خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر كما أنه يكفي في اثبات استحباب مطلق النافلة فيها بالخصوص ما سمعته من نقل الاجماع بناء على قاعدة التسامح اللهم الا ان يكون غرض المجمعين من استحباب النافلة فيها الاستحباب الثابت لطبيعة النافلة من حيث هي دفعا لتوهم الكراهة الناشئ من ثبوتها للفريضة فليتأمل ولو صلى على سطحها ابرز بين يديه شيئا منها ما يصلي إليه في جميع أحوال الصلاة فان الاستقبال شرط في كل جزء منها فيجب رعايته على كل حال وقيل كما عن الصدوق في الفقيه والشيخ في الخلاف والنهاية والقاضي في المهذب والجواهر يستلقي على ظهره ويصلي إلى البيت المعمور لكن عن الأخير تقييده بما إذا لم يتمكن من النزول احتج الشيخ على ذلك في محكى الخلاف بالاجماع وبما رواه عن علي بن محمد عن عيسى بن محمد بن عبد السلام عن الرضا عليه السلام قال في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة فقال إن قام لم يكن له قبلة ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور ويقرء فإذا أراد ان يركع غمض عينيه فإذا أراد ان يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه والسجود على نحو ذلك وهذه الرواية أخص مطلقا مما دل على وجوب القيام والركوع والسجود وغيرها من الافعال النافية لهذه الكيفية فلا يصلح شئ منها لمعارضة هذه الرواية وتنزيلها على العاجز الذي فرضه الصلاة مستلقيا كما في اخر مراتب الضرورة مع كونه في حد ذاته في غاية البعد ينافيه قوله عليه السلام ان قام لم يكن له قبلة فمقتضى القاعدة تخصيص ساير الأدلة بها اللهم الا ان يناقش فيها بضعف السند وقصورها عن مرتبة الحجية خصوصا مع اعراض المشهور عنها وما سمعته عن الشيخ من نقل الاجماع على مضمونها لا يصلح جابر الضعف سندها بعد وهنه بمخالفة المشهور حتى الشيخ في مبسوطه على ما حكى عنه فيشكل الاعتماد عليه في رفع اليد عن تلك العمومات فالأحوط تكرير الصلاة والاتيان بها قائما تامة الاجزاء والشرائط وبالكيفية المذكورة في الرواية ان اضطر إلى فعلها فوق السطح والا فالأولى والأحوط ترك فعل الفريضة فوق السطح بل مطلق الصلاة للنهي عنه في حديث المناهي عن الصادق عن ابائه عليهم السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة على ظهر الكعبة وان كان القول الأول أصح بالنظر إلى ما يقتضيه الصناعة لما أشرنا إليه من عدم صلاحية الخبر المزبور مع ما فيه من الضعف لتخصيص سائر الأدلة كقصور حديث المناهي عن اثبات الحرمة فيجوز الاجتزاء بصلاة واحدة عن قيام لا لضرورة ولا يحتاج ان ينصب بين يديه شيئا حال الصلاة لما عرفت انفا من أن القبلة هي الفضاء إلى السماء والفرض انه ابرز بين يديه شيئا منه خلافا للشافعي على ما حكى عنه فأوجبه ولا ريب في ضعفه وكذا لو صلى إلى بابها وهو مفتوح وقد حكى عن الشافعي في هذه الصورة أيضا المخالفة وعن شاذان بن جبرئيل من أصحابنا موافقته ولكن قال في الجواهر ولا يخفى على المتأمل في كلام شاذان في رسالته المحكية بتمامها في البحار انه ليس خلافا فيما نحن فيه بل الظاهر ارادته الكراهة من في لجواز كما في غير الكعبة من الأبواب المفتوحة لأنه قد صرح بجواز الصلاة في العرصة مع فرض زوال البنيان وصرح بجوازها على السطح سواء كان بين يديه سترة من نفس البناء أولا وغير ذلك مما هو كالصريح فيما ذكرنا فلاحظ وتأمل انتهى ولو استطال صنف المأمومين في المسجد الحرام حتى خرج بعضهم عن سمت الكعبة بطلت صلاة ذلك البعض لما عرفت فيما سبق من اعتبار مقابلة عين الكعبة عند مشاهدتها حقيقة أو حكما ولو استدار واصحت كما يأتي شرح ذلك إن شاء الله في بحث الجماعة وأهل كل إقليم يتوجهون إلى سمت الركن الذي على جهتهم فأهل العراق إلى العراقي وهو الذي فيه الحجر وأهل الشام إلى الشامي والمغرب إلى المغربي واليمن إلى اليماني إذ لا يتحقق المقابلة بينهم وبين الكعبة الا بما يسامتهم منها فهذا في الحقيقة بيان لما هم عليه في الواقع ولا يترتب على تحقيقه ثمرة فرعية ضرورة انه يكفي لمن شاهد الكعبة حقيقة أو حكما استقبال جزء منها اي جزء يكون ومن لم يشاهدها يستقبل جهتها بالرجوع إلى الامارات المؤدية لاستقبال عينها أو جهتها أو استقبال الحرم أو المسجد أو جهتهما على الخلاف الذي عرفته فيما سبق من غير إناطة الحكم يكون الامارات مؤدية إلى استقبال طرف منها دون الاخر لكن الامر في الواقع كما ذكر فان المقابل للعراق ليس الا الطرف المشتمل على الركن العراقي وهكذا أهل سائر الأقاليم وأهل العراق ومن والاهم وسامتهم إذا أرادوا معرفة القبلة فلهم على ما ذكره المصنف وغيره بل ربما نسبه بعض إلى الأصحاب وعلائم ثلاث الأولى انهم يجعلون الفجر اي المشرق على المنكب الأيسر وهو مجمع العضد والكنف والمغرب على الأيمن و الثانية يجعلون الجدي وهو مكبر وربما يصغر ليتميز عن البرج المسمى بهذا الاسم محاذي خلف المنكب الأيمن لاطرفه المقابل للمغرب والثالثة يجعلون عين الشمس عند زوالها وميلها عن دائرة نصف النهار على الحاجب الأيمن واعترض غير واحد على الأصحاب الذين ذكروا هذه العلائم الثلاث لأهل العراق بعدم المناسبة بينها فان مقتضى الأولى والثالثة استقبال نقطة الجنوب ومقتضى الثانية الانحراف عن نقطة الجنوب إلى طرف المغرب بمقدار معتد به وتنزيل كلماتهم على إرادة كون مجموع العلائم علامة لمجموع أهل العراق على سبيل الاجماع فتكون الأولى والثالثة علامة لبعضهم والثانية للباقين في غاية البعد والتزامهم باعتفاء هذا المقدار من الاختلاف وعدم كونه قادحا في تشخيص السمت الذي يرونه قبلة للبعيد أيضا بعيد خصوصا مع تصريحهم بوضع الجدي خلف المنكب وعدم اشعار في كلامهم بالرخصة في وضعه بين الكتفين كما هو مقتضى الامارتين (الأخيرتين) بل بعضهم قيده بحال ارتفاعه أو انخفاضه كي يكون على دائرة نصف النهار مع أن الاختلاف الناشي من اختلاف أحوال الجدي يسير أقول ولكنك خبير بان غفلتهم عن هذا الاختلاف الفاحش بعد فالظاهر أن جمعهم بين العلائم الثلاث ليس منشأه الا بنائهم على كفاية استقبال الجهة وعدم كون هذا المقدار من الاختلاف قادحا في تحقق الاستقبال المعتبر في الصلاة ونحوها فكأنهم ذكروا العلائم الثلاث لان يتمكن المكلف في جميع أوقات الصلوات لدى الحاجة إلى معرفة القبلة من تشخيص جهتها فإذا أراد تشخيصها لصلاة الصبح يجعل المشرق الذي يميزه ببياضه أو حرمته على يساره والمغرب على يمينه ولعل عدول المصنف رحمه الله عن التعبير بالمشرق إلى الفجر للايماء إلى ذلك وإذا أراد تشخيصها للظهرين فبالعلامة
(٩٢)