من ذهاب الحمرة إلى ثلث الليل للمختار وما زاد عليه حتى ينتصف الليل للمضطر حيث عرفت جواز تأخير المغرب عن ذهاب الشفق اختيارا وتقديم العشاء عليه كذلك وتأخيرها إلى نصف الليل نعم ربما يظهر من بعض الأخبار المتقدمة في محلها ان اخر وقت المغرب ثلث الليل أو ربعه لكنه لا يصلح لمعارضة غيره مما هو صريح في امتداد وقتها إلى أن يتضيق وقت العشاء بان لم يبق إلى نصف الليل الا مقدار أربع ركعات فما دل على أن وقت المغرب إلى ثلث الليل أو ربعه أريد به على الظاهر التوسعة في وقتها الأول بالنسبة إلى أصحاب العذر ولذا خصه في بعض الأخبار الدالة عليه بالمسافر حيث قال وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل وكيف كان فهذا مما لا ينبغي الاشكال فيه وانما الاشكال فيما قيل من امتداد وقت العشائين للمضطر إلى طلوع الفجر كما حكى عن غير واحد من القدماء والمتأخرين خلافا لما حكى عن ظاهر المشهور من انتهاء وقتهما مطلقا عند انتصاف الليل وحكى عن بعض القول بجواز تأخيرهما اختيارا عن نصف الليل لكن لم نعرف قائله ولعله من العامة وكيف كان فلا ريب في فساده وان كان قد يتوهم جواز الاستدلال له برواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ولا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر ولكن فيه ما لا يخفى من عدم دلالة الرواية على كون اخر الوقت وقتا اختياريا ولو سلم ظهورها في ذلك لوجب تأويلها أو طرحها لمعارضتها حينئذ بالأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة على انتهاء وقت العشائين عند انتصاف الليل التي منها المعتبرة المستفيضة الواردة في تفسير قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل التي لا يحوم حولها شائبة التقية كالكتاب العزيز فان مفادها كمفاد الآية الشريفة ان ما بعد غسق الليل المفسر بانتصافه كما قبل الزوال خارج عن الوقت الذي امر الله تعالى بايقاع الصلوات الأربع فيها فلو دل دليل على أن العشائين يمتد وقتهما إلى الصبح فهو بمنزلة ما لو دل دليل على أن وقت الظهرين من طلوع الشمس إلى الغروب يجب رد علمه إلى أهله أو تأويله بما لا يخالف ظاهر الكتاب والسنة المعتضد باجماع الفرقة كما هو واضح ومما يشهد لعدم جواز تأخيرهما اختيارا عن نصف الليل مضافا إلى ما عرفت الأخبار الواردة في ذم من نام عن صلاة العشاء حتى انتصف الليل مثل مرسلة الصدوق وعن أبي جعفر عليه السلام قال ملك موكل يقول من يأت عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل فلا أنام الله عينه وعنه في العلل مسندا نحوه الا ان فيه من نام عن العشاء وعنه أيضا في الفقيه مرسلا قال وروى في من نام عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل انه يقضي ويصبح صائما عقوبة وانما وجب ذلك لنومه عنها إلى نصف الليل وعن الشيخ بسنده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال وأنت في رخصة إلى نصف الليل وهو غسق الليل فإذا مضى الغسق نادى ملكان من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل فلا رقدت عيناه وربما يستشعر من هذه الرواية بل يظهر منها جواز تأخيرها إلى النصف وصيرورتها مضيقة عنده لكن لابد من جملها على إرادة الرخصة في ايقاعها إلى النصف لا تأخيرها عنه كما يؤمي إلى ذلك ما فيها من تفسير الغسق الذي حد به وقتها في الكتاب العزيز بنصف الليل ومرسلة ابن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نام عن العتمة فلم يقم إلى بعد انتصاف الليل قال يصليها ويصبح صائما ومرفوعة ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال من نام قبل ان يصلي العتمة فلم يستيقظ حتى يمضي نصف الليل فليقض صلاته ويستغفر الله وربما يستظهر من الامر بقضاء صلاته في هذه الرواية خروج وقتها الاضطراري أيضا وفيه نظر إذ لم يثبت كون القضاء في عرفهم حقيقة في المعنى المصطلح وكيف كان فلا شبهة في عدم جواز تأخيرها عن نصف الليل وانما أوردنا هذه الأخبار من باب التيمن والا فالامر أوضح من أن يحتاج إلى الاستشهاد بمثل هذه الروايات فالشأن في المقام انما هو في تحقيق انه هل يخرج وقت العشائين بالانتصاف فتندرجان حينئذ في الفوائت كما هو ظاهر المشهور وصريح بعض أو انه لا يفوت وقتهما حتى يطلع الفجر اما لخصوص الحائض والناسي ونحوهما من أولي الأعذار أو مطلقا وان حرم التأخير عن النصف فإنه ربما يشهد لبقاء وقتهما في الجملة جملة من الاخبار منها رواية عبيد بن زرارة الدالة على عدم اندراج صلاة الليل في الفوائت قبل طلوع الفجر ومنها المستفيضة المتقدمة الواردة في الحائض الدالة على وجوب أداء الصلاتين عليها إذا طهرت قبل طلوع الفجر ومنها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل أو نسي ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما فان خاف ان تفوته إحديهما فليبدء بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ولا منافاة بين هذه الأخبار وبين الآية والروايات الدالة على انتهاء وقتهما عند انتصاف الليل لامكان الجمع بينهما بحمل هذه الأخبار على الوقت الاضطراري ولو لخصوص من كان معذورا في التأخير كالحائض والنائم والناسي كما هو مورد أغلبها فيجمع بينها وبين ما دل على انتهاء الوقت بالانتصاف اما بتخصيصها بمن لم يكن معذورا في التأخير أو حملها على الوقت الاختياري الذي امر الله تعالى أولا وبالذات بايقاع الصلوات فيه على سبيل التوسعة لا مطلق الوقت الشامل للاضطراري الذي لدى التحقيق وقت تقديري لا فعلي فلا يبعد دعوى انصراف اطلاق الوقت عنه وان كانت قابلة للمنع والحاصل ان الجمع بأحد الوجهين من الجمع المقبول المقدم على طرح الرواية أو حملها على التقية ولكنه مع ذلك لا يخلو عن اشكال فان الاعتماد على مثل هذه الروايات في رفع اليد عن ظواهر الأخبار الكثيرة الظاهرة في انتهاء الوقت على الاطلاق بعد اعراض المشهور عنها وموافقتها الفتوى جميع الفقهاء الأربعة على ما قيل مع ما علم من أن أكثر الأخبار الواردة في المواقيت مشوبة بالتقية في غاية الاشكال فالحكم موضع تردد والأحوط هو الاتيان بهما قبل طلوع الفجر بقصد امتثال امرها الواقعي من غير تعرض للأدائية أو القضائية مراعيا فيهما وظيفتي الوقت
(٤١)