في حديث قال انما جاز للمسافر والمريض ان يصليا صلاة الليل لاشتغاله وضعفه وليحرز صلاته فيستريح المريض في وقت راحته وليشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره وعن يعقوب الأحمر في الصحيح قال سئلته عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل فقال نعم نعم ما رأيت ونعم ما صنعت ثم قال إن الشاب يكثر النوم فانا امرك به وعن علي بن سعيد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الليل والوتر في السفر من أول الليل إذا لم يستطع ان يصلي في اخره قال نعم ورواية الفقيه عن علي بن سعيد مثله الا انه اسقط إذا لم يستطع ان يصلي اخر الليل وعن الحسين بن علي بن بلال قال كتب إليه في وقت صلاة الليل فكتب عند زوال الليل وهو نصفه أفضل وان فات فأوله واخره جائز وعن الشهيد في الذكرى قال روى محمد بن أبي قره باسناده إلى إبراهيم بن سبابة قال كتب بعض أهل بيته إلى أبي محمد عليه السلام في صلاة المسافر أول الليل صلاة الليل فكتب فضل صلاة المسافر من أول الليل كفضل صلاة المقيم في الحضر من اخر الليل وروى في الكافي والتهذيب عن أبان بن تغلب في الصحيح قال خرجت فيما بين مكة والمدينة وكان يقول اما أنتم فشباب تؤخرون واما انا فشيخ اعجل وكان يصلي صلاة الليل أول الليل وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بصلاة الليل من أول الليل إلى اخره الا ان أفضل ذلك بعد انتصاف الليل ورواية محمد بن عيسى قال كتبت إليه أسئله يا سيدي روى عن جدك أنه قال لا باس بان يصلي الرجل صلاة الليل في أول الليل فكتب في اي وقت صلى فهو جائز إن شاء الله ومقتضى اطلاق بعض هذه الروايات كالخبرين الأخيرين ومكاتبة الحسين جواز تقديمها على الانتصاف مطلقا بل بعضها كخبر سماعة كاد يكون نصا في ذلك ولا يصلح شئ من الأخبار المتقدمة المعارضة من حيث الدلالة فان له نوع حكومة على ساير الروايات حيث إنه يدل على أن ما بعد الانتصاف وقت للفضيلة فيمكن ان يكون تحديد وقتها بما بعد الانتصاف في بعض الأخبار المتقدمة في المبحث السابق كمرسلة الصدوق والاخبار الحاكية لفعل النبي صلى الله عليه وآله والوصي عليه السلام بلحاظ كونه وقتا للفضيلة خصوصا مع ما عرفت من عدم ظهور ما عدى المرسلة فيما ينافيه كما أنه يمكن ان يكون ما في بعض الأخبار المتقدمة من تخصيص موضوع الحكم أعني جواز التقديم من أول الليل بكونه في السفر أو عند خوف الجنابة والبرودة ونحوه وكذا ما في بعضها من اشتراطه بخوف الفوت في اخر الليل بهذه الملاحظة خصوصا مع ضعف ظهور معظم تلك الأخبار في اشتراط كونه لعلة لوقوع الاشتراط في كلام السائل لا في الجواب بل اشعار الاكتفاء بمثل هذه الاعذار التي لا تقتضي على تقدير تحققها فوت الصلاة في وقتها بل الاتيان بها في الوقت فاقده لبعض شرائطها الاختيارية كالصلاة مع التيمم أو بلا استقرار الذي هو شرط الكمال في النافلة لا الصحة كون الامر في حد ذاته مبنيا على التوسعة لا كون التوسعة ناشئة من الضرورة والا فمن المستبعد رفع اليد عن شرط محقق رعاية لاحتمال فوات شرط اختياري اللهم الا ان يكون الحكمة في الرخصة في التقديم في مثل هذه الموارد كون نفس النافلة بذاتها في معرض الفوت حيث إن التكليف بها غير الزامي فربما يتسامح في امرها المكلف ويتركها لأدنى مشقة كتطهير ثوبه لدى الحاجة إليه عند عروض الجنابة أو نزوله عن دابته في أثناء الطريق للتيمم فضلا عما لو توقفت على كلفة زائدة كالوضوء أو الاغتسال بالماء البارد فالتوسعة في الوقت انما هو بهذه الملاحظة لا لرعاية سائر الشرائط المحتملة الفوات وكيف كان فمما يؤيد أيضا جواز التقديم مطلقا الأخبار المستفيضة الدالة على أن النافلة بمنزلة الهدية متى اتى بها قبلت لكن مع ذلك كله فالأحوط بل الأقوى ما حكى عن المشهور من عدم جواز التقديم بلا ضرورة مقتضية له فأن الاعتماد على رواية سماعة وغيره مما يظهر منه جواز التقديم مطلقا بعد اعراض الأصحاب عنها في رفع اليد عن ظواهر غيرها من الأدلة مشكل وما في بعض الأخبار المتقدمة من نفي الباس عن التقديم في الليالي القصار أو في السفر على الاطلاق لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته إلى ارادته في صورة الضرورة وخوف الفوات في اخر الليل لتعين صرفه إلى ذلك جمعا بينه وبين الأخبار الدالة على الاشتراط المعتضدة بفتوى الأصحاب ونقل اجماعهم عليه نعم الظاهر كفاية مطلقا العذر في جواز التقديم ولعل ما في المتن ونحوه من تخصيص المسافر والشاب بالذكر جاري مجرى التمثيل والا فالاطلاق كما حكى عن بعض التصريح به بل في الجواهر هو معقد ما حكى من اجماع الخلاف أوفق بظواهر النصوص خصوصا رواية أبي بصير المقدمة ولعله لذا عد المحقق الثاني على ما حكى عنه من الاعذار المسوغة للتقديم إرادة الجماع ويمكن ان يكون اعتماده في ذلك على استفادته مما دل على جوازه عند خوف الجنابة حيث يدل على جوازه لدى القطع بحصول الجنابة كما في الفرض بالفحوى نعم ربما يظهر من الصدوق على ما حكى عنه اختصاص الرخصة بالمسافر حيث قال كلما روى من الاطلاق في صلاة الليل من أول الليل وانما هو في السفر لان المفسر من الاخبار يحكم على المجمل انتهى أقول فالذي يغلب على الظن ان التفسير الذي تقدمت حكايته عن الفقيه في ذيل صحيحة ليث من الصدوق وباجتهاده فلا عبرة به وأنت خبير بأنه لا مقتضى للجمع بين ما دل على جواز التقديم في السفر وبين غيره مما دل على جوازه في الليالي القصار أو عند خوف البرودة أو الجنابة بل لو لم يكن النص الا في خصوص السفر لأمكن دعوى استفادة جواز التقديم في ساير مواقع الضرورة بتنقيح المناط وكيف كان فقد صرح الأصحاب رضوان الله عليهم بأنه إذا دار الامر بين التقديم وقضائها بعد خروج الوقت كان قضائها أفضل من التقديم كما يدل عليه ما عن معاوية بن وهب في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال قلت له ان رجلا من مواليك من صلحائهم شكى إلى ما يلقي من النوم وقال إني أريد القيام إلى الصلاة بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع والشهرين اصبر على ثقله فقال قرة عين له والله قرة عين والله ولم يرخص في النوافل أول الليل وقال وقال القضاء بالنهار أفضل قلت فان من نسائنا ابكار الجارية تحب الخير وأهله
(٥٠)