المخالفين الذين تركوا البسملة في القراءة أو أخفوها رجحان الجهر بها من حيث هي في كل موضع شرعت ولو في غير الصلاة قال عليه السلام كتموا بسم الله الرحمن الرحيم فنعم والله الأسماء كتموها كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته فتولى قريش فرارا فانزل الله وإذا ذكرت ربك في القران وحده ولوا على ادبارهم نفورا وربما يستشعر من هذه الرواية ان المقصود بالأخبار المستفيضة الواردة في الحث على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وانه من علائم المؤمنين الذين هم شيعة أمير المؤمنين عليه السلام هو الجهر به في كل موضع كتمه من عداهم وهو في أول كل سورة من الفاتحة وغيرها من السور القرآنية من غير فرق بين كونه في الركعتين الأوليين أو غيرهما كما يؤيد ذلك فهم الأصحاب وفتواهم مع أن فتواهم بالاستحباب كاف لاثباته من باب المسامحة بعد كون المحل قابلا لها كما هو المفروض فالقول باستحبابه مطلقا كما هو المشهور اظهر ولكن الأحوط ترك الجهر في الأخيرتين وأحوط منه اختيار التسبيح والله العالم ثم إن مقتضى اطلاق ما نسب إلى المشهور عدم الفرق بين المأموم وغيره ولكن لا يبعد دعوى انصراف كلماتهم عنه إذ المقصود في هذا المقام بيان ما هو وظيفة المصلي من حيث هو مع قطع النظر عما يقتضيه تكليفه حال الايتمام المؤثر في اختلاف تكليفه في أصل القراءة وكيفيتها كبحثهم عن أصل الجهر والاخفات قال شيخنا المرتضى رحمه الله في ذيل هذه المسألة بعد موافقته للمشهور في استحباب الجهر بالبسملة مطلقا ما لفظه وهل يعم الحكم ما لو وجب الاخفات لعارض الجماعة أم لا الظاهر الثاني لانصراف هذه الأخبار إلى غيرها فيبقى اطلاق ما دل على الاخفات بالقراءة خلف الإمام مثل قوله عليه السلام في تلك الأخبار قرء في نفسه بأم الكتاب وعموم قوله عليه السلام لا ينبغي للمأموم ان يسمع الإمام ما يقوله سليما عن المقيد مع أنه لو منع الانصراف فغاية الامر تعارض المطلقين بالعموم من وجه ولا دليل على الاستحباب مع أنه إذا سقط الجهر في موارد وجوبه لمراعاة جانب الإمام اللائق بالاحترام فسقوطه في موارد ندبه أولى انتهى وهو جيد ولكن صدر كلامه يوهن ارادته في خصوص الأولتين من الجهرية ولكن ما ذكره وجهاله يقتضي التعميم حتى في الأخيرتين وما ذكره من تعارض المطلقين بالعموم من وجه انما ذكره من باب المماشاة والا فلا ريب في أن شمول قوله عليه السلام في صحيحة زرارة الواردة في المأموم المسبوق ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرء في كل ركعة مما أدرك خلف الإمام في نفسه بأم الكتاب وسورة الحديث للبسملة أوضح من شمول الأخبار الدالة على استحباب الجهر بها للمأموم فان جملة من تلك الأخبار وردت حكاية للفعل فلا اطلاق لها بحيث يفهم منه حكم المأموم وكثير منها كالمستفيضة الواردة في علائم المؤمن قضايا طبيعة نظير قول القائل الغنم حلال فليس لها اطلاق أحوالي بحيث يفهم منه استحبابه حال المأمومية التي عرضها جهة مقتضية لرجحان الاسرار فلم يبق في المقام ما يمكن ان يتمسك باطلاقه للمأموم عدى قوله عليه السلام في خبر الأعمش والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب وفي خبر الفضل والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة وهما لو لم نقل بانصرافهما في حد ذاتهما عن المأموم فلا أقل من عدم كون ظهورهما في الاطلاق كظهور الصحيحة في إرادة مطلق القراءة حتى البسملة كما يؤيده عموم المناسبة المقتضية للاسرار بل لا شبهة في أن المقصود بالصحيحة الامر بقراءة أم الكتاب والسورة مع بسملتهما فحمل قوله عليه السلام في نفسه على ارادته في البعض تكلف بعيد فالصحيحة كادت تكون صريحة بالنسبة إلى قوله في نفسه أيضا في إرادة الأعم ويستفاد منها رجحان الاسرار في الأخيرتين لغير المسبوق أيضا بالأولوية مع أنه لا دليل يعتد به لاستحباب الجهر بها في الأخيرتين لغير المأموم أيضا لولا قاعدة المسامحة واستشعاره من بعض الأخبار التي هي بمنزلة القضايا الطبيعية كما تقدمت الإشارة إليه انفا وشئ منهما لا ينهض لاثباته في المأموم الذي عرضه جهة مقتضية لرجحان الاسرار وقد ورد فيه النص بأنه لا ينبغي له ان يسمع الإمام ما يقوله فليتأمل ومنه الترتيب في القراءة اجماعا كما ادعاه جماعة ففي المدارك قال في شرح العبارة اجمع العلماء كافة على استحباب ترتيل القراءة في الصلاة وغيرها إلى أن قال والترتيل لغة الترسل والتبيين وحسن التأليف وفسره في الذكرى بأنه حفظ الوقوف وأداء الحروف وعرفه في المعتبر بأنه تبين الحروف من غير مبالغة انتهى والأصل في هذا الحكم قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا وما رواه في التهذيب عن عبد الله بن البرقي وأبي احمد جميعا عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي للعبد إذا صلى ان يترتل في قرائته فإذا مر باية فيها ذكر الجنة وذكر النار سئل الله الجنة وتعوذ بالله من النار وإذا امر يا أيها الناس ويا أيها الذين امنوا يقول لبيك ربنا وفي المرسل المروي عن الكافي عن علي بن أبي حمزة قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال أبو بصير جعلت فداك اقرأ القران في شهر رمضان في ليلة فقال لا قال ففي ليلتين فقال لا فقال ففي ثلاث قالها وأشار بيده ثم قال يا أبا محمد ان لرمضان حقا وحرمة لا يشبهه شئ من الشهور وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله يقرء أحدهما القران في شهر أو أقل من أن القران لا يقرء هذرمة ولكن يرتل ترتيلا في مجمع البحرين الهذرمة السرعة في القراءة وفي الخبرين إشارة إلى أن المراد بالترتيل التأني في القراءة وأوضح منهما دلالة عليه خبر عبد الله بن سليمان المروي عن الكافي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل ورتل القرآن ترتيلا قال قال أمير المؤمنين عليه السلام بينه تبيينا ولا تهذه هذاء الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم اخر السورة وخبر أبي بصير المروي عن المجمع في تفسير الآية عن الصادق عليه السلام هو ان تتمكث فيه وتحسن به صوتك ويظهر من هذا الخبر ان تحسين الصوت أيضا مأخوذ في مفهومه وربما يظهر من بعض حمل الامر في الآية الشريفة على الوجوب وتفسيره بإخراج الحروف من مخارجها قال في محكى المعتبر نعني بالترتيل في القراءة تبيينها من غير مبالغة وبه قال الشيخ وربما كان واجبا إذا أريد به النطق بالحروف من مخارجها بحيث لا يدمج بعضها في بعض قال ويدل على الثاني قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا والامر للوجوب انتهى وعن المنتهى قال يستحب للمصلي ان يرتل قرائته بان يبينها من غير مبالغة ويجب عليه النطق بالحروف من مخارجها بحيث لا يخفى بعضها في بعض لقوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا انتهى ولا يخفى عليك ان حمل الآية على إرادة خصوص هذا المعنى خلاف ما يظهر من الاخبار المزبورة المنطبق على ما حكى عن كثير من العلماء واللغويين في تفسيره فالمتجه حمل الآية على المعنى المستفاد من الاخبار المزبورة وصرف الامر إلى الاستحباب كما يشهد له مضافا إلى الاجماع
(٣٠٥)