاشتغال بالصلاة في مجموع المدة وانما سيقت لايجاب
(٣١)