والمفاسد النفس الامرية لأنا نقول انما يقبح ان يأمر الحكيم بما فيه مفسدة قاهرة إذا كان امره موجبا للوقوع في تلك المفسدة واما إذا كان وقوعه فيها مسببا عن سبب اخر يعذر فيه المكلف ولا يتصف فعله من حيث صدوره منه بالقبح فلا مانع من الامر بايقاعه على بعض الوجوه المحسة له كما لو شرب الخمر بزعم انه ماء فإنه لا يقبح على الشارع ان يأمره بان يراعي في فعله الآداب الموظفة في الشرب بل قد يجب ذلك بناء على قاعدة اللطف فكذلك لا مانع من أن يكلف بفعل الصلاة من ارتكب الغصب بسبب خارج عن اختياره فكما ان ما في فعله من المفسدة الذاتية لا يؤثر لدى الغفلة عنه في رفع ما في فعله من الحسن فكذلك لا يصلح مانعا عن الامر به بلحاظ ما فيه من المصحلة لا يقال إن مقتضى الجمع بين اطلاقات الامر بالصلاة والنهي عن الغصب تقييد الصلاة المأمور بها بكونها في غير المغصوب وليس العلم والجهل مأخوذين في موضوع شئ من الأدلة فالصلاة التي يتحقق بها الغصب غير مراد من اطلاقات الأوامر سواء على المكلف بالغصبية أم جهلها فلا تصح لأنا نقول الحاكم بالتقييد العقل وهو لا يحكم بتقييد متعلق الأمر اي الصلاة بوقوعها في غير المغصوب الا على تقدير صلاحية الغصبية للتأثير في قبح الصلاة والا فهي في حد ذاتها محبوبة عند الشارع ومقصودة بأمره بحسب ما يقتضيه اطلاق طلبه ولتمام الكلام فيما يتعلق بالمقام من النقض والابرام مقام اخر وقد تقدم شطر من الكلام فيه في مبحث غسل الأموات عند التكلم في تغسيل الخنثى وكذا في باب التيمم عند التكلم في صحة الوضوء في الموارد التي يحرم عليه فعله فراجع وقد ظهر بما ذكرناه ان المعيار في صحة الصلاة الواقعة في المغصوب وفسادها كون الغصبية موثرة في اتصاف الفعل الخارجي الذي قصد به الصلاة من حيث صدوره من المكلف بالقبح بحيث يصح المؤاخذة عليه وهذا انما هو مع العمد ويلحق به جاهل الحكم وناسيه لما تقرر في محله من أنهما بمنزلة العامد في انصاف فعلهما بالقبح وصحة المؤاخذة عليه فلا يقع عبادة ولكن هذا فيما إذا كان الجهل أو النسيان عن تقصير والا فهو كجاهل الموضوع الذي قد عرفت انه معذور وربما الحق بعض ناسي الموضوع أيضا بالعامد نظرا إلى أن المصلي في ثوب مغصوب بمنزلة ما لو صلى عاريا لان هذا الستر وجوده كعدمه وانه مفرط بالنسيان لأنه قادر على التكرار الموجب للتذكار وانه لما علم كان حكمه المنع من الصلاة والأصل بقائه ولم يعلم زواله بالنسيان أقول مقتضى الوجه الأول و الثالث بطلان صلاة ناسي الغصبية مطلقا من غير فرق بين ان يكون هو الغاصب الذي تنجز عليه التكليف برد المغصوب إلى مالكه حال تذكره وبين غيره و اما الوجه الثاني فهو ان تم ففي حق الغاصب الذي تنجز في حقه الامر بالرد كما لا يخفى وكيف كان فيرد على الأول مع اختصاصه بالساتر وانتقاضه بصورة الجهل والغض عما بيناه سابقا من أن الشرط في الصلاة هو التستر لا الستر فتنظيره على العادي قياس مع الفارق ما عرفته في صدر المبحث من الفرق بين الشرائط المتأصلة المعتبرة في قوام مهية الصلاة من حيث هي والشرائط المنتزعة من تكاليف مستقلة كما فيما نحن فيه فتختص الشرطية في هذا القسم بصورة تنجز ذلك التكليف وحيث لا تكليف مع الجهل والنسيان فلا شرطية فالتستر بالمغصوب لدى الجهل بغصبيته أو نسيانها ليس الا كالتستر بالمباح في كونه محصلا لشرط الصلاة فلا يكون بمنزلة العدم هذا مع أن في إعادة الصلاة مع الاخلال بالستر نسيانا نظرا بل منعا كما ستعرفه في محله إن شاء الله وعلى الثاني أولا ان النسيان قد يصدر مع الغفلة عن أن ترك التكرار يوجبه فلا يكون تركه مقدورا له بل ربما يصدر مع شدة الاهتمام بالحفظ كما نشاهده بالوجدان في كثير من الأشياء التي نهتم بحفظه فلا يتحقق التفريط وثانيا ان قدرته على التكرار الموجب للحفظ انما يجعله بمنزلة العامد إذا وجب عليه ذلك ولم يكن معذورا في تركه وليس الامر كذلك كما يشهد له حديث رفع القلم وغيره فليس حال الناسي المقتصر الا كحال الجاهل المقصر الذي لم يقل أحد بكونه كالعامد في الشبهات الموضوعية نعم لو علم من حاله بأنه لو لم يتحفظ يقع لا محالة في ارتكاب المغصوب نسيانا أمكن الالتزام بكونه كالعامد كما أنه يمكن الالتزام بذلك في الجاهل أيضا إذا علم من حاله انه ان لم يفحص يرتكب الغصب أحيانا فليتأمل وعلى الثالث ما عرفت من أن المنع عن الصلاة في المغصوب كان لعلة غير مقتضية له الا مع العلم والالتفات فتعديته إلى حال النسيان قياس مع الفارق هذا مع أن الحاكم بالمنع مع العلم هو العقل وقد تقرر في محله ان الاستصحاب لا يجري في الاحكام المسندة إلى العقل فليتأمل ثم إنه قد حكى عن بعض التفصيل بين الوقت وخارجه فأوجب على الناسي الإعادة في الوقت لا في خارجه اما الأول فلما عرفت في تقرير مستند القول المتقدم واما الثاني فلان القضاء بأمر جديد وهو مفقود وفيه ما تقرر غير مرة من أن القضاء وان كان بأمر جديد ولكنه قد صدر الامر به من الشارع لمن لم يأت بالفرائض في وقتها فالماتي به في الوقت ان كان صلاة صحيحة فلا مقتضى لإعادتها والا وجب تداركها وقتا وخارجا كما في سائر الموارد المحكوم فيها ببطلان الصلاة لأجل الاخلال بشئ من اجزائها وشرائطها فهذا القول أضعف من القول بالإعادة مطلقا الله العالم ولو اذن صاحبه لغير الغاصب أوله في الصلاة فيه جازت الصلاة فيه وان لم يكن المالك راضيا بأصل استيلاء الغير على ماله ولو في حال الصلاة فتصح الصلاة حينئذ لكونها بإذن المالك مع تحقق الغصبية حيث إن المفروض عدم رضاء المالك بأصل الامساك واستيلاء الغير على ماله ولا منافاة بين الامرين إذ ربما يكون الانسان كارها لاستقلال الغير على ماله وراضيا بتصرف خاص على تقدير حصول هذا المكروه على سبيل الترتب ولو اذن في الصلاة مطلقا جاز فعلها لغير الغاصب واما الغاصب فلا يجوز له ذلك لأن اطلاق الاذن منصرف عنه على الظاهر إذ لا يتبادر عرفا من الاذن المطلق بل العام أيضا شموله للغاصب المسألة السادسة لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم مما لا ساق له كالشمشك بضم الأولين وسكون الثالث وقيل بضم الأول وكسر الثاني على ما صرح به جملة من المتقدمين كالشيخين في المقنعة والنهاية وابن البراج وسلار والفاضلين على ما حكى عنه وعن بعض نسبته إلى أكثر القدماء وعن اخر إلى كبراء الأصحاب وعن المسالك والروضة إلى المشهور ولكن قد يناقش في النسبة بان المحكي عن جليهم انهم قالوا لا يجوز الصلاة في الشمشك
(١٤٧)