في الصلوات الليلية والاخفات في النهارية واما الصحيحة فهي بعد اعراض المشهور عنها وموافقتها للعامة لا تنهض حجة لرفع اليد عن ظواهر النصوص المعتبرة المشهورة بين الأصحاب قديما وحديثا ومجرد عمل السيد والإسكافي بمضمونها أو الاخذ بها لا يخرجها عن الشذوذ فاحتمال كونها مسوقة لبيان الحكم الواقعي ابعد من احتمال إرادة خلاف الظاهر من صحيحة زرارة وغيرها مما عرفت فالأقوى ما ذهب إليه المشهور ولكن استفادة التفصيل المزبور في المتن الذي ذهب إليه المشهور من الاخبار من حيث هي مشكلة فان غاية ما يمكن استفادته منها هي ان صلاة الصبح والعشائين جهرية والظهرين اخفاتية وانه يجب الاجهار في الجهرية والاخفات في الاخفاتية على حسب معهوديتهما في الشريعة واما ان ما يجب ان يراعي فيه الوصفان هو مجموع الأقوال المعتبرة في الصلاة أو خصوص القراءة مطلقا ولو في الأخيرتين أو في خصوص الأوليين فلا يكاد يستفاد من الاخبار المزبورة نعم ربما يستشعر من مثل قوله عليه السلام في خبر محمد بن عمران امر نبيه صلى الله عليه وآله ان يجهر بالقراءة وكذا من سؤال يحيى بن أكثم القاضي عن انه لم يجهر في صلاة الفجر بالقراءة ان القراءة بخصوصها هي التي يراعي فيها الوصفان واما انه في خصوص الركعتين الأوليين فلا بل مقتضى المناسبة المذكورة في خبر محمد بن عمران بل وكذا في رواية علل الفضل المتقدمة اعتبار الجهر بالقراءة بل وغيرها أيضا من الأذكار والتسبيحات المعتبرة في الصلوات الجهرية ولكن علم من سيرة المسلمين واجماع العلماء انه لا يجب ذلك فيما عدى القراءة في الأوليين بل المكلف مخير بين الجهر والاخفات في الأذكار المعتبرة في الركوع والسجود والتشهد والقنوت وكذا التسليم والتكبيرات ويشهد له في الجملة مضافا إلى ذلك وموافقته للأصل خبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت قال إن شاء جهر و ان شاء لم يجهر بل استظهر في الحدائق من الرواية جريها مجرى التمثيل وانه يفهم منها التخيير بين الجهر والاخفات في سائر أقوال الصلاة الا ان يدل دليل على خلافه قال ما لفظه والظاهر أن ذكر هذه الأشياء في الرواية انما هو على وجه التمثيل فيكون الحكم شاملا لجميع أذكار الصلاة الا ما خرج بالدليل ومنه القراءة والتسبيح في الأخيرتين فان الحكم فيها ذلك الا ان ظاهر الأصحاب الاخفات فيه وفي هذه الأزمان اشتهر بين جملة من أبناء هذا الزمان القول بوجوب الجهر فيه والكل بمعزل عن الصواب انتهى أقول لو سلمنا ظهور الخبر في كون ذكر هذه الأشياء على وجه التمثيل كما ليس بالبعيد فلا يفهم من ذلك الا حكم ما هو مماثل للمذكورات مثل التسليم والتكبيرات وأشباهها لا القراءة وما قام مقامها من التسبيح إذ لو كانت القراءة مقصودة بالسؤال لما عدل عنها إلى غيرها في مقام التمثيل خصوصا بعد ان علم اعتبار الوصفين فيها في الجملة وكيف كان فالقدر المتيقن مما يمكن استفادته من النص والاجماع وسيرة المسلمين انما هو عدم وجوب رعاية الوصفين في سائر الأقوال مما عدى ما هو وظيفة الأخيرتين من القراءة أو التسبيح واما فيها فلا ينبغي التأمل في جريان السنة على الاخفات واستقرار السيرة عليه من صدر الاسلام من غير فرق بين القراءة والتسبيح فيفهم وجوبه حينئذ من صحيحة زرارة المتقدمة ويفصح عن جريان السنة به ما حكى عن المحقق في المعتبر من أنه قال يجهر من الخمس واجبا في الصبح وأولى المغرب والعشاء ويسر في الباقي إلى أن قال لنا ان النبي صلى الله عليه وآله كان يجهر في هذه المواضع ويسر فيما عداها وفعله وقع امتثالا في مقابلة الامر المطلق فيكون بيانا ولقوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي انتهى ويؤيده أيضا شهرة القول بوجوب الاخفات في الأخيرين بين الأصحاب قديما وحديثا إذ لو لم يكن المتعارف بين المسلمين الاخفات فيهما لم يكن يتوهم أحد وجوبه فضلا عن أن يصير مشهورا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ولكن في خصوص القراءة بل ربما يظهر من العلامة في التذكرة في لخلاف في رجحانه بين المسلمين ومعروفيته من النبي صلى الله عليه وآله والأئمة وجميع الصحابة ولكنهم اختلفوا في أنه هل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب قال ما لفظه يجب الجهر بالقراءة خاصة دون غيرها من الأذكار في صلاة الصبح وأولتي المغرب وأولتي العشاء والاخفات في الظهر وثالثة المغرب واخرتي العشاء عند أكثر علمائنا وبه قال ابن أبي ليلى لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك وقال صلوا كما رأيتموني أصلي ولقول الباقر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه وساق الحديث كما قدمنا نقله ثم قال وقال المرتضى وباقي الجمهور كافة بالاستحباب عملا بالأصل وهو غلط للاجماع على مداومة النبي صلى الله عليه وآله وجميع الصحابة والأئمة عليهم السلام فلو كان مسنونا لا خلوا به في بعض الأحيان انتهى وقد نسب غير واحد القول بوجوب الاخفات في التسبيح أيضا إلى الشهرة بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وقد سمعت عن صاحب الحدائق نسبة وجوب الاخفات في القراءة والتسبيح في الأخيرتين إلى ظاهر الأصحاب فكان عمدة مستندهم في ذلك أيضا ما ثبت عندهم من مداومة النبي والأئمة عليهم السلام على الاسرار في الأخيرتين فان من المستبعد ثبوت ذلك في خصوص القراءة مع أنه لدى الاسرار لا يعلم أنه قرء أو سبح بل ربما يستشعر من بعض الأخبار الواردة لبيان أفضلية التسبيح ان النبي صلى الله عليه وآله كان يسبح في الأخيرتين فلو كان مداومة النبي والأئمة على الاسرار مخصوصا بحال اختيارهم للقرائة لكان اجهارهم أحيانا دليلا قطعيا على بطلان مذهب القائل بوجوب الاخفات فما ادعاه العلامة من الاجماع على مداومتهم على الاسرار معقدة بحسب الظاهر حكاية فعلهم عليهم السلام فيما هو وظيفة الأخيرتين أعم من القراءة أو التسبيح كما هو ظاهر العبارة المتقدمة المحكية عن المعتبر فيجب التأسي بهم في الصلاة لقوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي كما تقدم تقريبه فيما سبق مضافا إلى اندراجه حينئذ فيما يفهم وجوب الاخفات فيه من الصحيحة المزبورة مع امكان ان يقال إن ثبوت جريان السنة به في القراءة كاف في اثبات وجوبه في التسبيح أيضا من باب التأسي نظرا إلى ما عرفت في صدر المبحث من أن وظيفة الركعات الأخيرة من الصلاة المفروضة من حيث هي هي التسبيح لا القراءة ولكن شرع فيها قراءة فاتحة الكتاب لأنها ذكر ودعاء كما صرح به في صحيحة عبيد بن زرارة المتقدمة في محلها فاختيار النبي صلى الله عليه وآله إياها في صلاته لكونها من أفضل مصاديق الذكر فلو وجب علينا التأسي به في صلاته لم يجز التخطي الا إلى سائر الأذكار المشروعة والاتيان بها بتلك
(٢٩٩)