لورودها مورد حكم اخر فليتأمل وكيف كان فلو قدر على القيام زمانا لا يسع القراءة والركوع قدم القراءة وجلس للركوع كما صرح به في الجواهر وغيره فان العجز الذي هو شرط جواز القعود لم يتحقق بعد فإذا انتهى إلى الركوع صار عاجزا واندرج في الموضوع الذي شرع له الصلاة قاعدا خلافا للمحكى عن المبسوط والنهاية والسرائر والمهذب والوسيلة والجامع فقدموا الركوع على القراءة في ذلك بل نسبه في الأول إلى رواية أصحابنا وأورد عليه في الجواهر بأنه مخالف لمقتضى الترتيب و الرواية لم تصل الينا والتعليل بأنه أهم لأنه ركن مع أنه اعتبار لا يصلح لأن يكون مدركا لحكم شرعي كالاستدلال عليه أيضا بما ورد في النصوص من أن الجالس إذا قام في اخر السورة فركع عن قيام يحسب له صلاة القائم ضرورة ظهورها في الجالس اختيارا في النوافل انتهى أقول يحتمل قويا ان يكون مراد الشيخ برواية أصحابنا هي النصوص التي أشير إليها في ذيل عبارة الجواهر وكيف كان فقد يجاب عما أورده في الجواهر من مخالفته لمقتضى الترتيب بان الترتيب بين الاجزاء انما هو في وجودها لا وجوبها إذ لا ترتيب في وجوبها بل هو في ضمن وجوب الكل يتحقق قبل الشروع فعند كل جزء يكون هو وما بعده سواء في صفة الوجوب والمفروض ثبوت العجز عن أحدهما لا بعينه فيتصف المقدور وهو الواحد على البدل بصفة الوجوب ومقتضاه التخيير ان لم يكن ترجيح والا يتعين الراجح والترجيح هنا في جانب القيام للركوع لادراك الركوع القيامي والقيام المتصل بالركوع كما ربما يؤيده ما ورد في المجالس من أنه إذا قام في اخر السورة فركع عنه احتسب صلاة القائم ونوقش فيه أولا بان الجزء الثاني انما يجب اتيانه قائما بعد اتيان الواجبات المتقدمة عليه التي منها القيام والفرض ان اتيانه قائما كذلك غير ممكن فلا يقع التكليف به فيتعلق الوجوب وان لم يكن فيه ترتب كنفس الاجزاء الا انه انما تتعلق بكل شئ مقدور في محله وهذه قاعدة مطردة في كل فعلين لوحظ بينهما الترتيب شرعا ثم تعلق العجز بأحدهما على البدل كما فيمن نذر الحج ماشيا فعجز عن بعض الطريق وكما فيمن عجز عن تغسيل الميت بالأغسال الثلاثة فإنه يجب في الموضعين وأمثالهما الاتيان بالمعذور على حسب الترتيب الملحوظ فيهما عند القدرة على المجموع وثانيا ان المستفاد من قوله عليه السلام في صحيحة جميل المتقدمة إذا قوى فليقم ونحوه ان وجوب القيام في كل جزء وعدمه يتبع قدرة المكلف عليه وعجزه عنه في زمان ذلك الجزء وما ذكر في وجه التخيير أو الترجيح انما يستقيم إذا كان تقييد الواجبين المترتبين في الوجود دون الوجوب بمجرد اقتضاء العقل له الحاكم بكفاية مطلق القدرة في تنجز التكليف بايجاد الواجب الثاني في وقته كما في الحج ونظائره لا في مثل المقام مما ورد فيه دليل لفظي دال على اشتراط وجوبه بالقدرة عليه عند حضور زمانه المستلزم لانتفاء شرط الوجوب فيمن عجز عنه حينئذ وان كان قادرا قبله على ما يتمكن معه من الفعل في زمانه أقول ولكن قد أشرنا انفا إلى أن استفادة وجوب ابعاض القيام وقت قوته عليه من اطلاق الصحيحة لا يخلو عن تأمل واما القاعدة المذكورة أولا فهي ان سلمت ففيما إذا كان تقدم المتقدم من حيث هو شرط في صحة المتأخر بان يكون الواجب الاتيان بالثاني مقيدا بكونه بعد الأول فيمتنع تعلق الامر به كذلك في مثل الفرض حيث إنه لدى التحليل امر بهما معا واما إذا كان لكل واحد منهما في حد ذاته استقلال بالوجود والوجوب كما لو امر بفعلين أحدهما في اليوم والاخر في عدة أو اعتبر جزءان في مركب مقيدا جزئيتهما بالقدرة كالقراءة والركوع أو القيام حال الافتتاح وحال القراءة من غير أن يكون لأحدهما دخل بالاخر فيما تعلق الفرض به من جزئيته للمركب عدى انه يجب الاتيان بثانيهما بعد فعل الأول على تقدير تنجز التكليف به وعدم معذوريته في تركه لا مطلقا فلا نسلم القاعدة المزبورة بل حالهما حينئذ حال الواجبين المتزاحمين الذين يجب فيهما رعاية الترجيح ان كان والا فالتخيير اللهم الا ان يقال إنه يكفي في ترجيح الأول في مثل الفرض عدم ثبوت أهمية الثاني في نظر الامر إذ لا استقلال للعقل بجواز تركه مقدمة لامتثال الامر بالثاني ما لم يثبت أهمية لدى الامر والفرق بين الواجبين المتزاحمين الذين اتحد زمانهما حيث يستقل العقل بالتخيير بينهما ما لم يثبت أهمية أحدهما هو ان كلا منهما في حد ذاته مقدور يجب الاتيان به إطاعة لامره ما لم يشتغل بضده الاخر الذي يمتنع معه إطاعة هذا الامر ومتى اشتغل بكل منهما قاصدا به إطاعة امره يصير عاجزا عن فعل الاخر فيقبح مؤاخذته على تركه كما أنه مؤاخذته على ترجيح المأتى به على المتروك بعد ان لم يثبت لديه أهمية شرعا ولتمام التحقيق في ذلك وبيان ان مجرد احتمال الأهمية غير مانع عن حكم العقل بالتخيير في مثل المقام الذي نشأ الحكم بالتخيير من قبل مزاحمة الواجبين المنجزين بظاهر دليلهما مقام اخر واما مع الترتيب في الوجود فليس فعل الثاني بنفسه مؤثرا في صيرورة الأول غير مقدور لتأخره عنه في الرتبة فالمانع عن فعل الأول في وقته ليس الا إرادة فعل الثاني الذي يمتنع حصوله مع الأول فليس له عند تركه للأول مقدمة لامتثال الامر بالثاني ان يعلله بعدم قدرته عليه في وقته فإنه حال مطلوبيته لم يعجز عن فعله أصلا ولكنه تركه مع قدرته عليه مقدمة للواجب الاخر الذي لا يقدر عليه الا على تقدير ترك الأول فله الاعتذار بهذا لا بالعجز فيتوجه عليه حينئذ سؤال الترجيح الموجب لمخالفة الامر المنجز مقدمة لإطاعة الامر المعلق والعقل لا يجزم بجوازه ما لم يثبت لديه مرجح شرعي فالأقوى في المقام هو ما عرفت من تقديم القيام حال القراءة إذ لم يتعلق العجز به ولم يثبت أهمية غيره اي القيام للركوع كي يستقل العقل بجواز تركه مقدمة نعم ما ورد في قيام الجالس في اخر السورة ربما يؤيد تقديم حال الركوع ولكنه لا ينهض لاثباته والله العالم وبما أشرنا إليه من استقلال العقل بوجوب تقديم الأهم من الواجبين المتزاحمين ولو مع تأخره في الوجود ظهر حكم ما لو دار الامر بين القيام و الايماء للركوع والسجود وبين الجلوس والاتيان بهما معه إذ لا مجال للارتياب في أهمية الركوع والسجود من القيام خصوصا بعد الالتفات إلى ما ورد من أن الصلاة ثلاث ظهور وثلاث ركوع وثلاث سجود وان أول الصلاة الركوع وغير ذلك مما يشهد بان الاهتمام بهما أشد من الاهتمام بالقيام مضافا إلى ظهور المستفيضة التي ورد فيها الامر بالصلاة جالسا لمن لا يتسطيع ان يصلي قائما في الرخصة في الصلاة جالسا لمن لا يستطيع الاتيان بالصلاة المتعارفة المشتملة على الركوع والسجود عن قيام كما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله فما عن غير واحد من التردد فيه كأنه في غير محله فضلا عما حكى عن
(٢٥٩)