في بادي الرأي في لجواز كما حكى القول به عن ظاهر المفيد وغيره ولكنه يجب حملها على الكراهة كما يؤيد ذلك نفي الباس عنه حال الركوب الذي هو مظنة الحاجة إليه حيث يستشعر من ذلك كون النهي عنه في غير حال الركوب تنزيهيا بحيث يسوغ مخالفته لأدنى ضرورة مضافا إلى أنه هو الذي يقتضيه الجمع بين الصحيحة وبين غيرها مما يدل على الجواز كموثقة سماعة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي ويقرء القرآن وهو متلثم فقال لا باس وصحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام هل يقرء الرجل في صلاته وثوبه على فيه فقال لا باس بذلك إذا سمع الهمهمة واحتمال كون اللثام غير وضع الثوب مدفوع بان المنساق من السؤال إرادة ما يشمله ولا أقل من احتماله فاطلاق الجواب في مثل المقام من غير استفصال مفيد للعموم ونحوها صحيحة عبد الله بن سنان انه سئل أبا عبد الله عليه السلام هل يقرء الرجل في صلاته وثوبه على فيه قال لا باس بذلك ومرسلة الحسن بن علي عن أحدهما أنه قال لا باس ان يقرء الرجل في الصلاة وثوبه على فيه ومما يشهد أيضا للجمع المزبور مضافا إلى كونه في حد ذاته من الجمع المقبول مضمرة سماعة قال سئلته عن الرجل يصلي فيتلو القرآن وهو متلثم فقال لا باس به وان كشف عن فيه فهو أفضل وسئلته عن المرأة تصلي وهي متنقبة قال إذا كشفت عن موضع السجود فلا باس به وان أسفرت لهو أفضل وهذه الرواية في حد ذاتها تدل على كراهة اللثام فان المتبادر من قوله عليه السلام وان كشف عن فيه فهو أفضل إرادة انه ان لم يتلثم فهو أفضل من أن يتلثم وهذه عبارة أخرى عن كراهة فعله إذ لا نعني بكراهة الفعل الا رجحان تركها شرعا لا على سبيل اللزوم كما هو مفاد الرواية و قد ظهر بهذا التقريب ان الرواية كما تدل على كراهة اللثام للرجل كذلك تدل على كراهة النقاب للمرأة كما عن المشهور بل عن محكى المختلف نسبته إلى جل علمائنا وكفى به دليلا عليه بعد البناء على المسامحة فضلا عن شهادة المضمرة عليه كما عرفت فأن منع كل من اللثام أو النقاب القراءة الواجبة حرم كما هو واضح وفي صحيحة الحلبي المتقدمة إشارة إلى ذلك حيث قيد فيها نفي الباس عن وضع الثوب على فيه بما إذا سمع الهمهمة إذ المقصود بسماع الهمهمة بحسب الظاهر الكناية عن عدم ممانعته عن القراءة والا فربما تكون الصلاة اخفاتية لا همهمة فيها وتكره الصلاة في قباء مشدود الا حال الحرب كما في المتن وغيره بل ربما يظهر من بعض نسبته إلى المشهور وعن الشيخ المفيد في المقنعة أنه قال ولا يجوز لاحد ان يصلي وعليه قباء مشدود الا ان يكون في الحرب فلا يتمكن ان يحله فيجوز ذلك للاضطرار وظاهره التحريم وقد حكى القول به أيضا عن ظاهر الوسيلة أو صريحة وعن جملة من المتأخرين التردد في الكراهة أيضا فضلا عن الحرمة كما ربما يستشعر ذلك من الشيخ في التهذيب على ما حكى عنه حيث قال بعد نقل قول المفيد ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم اعرف به خيرا مسندا وكيف كان فلم يعرف مستنده بل لم يتضح المراد منه فان أريد منه شد الإزار فالمستفاد من بعض الأخبار خلافه كرواية الأحمري عن رجل يصلي وأزراره محللة قال لا ينبغي ذلك وفي خبر غياث لا يصلي الرجل محلول الإزار إذا لم يكن عليه ازار اللهم الا ان يحمل ما في هذين الخبرين على ما لو صلى في قميص واسع الجيب ونحوه مما لا يحصل معه كمال الستر بلا شد الإزار كما لعله هو ظاهر الخبر الأخير ويؤيده ما في بعض الأخبار نفي الباس عن الصلاة محمولة الإزار وان أريد منه شد الوسط كما يؤمي إليه استدلال الشهيد له في محكى الذكرى بالنبوي العامي لا يصلي أحدكم وهو متخرم أمكن الالتزام به من باب المسامحة كما يؤيده ما عن الشيخ في الخلاف من دعوى الاجماع عليه حيث قال على ما حكى عنه يكره ان يصلي وهو مشدود الوسط ولم يكره ذلك أحد من الفقهاء دليلنا اجماع الفرقة وطريقة الاحتياط انتهى ولكن قد يشكل ذلك أيضا بمنافاته لما استقر عليه السيرة من الصلاة مشدود الوسط هذا مع معارضة النبوي بمثله من خبرين عاميين مرويين في محكى النهاية الأثيرية مصرحين بالنهي عن الصلاة بغير حزام فتأمل ويحتمل ان يكون المراد بالقباء المشدود (ما كان مشدودا) ذيوله على الوسط شبه الحزام والله العالم وكذا يكره ان يؤم بغير رداء على المشهور كما ادعاه غير واحد بل عن بعض دعوى الاجماع عليه واستدل له بصحيحة سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء أو عمامة يرتدي بها ونوقش فيه بأنها انما تدل على الكراهية مطلقا إذا كان محط نظر السائل السؤال عن إمامته بلا رداء ويجوز ان يكون غرضه السؤال عن إمامته إذا لم يكن عليه الا قميص ولم يلبس فوق القميص شيئا فلا تدل حينئذ الا على الكراهة في مثل الفرض لا مطلقا وربما يشهد لإرادة هذا المعنى من الصحيحة مضافا إلى امكان دعوى ظهور الصحيحة فيه خصوصا على ما في بعض النسخ من توصيف القميص بواحد صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل يصلح له ان يصلي في قميص واحد أو قباء وحده قال ليطرح على ظهره شيئا قال وسئلته عن الرجل هل يصلح له ان يؤم في سراويل ورداء قال لا باس به وسئلته عن المرأة هل يصلح لها ان تصلي في ملحفة ومقنعة ولها درع فقال لا يصلح الا ان تلبس درعها وسئلته عن المرأة هل يصلح لها ان تصلي في ازار وملحفة ومقنعة ولها درع قال إذا وجدت فلا يصلح لها الصلاة الا وعليها درع وسئلته عن السراويل هل يجزي مكان الإزار قال نعم وسئلته عن الرجل هل يصلح له ان يصلي في ازار وقلنسوة وهو يجد رداء قال لا يصلح وسئلته عن الرجل هل يؤم في سراويل وقلنسوة قال لا يصلح وسئلته عن الرجل هل يصلح له ان يؤم في ممطر وحده أو جبه وحدها فقال إذا كان تحتها قميص فلا بأس وسئلته عن الرجل يؤم في قباء وقميص قال إذا كان ثوبين فلا باس ولا يخفى عليك ان مفاد هذه الصحيحة على ما يظهر منها بعد التدبر في جملة من فقراتها اختصاص الكراهة بما لو صلى في ثوب واحد من قميص أو قباء ونحوه فلو صلى في ثوبين فلا باس سواء صدق على شئ منهما اسم الرداء أم لا وربما يدعى صدق اسم الرداء على مثل القباء ونحوه مما يجعل على المنكبين نظرا إلى ما عن الفاضلين من تفسير الرداء بأنه ثوب يجعل على المنكبين فلا يكون حينئذ ما يستفاد من الصحيحة منافيا لاطلاق القول بكراهة الإمامة بغير رداء وفيه نظر إذ الظاهر أن مراد الفاضلين الإشارة إلى ما يسمى في العرف رداء كقولهم سعدانة بنت لا ان كل ما يجعل على المنكبين يطلق عليه اسم الرداء وكيف كان فالذي يستفاد من الصحيحة انما هو كراهة الاكتفاء بثوب واحد وعدم لبس ثوب اخر فوقه من رداء ونحوه ويظهر من صدرها عدم اختصاص هذا الحكم بالامام بل لا يصلح الرجل ان يصلي في قميص أو قباء واحد مطلقا اما ما كان أو غيره بل عليه ان يجعل عند انحصار الثوب فيه على ظهره شيئا وربما يستدل لكراهة ترك الرداء للامام مطلقا بفتوى جم غفير من الأصحاب بل المطلق المصلي لفتوى
(١٦٦)