على ما يقرب منه اي ما قبله بقليل بحيث يقع أربع ركعات من نافلة الليل في وقتها أو نحو ذلك مما لا يخفى منافيه فالانصاف ان طرح هذه الأخبار مع صحتها واستفاضتها واعتناه الشيخ والمحقق وغيرهما بها من غير معارض معتد به مشكل وتأويلها على ما يوافق المشهور أشكل والأخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة أعم مطلقا من هذه الأخبار فعلى تقدير العمل بظاهر تلك الروايات والغض عما ستعرفه يجب تخصيصها بهذه الاخبار وورودها فيمن قام بعد طلوع الفجر لا يوجب قصر الحكم عليه كما قد يتوهم فان الأحكام الشرعية لا تخصص بمواردها هذا مع اطلاق السؤال في الصحيحة الأولى وعدم وقوعه في خصوص من قام بعد طلوع الفجر أو اخرها لعذر وفي نهي الإمام عليه السلام عن أن يتعمد ذلك في كل ليلة إشارة إلى عدم ارادته في خصوص من كان معذورا في التأخير كما أن ما في ساير الاخبار من النهي عن أن يجعل ذلك عادة تنبيه على ذلك وقد ظهر بذلك أيضا ضعف ما زعمه صاحب الحدائق من أن النهي عن أن يتعمده في كل ليلة ويتخذه عادة دليل على اختصاص الرخصة ببعض الأوقات لا على الاطلاق توضيحه ان المقصود بالنهي هو المنع عن أن يتعود على تأخيرها إلى ذلك الوقت في كل ليلة لاعن ان يقدمها على الصبح بعد ان اخرها إلى ذلك الوقت فالنهي عن الاعتياد في هذه الأخبار ليس الا كالنهي عنه في خبر المفضل المتقدم بعد الامر بقضاء ما فات بعد الفراغ من الفريضة حيث قال ولا يكون هذا عادة وإياك ان تطلع على هذا أهلك فيصلون على ذلك ولا يصلون بالليل فالنهي عن الاعتياد ليس الا للكراهة ضرورة جواز تركها رأسا في كل ليلة فضلا عن تأخيرها إلى الصبح فالأظهر جواز الاتيان بنافلة الليل بعد طلوع الفجر قبل الصبح مطلقا خصوصا الوتر منها فإنه يدل عليه بالخصوص مضافا إلى هذه الأخبار جملة من الروايات منها صحيحة عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا قمت وقد طلع الفجر فابدء بالوتر ثم صل الركعتين ثم صل الركعتين ثم صل الركعات إذا أصبحت ويدل عليه أيضا بعض الأخبار الآتية بل ربما يقتضيه اطلاق الفقرة الأولى من رواية المفضل المتقدمة كما تقدمت الإشارة إليه لكن مقتضى ظاهر الفقرة الثانية منها عدم جواز الاتيان بشئ من نافلة الليل بل ولا ركعتي الفجر قبل الفريضة إذا قام بعد طلوع الفجر لكنها لا تصلح لمعارضة ما عرفت وستعرف خصوصا الاخبار الآتية الدالة على جواز الاتيان بركعتي الفجر بعد طلوع الفجر فالأولى حمل النهي عن أن يصلي غير الفريضة بعد صرفه إلى ما عدا الركعتين على مرجوحية فعلها قبل الفريضة بالإضافة إلى قضائها بعد الفراغ منها كما يؤيده الأخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة بناء على حملها على المرجوحية بالإضافة كما سيأتي التكلم فيه إن شاء الله لكن قد يشكل ذلك بان الأخبار المتقدمة ظاهرها استحباب البدئة بصلاة الليل بعد الفجر وتأخير الفريضة عنها بل كاد ان يكون هذا صريح بعضها كصحيحة عمر بن يزيد الثانية اللهم الا ان يقال إن المقصود بهذه الروايات ليس الا بيان عدم فوات نافلة الليل بفوات وقتها (واستحباب الاتيان بها قبل فريضة الصبح ما لم تزاحم الفريضة في اخر وقتها) ولا ينافي ذلك كون اتيانها بعد الفريضة أفضل من ايقاعها قبلها فما في تلك الأخبار من الامر بفعلها قبل الفريضة أريد بها فعلها كذلك في مقابل تركها رأسا لا تأخيرها عن الفريضة وما في بعضها من الامر بالبدئة بها وتأخير الفريضة عنها المشعر بمرجوحية العكس منزل على ما يقتضيه العادة من أنه عند البدئة بالنافلة لا يدع الفريضة وعند البدئة بالفريضة يقتصر عليها فليتأمل الثالثة قد أشرنا انفا إلى أن الأفضل تخصيص اخر الليل بالوتر وان الأولى عند ضيق الوقت هو البدئة بالوتر وقضاء ما عداها من نافلة الليل في صدر النهار والأحوط بل الأفضل تأخيرها عن الفريضة فلو ظن الضيق فاوتر وصلى ركعتي الفجر ثم انكشف خطائه وبقاء الليل ففي محكي الدروس والذكرى انه بضعيف إلى ما صلى ستا ويعيد ركعة الوتر وركعتي الفجر ثم نسبة إلى الشيخ المفيد ثم نقل عن الشيخ علي بن بابويه انه يعيد ركعتي الفجر لا غير أقول قد يترائى من عبائرهم اهمال ركعتي الشفع واسقاطهما من البين في الفرض مع أنه لا مقتضى لذلك فالذي يغلب على الظن ان مرادهم بالوتر فيما هو المفروض موضوعا للكلام هو معناها الأعم من الركعات الثلاث كما أن الظاهر أنها بهذا المعنى هو المراد من النصوص والفتاوي الدالة على أفضلية ايقاعها في اخر الليل والبدئة بها عند ضيق الوقت فمحل الكلام على الظاهر فيما إذا اتى بالركعات الثلاث وركعتي الفجر ثم انكشف بقاء الوقت وقد حكم ابن بابويه في الفرض بأنه يحتسب الجميع من نافلة الليل فيضيف إليها ستا فيصير المجموع احدى عشرة ركعة وهي نافلة الليل ثم يأتي بركعتي الفجر وقد أفتى الشيخ المفيد على ما حكاه عنه الشهيد في الكتابين بأنه يعيد أيضا ركعة الوتر اي مفردتها فإنها هي المتبادر من الركعة لا الركعات الثلاث وعن الذكرى أيضا بعد ما سمعت حكايته عن المفيد انه نقل عن الشيخ في المبسوط أيضا أنه قال لو نسي ركعتين من صلاة الليل ثم ذكر بعد ان أوتر قضاهما وأعاد الوتر ثم قال ما لفظه وكان الشيخين نظرا إلى أن الوتر خاتمة النوافل ليوترها انتهى ولا يخفى عليك ان كلامهم مبنى على جواز العدول عن نافلة الفجر إلى نافلة الليل وعلى هذا فما ذكره ابن بابويه من أنه يضيف ستا ويعيد ركعتي الفجر لا غير أوفق بالقواعد لان الوتر وقعت صحيحة فلا مقتضى لإعادتها وما يقال من أنه اتى بها في الوقت لتخيل الامر بزعم الضيق فلم تكن في الواقع مأمورا بها مدفوع بما عرفت في صدر الكتاب من أن الوتر في حد ذاتها نافلة مستقلة لا تتوقف صحتها على ترتبها على نافلة الليل فهي بنفسها صلاة مأمور بها وانما اثر ظن الضيق في قصد الخروج عن عهدتها لا في صيرورتها مأمورا بها وهذا غير ضائر في سقوط الامر بحصول المأمور به ولعله لذا لم يتعرضوا في كلماتهم المتقدمة لحال الشفع فإنه لا مقتضى لإعادتها بعد وقوعها صحيحة واما الوتر فهي أيضا وان كانت بذلك لكن يمكن القول بإعادتها لما رواه الشيخ باسناده عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل صلى صلاة الليل وأوتر وذكر انه نسي ركعتين من صلاته كيف يصنع قال يقوم فيصلي ركعتين التي نسي مكانه ثم يوتر ويؤيده ما دل على استحباب جعل الوتر خاتمة نوافله كقوله عليه السلام في خبر زرارة وليكن اخر صلاتك وتر ليلتك ويحتمل ان يكون المراد بالوتر في الروايتين أعم من الشفع وربما يستدل له أيضا بمرسلة إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
(٥٣)