ثم إن الكلام في أن القيام حال التكبير هل هو في حد ذاته ركن في الصلاة كما يظهر من بعض كلماتهم أو ان ركنيته بلحاظ شرطيته للتكبير مما لا يترتب على تحقيقه ثمرة مهمة وسيأتي بعض الكلام فيه في محله إن شاء الله والمسنون فيها اربع اي هي من المسنون فيها لا ان المسنون فيها منحصر بالأربع أحدها ان يأتي بلفظ الجلالة من غير مد بين حروفها اشباع فتح الهمزة أو مد الألف زائدا على القدر الذي يتوقف عليه افصاح الألف اما استحباب ترك اشباع الهمزة فلانه أحوط حيث إنها تشبه بالاستفهام وان لم يكن مقصودا بل قد يقال فيه بالبطلان لو تولد من اشباعها الألف لتغيير صورتها مضافا إلى صيرورتها كالاستفهام وهو لا يخلو عن وجه وان أمكن دعوى عدم خروج الكلمة بهذا النحو من التغيير في المحاورات عن حقيقتها بحيث يعد لحنا كما يظهر من بعض واما استحباب ترك مد الألف فلم يظهر وجهه وان حكى عن بعض التصريح بالمنع عنه اقتصارا على القدر المتيقن من الصورة وهو ضعيف وما ذكر وجها له أمكن جعله منشاء لرجحان تركه من باب الاحتياط وان لا يخلو عن تأمل والثاني ان يأتي بلفظ أكبر على وزن افعل اي من غير اشباع الهمزة أو الباء فإنه أحوط وفي المدارك قال في شرح العبارة مفهومه جواز الخروج عن الوزن ولابد من تقييده بما إذا لم يبلغ الزيادة حرفا والا بطل ولو لم يقصد معناه على الأظهر لخروجه بذلك عن المنقول انتهى أقول قد أشرنا إلى امكان دعوى عدم خروج الكلمة عن حقيقتها بهذا النحو من التغييرات الكثيرة الدوران في المحاورات الناشئة من تغليظ القول وتفخيمه أو اشباع حركته بحيث يعد لحنا لدى العرف والله العالم والثالث ان يسمع الإمام من خلفه تلفظه بها على المشهور بل عن المنتهى لا نعرف فيه خلافا وكفى به دليلا على المدعى بعد البناء على المسامحة مضافا إلى ما دل على استحباب ان يسمع الإمام من خلفه كلما يقول كصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول الخ وربما يستدل له أيضا بالمستفيضة المتقدمة في مسألة استحباب الافتتاح بسبع كقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي وان كنت اماما يجزيك ان تكبر واحدة تجهر فيها وتسر ستا وفي خبر أبي بصير غير انك إذا كنت اماما لم تجهر الا بواحدة وفي خبر الحسن بن راشد ان النبي صلى الله عليه وآله يكبر واحدة يجهر فيها و يسر ستا والمناقشة فيها بعدم دلالتها على رجحان الاجهار بواحدة لكون الأخير منها حكاية فعل وما عداه لا ظهور له في الاستحباب مما لا ينبغي الالتفات إليها فان المتبادر منها ليس الا إرادة بيان ما هو وظيفة الإمام فهي ظاهرة في أن وظيفته الاجهار بواحدة واسرار ما عداها من التكبيرات الافتتاحية فهذه الأخبار يخصص عموم صحيحة أبي بصير المتقدمة الدالة على استحباب ان يسمع الإمام من خلفه كلما يقول بالنسبة إلى ما عدى تكبيرة الاحرام من التكبيرات الست الافتتاحية و يتلوها في الضعف الخدشة فيها بعدم دلالتها على إرادة تكبيرة الاحرام لجواز إرادة واحدة من التكبيرات السبع على الاطلاق لما أشرنا إليه فيما سبق من أنه بعد البناء على أن لتكبيرة الاحرام خصوصية موجبة لتمييزها بالقصد لا ينبغي الارتياب في انسباق ارادته إلى الذهن من الواحدة التي يجهر بها لأجل المناسبة الظاهرة ومناسبة ما عداها للمشاركة في الحكم بالاسرار خصوصا مع اعتضاده بما عرفت وربما يناقش فيها أيضا بأنها لا تدل الا على استحباب الجهر والنسبة بين الجهر واسماع جميع من خلفه العموم من وجه فلا تنهض هذه الروايات شاهدة على المدعى ويمكن الجواب عنه بان المناسبة بين الحكم وموضوعه تجعلها ظاهرة في إرادة اسماع من خلفه هذا مع أن فيما عدا هذه الأخبار مما ذكر غنى وكفاية والرابع ان يرفع المصلي يديه بها على المشهور بل عن المعتبر نفي الخلاف فيه بين العلماء وعن المنتهى بين أهل العلم وعن جامع المقاصد بين علماء الاسلام وعن الصدق وانه من دين الإمامية ويشهد له اخبار كثيرة منها صحيحة معاوية بن عمار قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام حين افتتح الصلاة رفع يديه أسفل من وجهه قليلا وصحيحته الأخرى قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام في الصلاة رفع يديه حتى كاد تبلغ اذنيه وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إذا أقمت الصلاة فكبرت فارفع يديك ولا تجاوز بكفيك اذنيك اي حيال خديك وصحيحته الأخرى عن أحدهما قال ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك ولا ترفعهما كل ذلك وفي صحيحة صفوان قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام إذا كبر في الصلاة رفع يديه حتى كاد تبلغ اذنيه وفي صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل فصل لربك وانحر قال هو رفع يديك حذاء وجهك وعن الطبرسي رحمه الله في كتاب مجمع البيان في تفسير الآية المذكورة عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله فصل لربك وانحر هو رفع يديك حذاء وجهك وعن جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام فصل لربك وانحر فقال بيده هكذا يعني استقبل بيديه حذاء وجهه القبلة في افتتاح الصلاة وعن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام لما نزلت هذه السورة قال النبي صلى الله عليه وآله لجبرئيل ما هذه النحيرة التي امرني ربي قال ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة ان ترفع يديك وإذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع فان لكل شئ زينة وان زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة وعن علي عليه السلام في قوله تعالى فصل لربك وانحر ان معناه ارفع يديك إلى النحر في الصلاة وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العل والعيون عن مولانا الرضا عليه السلام قال انما يرفع اليدان بالتكبير لأن رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع فأحب الله عز وجل ان يكون في وقت ذكره متبتلا متضرعا مبتهلا ولان في رفع اليدين احضار النية واقبال القلب على ما قال وقصد ولان الفرض من الذكر الاستفتاح وكل سنة فإنما تؤدي على جهة الفرض فلما ان كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحب ان يؤدوا السنة على جهة ما يؤدي الفرض وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال وعليك برفع يديك في الصلاة وتقليبهما وخبر إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في رسالة طويلة كتبها إلى أصحابه إلى أن قال دعوا رفع أيديكم في الصلاة الا مرة واحدة حين يفتح الصلاة فان الناس قد شهروكم بذلك والله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله وحكى عن السيد الرضي قدس الله روحه القول بوجوبه في جميع تكبيرات الصلاة مدعيا عليه الاجماع قال في محكى الانتصار ومما انفردت به الإمامية القول بوجوب رفع اليدين في كل تكبيرات الصلاة لأن أبا حنيفة وأصحابه والثوري لا يرون
(٢٥١)