الشرطي لا الشرعي فما توهمه بعض من أن استثنائهم للصبية في المقام عمن يجب عليها ستر الرأس في غير محله حيث إنها غير مكلفة بشئ ليس بشئ ونظيره توهم ان المشهور فيما بينهم كون عباداتها تمرينية لا شرعية فتسر رأسها حينئذ ليس الا كسائر الشرائط فلا يتجه التخصيص ويدفعه ان التخصيص مبني على شرعيتها فهو في كلام القائلين بالتمرينية على تقدير تعرضهم له فرضي ولذا صح دعوى الاجماع عليه كما ادعاه غير واحد ومستنده اختصاص ما دل على شرطية ستر الرأس بالبالغة لا لمجرد دعوى انصراف لفظ المرأة المأخوذة موضوعا في الأدلة الدالة عليها عن الصبية وضعا أو انصرافا بل لظهور جملة من الاخبار في الاختصاص كقوله عليه السلام في صحيحة يونس بن يعقوب المتقدمة في صدر المبحث ولا يصلح للحرة إذا حاضت الا الخمار ومرسلة الصدوق قال قال النبي صلى الله عليه وآله ثمانية لا يقبل لهم صلاة منهم المرأة المدركة تصلي بغير خمار وعنه مسندا عن جعفر بن محمد عن ابائه عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لعلي عليه السلام مثل الا أنه قال الجارية المدركة وخبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال إذا حاضت الجارية فلا تصلي الا بخمار وفي خبر أبي بصير المتقدم وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار فرع المبعضة كالحرة في وجوب الخمار عليها لانصراف النص والفتوى القائلة بعدم وجوب الستر على الأمة عنها فتندرج في اطلاق أدلة الستر للنساء وتوهم اختصاص ما دل على الستر بالحرة المنصرفة عنها أيضا فبقي على حكم الأصل مدفوع بان اخبار الستر مطلقة والاختصاص نشأ من الأخبار الواردة في الأمة فيختص بها المطلقات و يقتصر في تخصيصها على ما ينصرف إليه الاخبار المخصصة نعم ورد التقييد بالحرة في بعض اخبار الستر كصحيحة يونس المتقدمة ولكن هذا لا يجدى في صرف سائر الروايات إليها الا بلحاظ مفهوم الصفة لو اعتبرناه إذ لا تنافي بينه وبين المطلقات بحسب المنطوق واما مفهومه مع ضعفه في حد ذاته وعدم كونه الا مجرد اشعار خصوصا في مثل الصحيحة المتقدمة مما ليس الوصف فيه معتمدا على موصوف مذكور فهو على تقدير الحجية لا يصلح لتقييد المطلقات الا بالنسبة إلى الأمة المنصرفة عن المبعضة لأنها هي المقابلة للحرة التي ينسبق إلى الذهن ارادته من المفهوم على تقدير تسليمه فليتأمل ويدل عليه أيضا خبر حمزة بن حمران عن أحدهما قال سئلته عن الرجل أعتق نصف جاريته إلى أن قال قلت فتغطي رأسها منه حيث أعتق نصفها قال نعم وتصلي هي مخمرة الرأس وربما يستشعر أيضا من قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة ولا على المكاتبة إذا اشترطت عليها اقناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبها فإنه مشعر بان المكاتبة المطلقة التي تحرر منها بعضها عند تأدية البعض ليس كذلك وان أعتقت الأمة في أثناء الصلاة وعلمت به وجب عليها ستر رأسها والمضي في صلاتها ان لم تفتقر في الستر إلى فعل المنافي وان افتقرت إلى فعل كثير أو غيره من المنافيات استأنفت الصلاة كما ظهر وجه ذلك كله في مسألة ما لو صلى عاريا ووجد الساتر في الأثناء إذ الملاك في المسئلتين واحد والاحتمالات المتطرقة هناك جارية ههنا وقد عرفت في تلك المسألة ان القول بوجوب استينافها مطلقا لا يخلو عن وجه فلا ينبغي ترك الاحتياط فيه فكذلك الكلام في المقام الا انا قد ذكرنا لهذا القول هناك وجهين أحدهما كونه من مقتضيات رعاية من الشرط بالنسبة إلى جميع اجزاء الصلاة واكوانها بحسب الامكان والثاني توقف صحة الاجزاء الواقعة بلا ستر حين في لتمكن منه على استيعاب العذر فتجدد القدم كاشف عن بطلانها ولا يخفى ان الوجه الأخير لو قبلناه في تلك المسألة فهو مخصوص بها ولا يتوجه في المقام لكونه من قبيل تبدل الموضوع لا من قبيل التكاليف العذرية ولذا لا ينبغي الارتياب في الصحة ههنا لو فرض حصول الستر من أول انات حصول العتق من غير أن يتخلل بينهما فصل بالزمان بخلافه في تلك المسألة وكيف كان فقد عرفت هناك ضعف كلا الوجهين خصوصا الأول منهما لعدم مساعدة العرف على استفادة الشرطية المطلقة بالنسبة إلى سائر أكوان الصلاة على وجه ينافيه التشاغل بتحصيل الشرط عند تنجز التكليف به في أثناء الصلاة من اطلاقات أدلة الشرائط بمعنى ان أهل العرف لا يفهمون من اطلاق نفي الصحة في قولنا لا تصح صلاة الحرة الا بخمار شرطية مطلقة لصلاتها على وجه يلزمها البطلان واستيناف الصلاة فيما لو تجددت الحرية في أثنائها بل غاية ما يفهمون من الاطلاق بالنسبة إلى هذه الصلاة التي تنجز التكليف بالشرط في أثنائها انما هو شرطية بالنسبة إلى ما بقي من الاجزاء مما يمكن ان يأتي بها مع الشرط بعد تحصيله لا بالنسبة إلى حال تشاغلها بفعل الستر ولذا ترى ان الأصحاب لا زال يحكمون بوجوب المضي في الصلاة بعد تحصيل الشرط في نظائر المقام ويلتزمون بصحتها وربما يستدلون عليه بان الأجزاء السابقة وقعت صحيحة لكونها مطابقة لأمرها والأجزاء الباقية بوجدها بعد تحصيل الشرط وما بينهما من الزمان اي حال التشاغل بتحصيل الشرط عفو إذ لولاه للزم التكليف بما لا يطاق يعني ان اعتباره شرطا بالنسبة إلى الجزء الواقع في هذا الحين من هذه الصلاة الخاصة غير معقول لكونه تكليفا بغير المقدور فلا يعقل ان يكلفها الشارع بان تأتي بهذا الجزء مستورة الرأس نعم يفعل ان يجعله الشارع شرطا لمطلق صلاتها بان يأمرها في مثل الفرض باستيناف صلاتها مقدمة لتحصيل الشرط ولكن قد أشرنا إلى أن العرف لا يفهمون من اطلاقات أدلة الشرائط هذه المرتبة من الاطلاق فكأنها منصرفة عن الصلاة الصادرة من المكلف في حال اندراجه في الموضوع الذي ثبت في حقه لاشتراط الاشتراط بالنسبة إلى الجزء الصادر منه حال تلبسه بتحصيل الشرط مما يتعذر منه ايقاعه مع الشرط فليتأمل ولو علمت قبل حصول العتق بأنها ستعتق في أثناء الصلاة وجب عليها الستر قبله مقدمة لحصوله حيث حدوث العتق ولا يجزي التستر بعده حينئذ لما أشرنا إليه من أن منشأ الالتزام بالعفو بالنسبة إلى أن التلبس بتحصيل الشرط تعذر كونه شرطا بالنسبة إلى ما يصدر منه في هذا الحين الا على تقدير الامر باستيناف الصلاة وايقاعها في غير ذلك الزمان وهو مما لا يفهم من اطلاقات الأدلة وهذا بخلاف مثل الفرض مما يتمكن من تلبسه بالشرط من حين اندراجه في الموضوع المكلف بالشرط ودعوى ان التكليف بالشرط لا يتنجز الا بعد تحقق موضوعه فلا يجب عليها ستر الرأس الا بعد انعتاقها فحالها مع العلم أيضا ليس الا كحالها فيما لو لم تعلم بذلك الا بعد حدوث العتق إذ لا يتنجز التكليف بمقدمة الواجبات المشروطة الا بعد تحقق شرائطها
(١٦١)