الكراهة فليتأمل ويكره ان يكون في حال صلاته بين يديه نار مضرمة بل مطلقا على الأظهر كما يدل عليه صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة قال لا يصلح له ان يستقبل النار وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي الرجل وفي قبلته نار أو حديد قلت اله ان يصلي وبين يديه مجمرة شبه قال نعم فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها عن قبلته وعن الرجل يصلي وفي قبلته قنديل معلق وفيه نار الا انه بحياله قال إذا ارتفع كان أشر لا يصلي بحياله و وما في المتن وغيره بل ربما نسب إلى المشهور من تخصيص الكراهة بما إذا كانت النار مضرمة مما لم يتضح وجهه ونقل عن أبي الصلاح القول بالحرمة اخذ بظاهر النهي في الخبرين وفيه ان الخبر الأول ان لم نقل بأنه ظاهر في الكراهة فلا أقل من عدم ظهوره في الحرمة واما الموثقة فهي وان كانت ظاهرة في ذلك في بادي الرأي ولكن ربما يوهن هذا الظاهر مضافا إلى مخالفته للمشهور عطف الحديد عليه في صدر الرواية مع أنه لم يفت أحد بحرمته على ما صرح به بعض و قوله في ذيلها إذا ارتفع كان أشر الدال على اختلافه في الشرية من حيث المرتبة وغير ذلك مما يناسب الكراهة كما انها هي الذي تقتضيه الجمع بينها وبين مرفوعة عمرو بن إبراهيم الهمداني قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا بأس ان يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه ان الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه فكأن هذه الرواية هي التي قصدها الكليني والشيخ حيث قالا بعد نقل موثقة عمار على ما حكى عنهما وروى أيضا انه لا بأس به لأن الذي يصلي له أقرب إليه من ذلك والتوقيع المروي عن كتاب اكمال الدين عن محمد بن جعفر الأسدي فيما ورد عليه من محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه عن صاحب الزمان في جواب مسائله واما ما سئلت عنه من امر المصلي والنار والصورة والسراج بين يديه هل تجوز صلاته فان الناس قد اختلفوا في ذلك قبلك فإنه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنيران وعن اجتماع الطبرسي نحوه وزاد في اخره ولا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عبدة الأوثان والنيران وما في التوقيع من التفصيل بين أولاد عبدة الأوثان وغيرهم فمحمول على شدة الكراهة والا فلم نقل القول بهذا التفصيل عن أحد أو بين يديه تصاوير وربما وقع التعبير عنها في عبائرهم بالتماثيل أو بالصورة والمراد من الجميع بحسب الظاهر واحد كما أوضحناه في اللباس ويدل عليه جملة من الاخبار منها صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أحدهما عليهما السلام عن التماثيل في البيت فقال لا بأس إذا كانت عن يمينك وشمالك ومن خلفك أو تحت رجلك وان كانت في القبلة فالق عليها ثوبا وصحيحته الأخرى قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلي والتماثيل قدامي وانا انظر إليها قال لا اطرح عليها ثوبا ولا بأس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك وان كانت في القبلة فالق عليها ثوبا وصل أقول لظاهر اتحاد هذه الروايات الثلاث وما فيها من الاختلاف فمنشأه الاختلاف في مقام التعبير ونقل المضمون وصحيحته الثالثة المروية عن المحاسن عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس بالتماثيل أن تكون عن يمينك وعن شمالك وخلفك وتحت رجليك وان كانت في القبلة فالق عليها ثوبا إذا صليت وصحيحة الحلبي قال أبو عبد الله عليه السلام ربما قمت فاصلي وبين يدي الوسادة وفيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا وخبر ليث قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو شمال فقال لا بأس ما لم تكن تجاه القبلة فإن كان شئ منها بين يديك مما يلي القبلة فغطه وصل وإذا كان معك دراهم فيها تماثيل فلا تجعلها بين يديك واجعلها من خلفك وصحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن الدار والحجرة فيها التماثيل أيصلي فيها فقال لا تصل فيها وفيها شئ يستقبلك الا ان لا تجد بدا فتقطع رؤسها والا فلا تصل فيها إلى غير ذلك من الاخبار التي سيأتي بعضها وما في هذه الأخبار ممن النهي محمول على الكراهة كما يشهد له مرفوعة عمرو بن إبراهيم الهمداني والتوقيع المتقدمتان في المسألة السابقة وخبر علي بن جعفر المروي عن محاسن البرقي وكتاب قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن البيت فيه صورة سمكة أو طير أو شبههما يعبث به أهل البيت هل تصلح الصلاة فيه قال لا حتى يقطع رأسه منه ويفسده وان كان قد صلى فليست عليه إعادة وفي بعض النسخ قد صوروا فيه طير أو سمكة الخ إذ الظاهر أن قوله وان كان قد صلى الخ مسوق لبيان ان النهي عنه على سبيل التنزيه الذي لا يترتب على مخالفته الإعادة وحمله على خصوص صورة الغفلة والنسيان مما لا داعي عليه مع اعتضاده بالشرهة ونقل الاجماع بل لم ينقل القول بالحرمة فيما عثرنا عليه عن أحد نعم حكى عن أبي الصلاح القول بعدم حل الصلاة على البسط والبيوت المصورة وان له في فسادها نظرا وهو باطلاقه مخالف لصريح هذه الأخبار فلا يصح استناده إليها هذا كله مع ما في إرادة الحرمة من النواهي الواردة في أمثال هذه الموارد من البعد ولعله هو العمدة في عدم فهم المشهور منها الا الكراهة وكيف كان فقد أغنتنا عن كلفة مثل هذه الدعاوي الأخبار المتقدمة المنجبر ضعفها لو كان بغيرها مما عرفت مع اعتضادها بما عرفته في اللباس إذ الظاهر أن النواهي الواردة في هذا الباب المتعلقة بالصلاة في ثوب فيه تماثيل أو خاتم فيه صورة أو درهم كذلك أو بيت فيه تصاوير كلها من واد واحد فما يصلح قرينة لإرادة الكراهة من بعضها أمكن الاستشهاد به فيما عداه أيضا فليتأمل ثم إن ظاهر خبر علي بن جعفر المتقدم كراهة الصلاة في بيت فيها صورة سمكة وشبهها مطلقا سواء كانت بين يدي المصلي أم لم يكن ونحوه خبره الاخر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن مسجد يكون فيه تصاوير وتماثيل يصلي فيه فقال تكسر رؤس التماثيل وتلطخ رؤس التصاوير وتصلي فيه ولا بأس وخبر سعد بن إسماعيل عن أبيه قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المصلي والبساط يكون عليه التماثيل أيقوم عليه فيصلي أم لا فقال لا والله اني لأكره فمقتضى الجمع بينها وبين الأخبار المتقدمة اما حمل نفي البأس عما إذا لم يكن بين يديه في الأخبار المتقدمة على خفة الكراهة أو تقييد هذه الأخبار بما إذا كانت الصورة بين يديه وهو لا يخلو عن بعد بالنسبة إلى خبري علي بن جعفر واعلم أن المراد بالتصاوير والتماثيل انما هو صور ذوات الأرواح لا غير كما أوضحناه في اللباس وفي جملة من الاخبار إشارة إلى ذلك كما تقدمت الإشارة إليه في ذلك المبحث وترتفع الكراهة بتغيير الصورة كما يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان يكون التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه إذ لا خصوصية للثوب في ذلك كما هو واضح ويشهد له أيضا الخبر المروي عن مكارم الأخلاق عن أبي عبد الله عليه السلام قال قد أهديت إلى طنفسة من الشام فيها تماثيل طائر
(١٩٤)