وهذا العزم وان لم يكن لديه من حيث هو موجبا للبطلان كما حكى عنه التصريح به في مبحث النية ويشهد له حكمه هيهنا على ما حكى عنه بأنه لو نوى القطع ولم يقطع مضى في صلاته ولكنه قد يلتزم بمبطليته لدى الجري على حسب ما يتقضيه من التشاغل بغير افعال الصلاة التي منها السكوت عن القراءة فان صدور مثل هذه الأفعال عن قصد قطع الصلاة وابطالها لا يبعد ان يدعى كونه مخلا بالموالاة المعتبرة فيها كما نفينا البعد عنه في مسألة ما لو كبر للاحرام ثم نوى وكبر ثانيا وثالثا فراجع هذا ولكن يتوجه عليه بعد تسليم ما ذكر عدم الملازمة بين نية قطع القراءة وبين العزم على قدع الصلاة أو ابطالها لامكان ان يعقد جواز التبعيض فنوى قطع القراءة وسكت ثم بدأ له ان يعوذ اما لو سكت في خلال القراءة لا بنية القطع التي هي أعم من قصد قطعها بالمرة أو مع العزم على العود إليها بعد مدة يفوت بها التوالي المعتبر عرفا في صدق وحدة القراءة بل لعذر من سعال أو ضيق نفس أو لتذكر المنسي ونحوه أو نوى القطع ولكن لم يقطع اي لم يتلبس بسكون ونحوه مما يتحقق به عرفا قطع ذلك الكلام مضى في صلاته وينبغي تقييد السكوت بما إذا لم يكن طويلا في العادة اللهم الا ان يقال إن السكوت الطويل الناشي عن معذورية المتكلم في اتمام كلامه مع بقاء عزمه على الاتمام وكذا ما قام مقامه من الاعذار المانعة عن التكلم من السعال ونحوه لا يكون طوله موجبا لرفع الهيئة الاتصالية والمعتبرة لدى العرف في وحدة الكلام بل قد لا يكون مخلا في أثناء كلمة واحدة أيضا نعم إذا تفاحش قد يكون موجبا لمحو صورة الصلاة الا لرفع الهيئة الاتصالية المعتبرة بين ابعاض القراءة والله العالم المسألة الثالثة روى أصحابنا ان الضحى والم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل ولايلاف فلا يجوز افراد إحديهما عن صاحبتها في كل ركعة كما هو المشهور بين الأصحاب وعن كثير منهم نسبة القول بان المجموع سورتان لا اربع إلى أصحابنا كما أنه نسب كثير منهم المنع عن افراد كل منها عن صاحبتها أيضا إليهم وعن الانتصار انه جعلهما مما انفردت به الإمامية وعن الأمالي نسبة المنع عن افراد إحديهما عن صاحبتها إلى دين الإمامية معللا بان كلا منها مع صاحبتها سورة واحدة والحاصل انه يظهر من كثير منهم دعوى الاجماع على كلا الامرين وكفى بذلك دليلا لاثباتهما بعد وضوح ان مستندهم في ذلك ليس الا ما رووه عن أهل البيت عليهم السلام فمن جملة النصوص المروية في هذا الباب ما عن امين الاسلام الطبرسي في كتاب مجمع البيان قال روى أصحابنا ان الضحى والم نشرح سورة واحدة وكذا سورة ألم تر ولايلاف قريش وقال وروى العياشي عن أبي العباس عن أحدهما عليهما السلام قال ألم تر كيف فعل ربك ولايلاف قريش سورة واحدة قال روى أن أبي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه انتهى ومنها ما عن كتاب القراءة لأحمد بن محمد بن سيار عن البرقي عن القاسم بن عروة عن أبي العباس عن الصادق عليه السلام قال الضحى والم نشرح سورة واحدة وعن البرقي عن القاسم بن عروة عن شجرة أخي بشر النبال عن الصادق عليه السلام ألم تر كيف ولايلاف سورة واحدة وعن محمد بن علي بن محبوب عن أبي جميلة مثله وعن الصدوق في الهداية مرسلا عن الصادق عليه السلام في حديث قال فيه وموسع عليك اي سورة في فرائضك الا اربع وهي والضحى والم نشرح في ركعة لأنهما جميعا سورة واحدة ولايلاف والم تر كيف في ركعة لأنهما جميعا سورة واحدة ولا ينفرد بواحدة من هذه الأربع سور في ركعة ويؤيده فتواه به أيضا في المحكى عن فقيهه الذي يفتي فيه غالبا بمضامين الأخبار المعتبرة وعن الفقه الرضوي قال لا تقرأ في الفريضة والضحى والم نشرح (والم تر كيف ولايلاف إلى أن قال لأنه روى أن الضحى والم نشرح) سورة واحدة وكذلك ألم تر كيف ولايلاف سورة واحدة إلى أن قال فإذا أردت قراءة بعض هذه فاقرأ والضحى والم نشرح ولا تفصل بينهما وكذلك ألم تر كيف ولايلاف انتهى وعن الشيخ في الاستبصار ان هاتين السورتين سورة واحدة عند آل محمد فهذه الأخبار بمنزلة الشرح لما رواه المصنف وغيره على سبيل الاجمال واشتهار مضمونها بين الأصحاب كاشف عن صحتها وصدورها عن أهل البيت عليهم السلام فلا ينبغي الالتفات إلى ما فيها من ضعف السند فإنه مجبور بما عرفت ويعضدها أيضا صحيحة زيد الشحام قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرء الضحى والم نشرح في ركعة وخبر المفضل المروي عن جامع البزنطي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا تجمع بين السورتين في ركعة واحدة الا الضحى والم نشرح وسورة الفيل ولايلاف فان اختصاصهما بهذا الحكم مع ما ورد في جملة من الاخبار النهي عن القران بين سورتين في الفريضة على الاطلاق مع ما في أغلبها من التعليل بان لكل سورة حقا من الركوع والسجود من أقوى الشواهد على صحة ما اشتهر بين الأصحاب و نطقت به تلك الأخبار من أنهما سورة واحدة وما يقال من دلالة خبر المفضل على عكس المدعى اي تعددها وعدم اتحاد كل منهما مع صاحبتها لأن الأفضل في الاستثناء الاتصال مدفوع بأنه يكفي في حسن الاستثناء بل واتصاله تعددها صورة ولو سلم ظهوره في التعدد في الواقع ونفس الامر فرفع اليد عن هذا الظاهر بتنزيله على الجري على ما هو المعهود في انظار أهل العرف بمقتضى ما دون في مصاحفهم أولى من ارتكاب التخصيص في الأخبار الكثيرة الناهية عن القرآن المعتضد عمومها بعموم العلة المنصوصة المقتضية للتعميم كما لا يخفى وكيف كان فلا يعارض الاخبار المزبورة الصحيح الآخر عن الشحام أيضا قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرء في الأولى الضحى وفي الثانية ألم نشرح وله أيضا صحيحة ثالثة صالحة لأن تنطبق على ما في هذه الصحيحة وكذا على سابقتها قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرء بنا الضحى والم نشرح فإنه يمكن ارادتهما في ركعة فتنطبق على صحيحته الأولى أو كلا منهما في ركعة فتنطبق على الثانية وخبر داود البرقي المنقول عن الخرائج والجرائح قال فلما طلع الفجر قام يعني الصادق عليه السلام فاذن واقام أقامني يمنيه وقرء في أول ركعة الحمد والضحى والثانية بالحمد وقل هو الله أحد ثم قنت ثم سلم ثم جلس اما هذه الرواية فليس لها ظهور يعتد به في أنه عليه السلام اقتصر في الركعة الأولى على خصوص والضحى ولم يقرء معها ألم نشرح التي هي معها سورة واحدة فعلله لكونهما كذلك لم يسمهما الراوي الا بأسم أوليهما وعلى تقدير ظهورها في ذلك بل صراحتها فيه فحالها حال الصحيح الأول وهو لا ينفي كونهما سورة واحدة كي يتحقق المعارضة بينها وبين تلك الأخبار لامكان ان يكون اكتفاء الإمام عليه السلام بقراءة أوليهما في الركعة الأولى
(٣١٥)