مضطجع الا ان يكون مريضا وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا اخذ في الإقامة فهو في صلاة فإنه يفهم منه عرفا ان التمكن الذي يراد منه على الظاهر الاستقرار والاطمينان كان اعتباره في الصلاة لديهم مفروغا عنه فأراد الإمام عليه السلام ان يبين اعتباره في الإقامة أيضا ببيان انه إذا اخذ في الإقامة فهو في الصلاة وحيث انا علمنا أنه عليه السلام لم يقصد بهذا حقيقته حملناه في الإقامة على الاستحباب بشهادة غيره من الأدلة فلا ينافي ذلك دلالة الخبر على لزومه في الصلاة ويدل عليه أيضا في الجملة خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل يصلي في موضع ثم يريد ان يتقدم قال يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد ثم يقرء واستدل له أيضا برواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال إن كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما وان كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا ونوقش فيه بان المراد بالتحرك ما تكفأ معه السفينة اي تنقلب بقرينة المقابلة فلا تدل الرواية على المطلوب وربما يدعى ان الاستقرار مأخوذ في مفهوم القيام وفيه تأمل بل منع اللهم الا ان يراد منه الاستقرار بمعنى الوقوف المقابل للمشي فإنه غير بعيد ولا أقل من كونه مأخوذا فيما ينصرف اطلاقه إليه واما بمعنى السكوني والاطمينان المقابل للحركة والاضطراب لا بل انصراف أيضا حتى مما ورد فيه الامر بالقيام منتصبا مقيما صلبه لصدقه عرفا على الواقف المتحرك ثم لا يخفى عليك ان عمدة مستند اعتبار هذا الشرط هو الاجماع ونحوه من الأدلة التي ليس لها عموم أو اطلاق أحوالي فمقتضى الأصل هو الاقتصار في شرطيته على القدر المتيقن وهو في حال العمد فلو أخل (سهوا أو) به اضطرارا ولو في حال التكبير فضلا عن غيره لم تبطل صلاته على الأشبه ومنها الاستقلال مع القدرة على المشهور بل عن المختلف وغيره دعوى الاجماع عليه فان أمكنه القيام مستقلا وجب والا وجب ان يعتمد على ما يتمكن معه من القيام وروى جواز الاعتماد على الحائط مع القدرة ولذا ذهب جماعة من المتأخرين وفاقا لبعض القدماء كأبي الصلاح على ما حكى عنهم إلى القول بجوازه اختيارا على كراهية والمراد بالاستقلال كما عن جماعة من الأصحاب التصريح به عدم الاستناد والاعتماد على شئ بحيث لو زال ذلك الشئ وهو غافل لسقط واستدل للمشهور بانصراف أدلة القيام إليه بل عن بعضهم دعوى ان الاستقلال بالمعنى المزبور مأخوذ في مفهوم القيام فان القائم بلا استقلال في صورة القائم لا قائم حقيقة وبانه هو المعهود الواقع من فعل النبي والأئمة عليهم السلام الذين أمرنا بالتأسي بهم خصوصا في الصلاة التي ورد فيها صلوا كما رأيتموني أصلي وبانه هو الذي يحصل معه القطع بفراغ الذمة عما اشتغلت به يقينا وفي الجميع نظر عدى ان دعوى الانصراف غير بعيدة خصوصا من مثل قوله عليه السلام في صحيحة زرارة وقم منتصبا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من لم يقم صلبه فلا صلاة له واستدل له أيضا بصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تستند بخمرك وأنت تصلي ولا تستند إلى جدار الا أن تكون مريضا والخمر بالخاء المعجمة والميم المفتوحتين على ما في الحدائق وغيره ما واراك من شجر أو بناء ونحوه وخبر عبد الله بن بكير المروي عن قرب الإسناد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة قاعدا أو متوكئا على عصا أو حائط قال لا ما شان أبيك وهذا ما بلغ أبوك هذا بعد ولكن يعارضهما صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سئله عن الرجل هل يصلح له ان يستند إلى حائط المسجد وهو يصلي أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علة فقال لا بأس وعن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الأولتين هل يصلح له ان يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولا علة فقال لا بأس به وموثقة ابن بكير المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي متوكئا على عصى أو على حائط قال لا بأس بالتوكي على عصا والاتكاء على الحائط وخبر سعيد بن يسار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن التكاءة في الصلاة على الحائط يمينا وشمالا فقال لا بأس وقد نسب إلى المشهور حمل هذه الأخبار على الاستناد الغير التام الغير الموجب لخروج قيامه عن الاستقلال والأولين على ما كان موجبا لخروجه عن الاستقلال وفيه ان هذا النحو من الجمع يحتاج إلى شاهد خارجي ولا شاهد فالأوفق بقواعد الجمع حمل الخبرين الأولين على الكراهة بل لعل هذا هو المنساق من ثانيهما فمن هنا قد يترجح في النظر قوة ما حكى عن أبي الصلاة وغيره من القول بجوازه على كراهية الا ان التعويل على ظاهر هذه الأخبار بعد اعراض المشهور عن ظاهرها ورمى بعضهم إياها إلى الشذوذ مع ما فيها من احتمال التقية مشكل فما هو المشهور ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط خصوصا مع قوة احتمال كون هذه الأخبار بأسرها جارية مجرى الغالب من عدم حصول الاتمام التام المانع عن الاستقلال حال القيام وكون المقصود بالاستناد إلى الشئ الاستعانة به على قيامه لا تقومه به فالنهي عنه حينئذ محمول على الكراهة فلا ينافي حينئذ شئ منها لاشتراط الاستقلال الذي ادعى انصرافه من أدلة القيام فليتأمل و ينبغي التنبيه على أمور الأول انا ان بنينا على استفادة شرطية الاستقلال من اطلاقات أدلة القيام اما بدعوى كون استناده إلى الشخص بلا واسطة مأخوذا في مفهومه كما تقدم ادعائه من بعض أو بدعوى كونه مأخوذا فيما ينصرف إليه اخبار الباب كما نفينا البعد عنه فيتبعه في الركنية وعدمها بمعنى ان الاخلال به سهوا حال تكبيرة الافتتاح مخل بالصلاة وكذا في القيام المتصل بالركوع لو سلمنا ركنيته من حيث هو واما ان قلنا بان المسلم انما هو اشتراط الركوع بكونه عن قيام لا جزئية قيام متصلا بالركوع كما قويناه فلا إذ غاية ما نلتزم بشرطيته للركوع هو مطلق القيام الغير المشروط بالشرائط المزبورة كما يتضح لك وجهه في محله إن شاء الله واما لو بنينا على استفادة شرطيته من الشهرة ونقل الاجماع ونحوهما من الأدلة المجملة فالقدر المتيقن هو اعتباره في حال العمد لا مطلقا وكذا لو قلنا باستفادته من صحيحة ابن سنان ورواية عبد الله بن بكير المتقدمتين لا لما قد يقال في نظائر المقام من قصور صيغة النهي عن إفادة مانعية متعلقها أو شرطية عدمها الا مع العمد فانا قد أشرنا مرارا إلى أن هذا القول بالنسبة إلى مثل هذه التكاليف الغيرية التي لا ينسبق إلى الذهن منها الا الارشاد وبيان الشرطية والمانعية لا يخلو عن تأمل أو منع بل لحكومة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الحديث على مثل هذه المطلقات فيقيدها بصورة العمد كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق اللهم الا ان يدعى انصرافه عما هو معتبر حال التكبيرة التي يتحقق بها الدخول كما تقدم تقريبه في القيام وفيه تأمل بل قد يتأمل في بطلان الصلاة بالاخلال به سهوا حال التكبير حتى
(٢٥٧)