فلا يخلو عن تأييد فتأمل وكيف كان فالصحيحة المتقدمة كافية في اثبات المدعى وما قيل في تضعيفه من شذوذ القائل به فما لا ينبغي الالتفات إليه بعد ان حكى القول به عن بعض القدماء وجماعة من المتأخرين وصرح غير واحد بعدم ارتفاع المنع الا إذا تأخرت عنه بجميع جسدها بل ربما نسب هذا القول إلى ظاهر المشهور و استدل له بقوله عليه السلام في موثقة عمار وان كانت تصلي خلفه فلا بأس وان كانت تصيب ثوبه وفيه ان حمل الموثقة على الكراهة أولى من طرح الصحيحة أو تأويلها بجعلها كناية عن تأخرها تماما كما أن مقتضى الجمع بينهما على القول بالكراهة حمل الصحيحة على خفة الكراهة والموثقة على نفيها رأسا ثم إن ظاهر المصنف وغيره ممن عبر كعبارته في المتن الاكتفاء في سقوط المنع بمحاذاة موضع سجودها لقدمه وعدم كفاية ما دونه وهو بظاهره مخالف لظواهر النصوص والفتاوي فان ظاهر الصحيحة المتقدمة ما عرفت وظاهر غيره كموثقة عمار وأكثر الفتاوي اعتبار تأخرها مطلقا بحيث لم يحاذ جزء منها لجزء منه ولو في حال السجود خصوصا مع ما في الموثقة من التنبيه على الفرد الخفي بقوله وان كانت تصيب ثوبه اللهم الا ان يقال بصدق التأخر المنصرف إليه اطلاق النصوص والفتاوي عرفا على الفرض وما في موثقة عمار من قوله وان كانت تصيب ثوبه للمبالغة في عدم اعتبار البعد بينهما في صورة التأخر لا للتنبيه على الفرد الخفي من التأخر والله العالم ولو حصلا في موضع لا يتمكنان من التباعد ولا من تقدمه عليها كما لو كانا في المحمل وتعذر عليهما النزول للصلاة صلى الرجل أولا فإذا فرغ صلت المرأة كما وقع التصريح بذلك في صحيحة محمد بن مسلم ورواية أبي بصير المتقدمتين في صدر المبحث اللتين وقع فيهما السؤال عن أن الرجل والمرأة هل يصليان في المحمل جميعا ففي أوليهما قال عليه السلام لا ولكن يصلي الرجل فإذا فرغ صلت المرأة وفي ثانيتهما لا ولكن يصلي الرجل وتصلي المرأة بعده والظاهر أن هذا الحكم على سبيل الأولوية والفضل من باب تقديم صاحب الفضل لا الوجوب اما على القول بكراهة المحاذاة كما هو المختار فواضح واما على القول بالحرمة أيضا فكذلك لان من المستبعد ان يكون تأخيرها للصلاة واجبا شرطيا أو شرعيا تعبديا فلا ينسبق إلى الذهن من الخبرين الا ارادته على جهة الاستحباب كما يشهد لذلك مضافا إلى ذلك قوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور الا ان تتقدم هي أو أنت إذا الظاهر أن المراد به التقدم في الصلاة لا المكان والا لزم مخالفته لغيره من الفتاوي والنصوص ويؤيده أيضا ما عن العلامة في المنتهى من دعوى الاجماع على الصحة حيث بعد ذكر الرواية المتقدمة فلو خالف وصلت المرأة أولا صحت صلاتها اجماعا انتهى فما عن الشيخ من القول بالوجوب كما ربما يستشعر من المتن وغيره ضعيف ولو ضاق الوقت يصليان معا سواء قلنا بالحرمة أو الكراهة لان الصلاة لا تسقط بحال وشرطية في لمحاذاة لو سلمناها فإنما هي في غير حال الضرورة كغيرها من الشرائط والاجزاء المعتبرة في الصلاة التي لا تسقط بتعذر شئ منها عدى الطهور على اشكال فما عن المحقق الثاني من الاستشكال فيه بما محصله ان التحاذي ان كان مانعا من الصحة منع مطلقا لعدم الدليل على الابطال بموضع دون موضع إذ النص والفتوى عامان وحينئذ فعلى الحرمة ان كان المكان لأحدهما اختص به ولا يجوز ايثار الاخر به وان كان لهما أو استويا فيه أمكن القول بالقرعة فيصلي من خرج اسمه ويقضي الاخر انتهى ضعيف وهل يختص الحكم في أصل المسألة بالمكلفين فلا يعم الصبي والصبية أم يعمهما أو يفصل بين ما لو حاذا الصبي امرأة أو الصبية رجلا وبين عكسهما أو محاذاة كل منهما للاخر فلا منع في الأخيرين بخلاف الأول وجوه أقواها الأول بل عن الروض نسبته إلى المشهور لان الأخبار الدالة على المنع قد اشتملت على لفظ الرجل والمرأة وهما لا يعمان الصبي والصبية ودعوى انهما لغة على ما يظهر من بعض اللغويين أعم لو سلمت فهي غير مجدية ضرورة انصرافهما عرفا إلى البالغين فتسرية الحكم إلى غير البالغين قياس نعم ورد لفظ البنت في بعض الاسئولة الواقعة في الاخبار كصحيحتي الحلبي ومحمد بن مسلم اللتين وقع فيهما السؤال عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلي بحذاه في الرواية الأخرى و لكنه أيضا في مثل المقام منصرف إلى البالغة بحكم الغلبة مع أنه ليس المقصود بالسؤال على ما يتبادر منه الاطلاق من هذه الجهة كي يكون اطلاق الجواب من غير استفصال دليلا على العموم وما يقال من أن المراد بعبادة الصبي التي وقع الكلام في شرعيتها انما هو العبادة المشروعة للبالغ فكل شرط لصلاة الرجل شرط لصلاة الصبي وكل شرط لصلاة المرأة شرط لصلاة الصبية كما أومى لذلك الشهيد في المحكى عن حواشيه حيث قال إن الصبي والصبية يقرب حكمهما من الرجل والمرأة فيتجه حينئذ الوجه الثالث مدفوع بان المراد بشرعيتها هي شرعية تلك العبادة من حيث هي لا من حيث صدورها من البالغ فكل ما شك في اعتباره في نفس تلك الماهية مطلقا وان للبلوغ دخلا في شرطية ولم يكن لدليله اطلاق يصح التمسك به يرجع فيه بالنسبة إلى مواقع الشك إلى حكم الأصل فمن الجائز ان يكون المنع عن المحاذاة أو التقدم كوجوب ستر الرأس على المرأة من الاحكام المختصة بالبالغين فتعدية الحكم إلى غيرهم موقوف على قيام دليل عليه وهو مفقود والله العالم واما الخنثى المشكل فالأقوى وجوب الاحتياط عليه بالاجتناب عن محاذاة كلتا الطائفتين وعن الصلاة امام الرجل وخلف المرأة لعلمه اجمالا بكونه مكلفا بالاجتناب عن أحد الامرين ومحاذاة احدى الطائفتين فعليه الاحتياط هو الشأن في كل مورد اشتبه فيه الحرام بغيره من أمور محصورة اللهم الا ان يدعى انصراف اطلاقات الأدلة عنه وفيه تأمل إذ الظاهر أنه على تقدير تسليمه بدوي نشأه عدم وضوح حاله بحيث لو علم باندراجه في أحد الطائفتين لا يشك في ارادته من الاطلاق فليتأمل واما كل من الرجل والمرأة فله ان يصلي بحذائه لان محاذاة غير المماثل مانعة عن صحة صلاته وهي مشكوكة التحقق والأصل عدمه وان أردت مزيد توضيح لذلك فعليك بالتأمل فيما ذكرناه عند البحث عن جواز الصلاة فيما يشك في كونه من مأكول اللحم ولا بأس ان يصلي في الموضع النجس إذا كانت نجاسته لا تتعدى إلى ثوبه ولا إلى بدنه وكان موضع الجبهة طاهرا على المشهور كما ادعاه غير واحد فههنا مقامان لابد من التكلم فيهما الأول انه لا يشترط الطهارة فيما عدى موضع الجبهة مما يصلي عليه وقد حكى عن أبي الصلاح انه اعتبر طهارة موضع المساجد السبعة وعن السيد المرتضى رحمه الله انه اشترط طهارة مكان المصلي مطلقا اما القول المحكى عن أبي الصلاح فلم نقف له على دليل يعتد به وربما يستدل له بالنبوي جنبوا مساجدكم النجاسة وفيه انه يحتمل قويا ان يكون المراد بالمساجد
(١٨٣)