علي عليه السلام خبر يحيى بن أبي العلا المروي عن امالي الشيخ قال سمعته يقول لما خرج إلى نهروان وظعنوا في ارض بابل حين دخل وقت العصر فلم يقطعوها حتى غابت الشمس فنزل الناس يمينا وشمالا يصلون الا الأشتر وحده قال لا أصلي حتى أرى أمير المؤمنين عليه السلام قد نزل فما نزل فقال يا مالك هذه ارض سبخة ولا تحل الصلاة فيها فمن كان صلي فيها فليعد الصلاة وهذه الرواية ظاهرها الحرمة وبطلان الصلاة الواقعة فيها لكنها قاصرة عن اثبات هذا الحكم فإنها مع ضعف سندها لو لم تحمل على الكراهة واستحباب إعادة الصلاة الواقعة فيها لعارضها الأخبار المستفيضة المتقدمة المصرحة بنفي الباس مع التمكن من السجود كما هو الغالب في موردها فلا يصح حينئذ اطلاق قوله عليه السلام لا تحل الصلاة فيها فمن كان صلى فليعد صلاته كما هو واضح ومما يؤيد أيضا بل يشهد بان المراد من هذه الرواية وغيرها من الأخبار الناهية عن الصلاة في الأرض السبخة ليس الا الكراهة مضمرة سماعة النافية للباس عنه قال سئلته عن الصلاة في السباخ قال لا بأس فان مقتضى الجمع بينها وبين غيرها حمل نفي الباس في المضمرة على بيان الجواز الغير المنافي للكراهة ويؤيده أيضا عموم قوله عليه السلام في خبر النوفلي الأرض كلها مسجد الا الحمام والقبر وقوله عليه السلام في خبر عبيد بن زرارة الأرض كلها مسجد الا بئر غائط أو مقبرة أو حمام فان ما فيهما من الاستثناء يجعلهما قوية الدلالة على إرادة العموم بالنسبة إلى كل ارض كما يعضد المستفيضة الواردة في مقام الامتنان الدالة على طهورية الأرض ومسجديتها على الاطلاق وكيف كان فالأقوى كراهة الصلاة في سبخة مطلقا لاطلاق جملة من الأخبار المتقدمة بل ظهورها في ذلك مضافا إلى اطلاق فتاوي الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم للحكمية ولا ينافيه المضمرة المتقدمة النافية للباس فإنها محمولة على بيان الرخصة الغير المنافية للكراهة كما أنه لا ينافيه رواية الأمالي الظاهرة في الحرمة لما أشرنا إليه من قصورها عن الحجية فضلا عن صلاحيتها المعارضة غيرها من الأدلة واما ما عداها من الأخبار الناهية لو سلمنا ظهورها في الحرمة وعدم صلاحية القرائن التي تقدمت الإشارة إليها من صرفها عن هذا الظاهر فلابد من حملها على إذا لم يتمكن من السجود عليها كما وقع التصريح به في جملة من تلك الأخبار وما ذكرنا من أن المتعين حمل هذه الأخبار على إرادة في لتمكن من السجود على الوجه الكامل لا في لتمكن من مسمى السجدة فلو سلم فهو مانع عن ابقائها على هذا الظاهر إذ لا يمكن الالتزام بأنه يشترط في صحة السجود على ارض السبخة مالا يشترط في غيرها كما لا يخفى ويكره الصلاة أيضا في مواضع بين الحرمين البيداء وهي ذات الجيش على ما وقع التصريح في الاخبار وفي كلمات علمائنا الأبرار رضوان الله عليهم وذات الصلاصل وضجنان ووادي الشقرة كما يشهد له في الجميع ما عن الصدوق مرسلا قال وروى أنه لا يصلي في البيداء ولا ذات الصلاصل ولا وادي الشقرة ولا وادي ضجنان ويدل عليه أيضا فيما عدى وادي الشقرة صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطريق البيداء وهي ذات الجيش وذات الصلاصل وضجنان الحديث وخبره الاخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال اعلم أنه تكره الصلاة في ثلاثة أمكنه من الطريق البيداء وهي ذات الجيش وذات الصلاصل وضجنان وقال لا بأس بان يصلي بين الظواهر وهي الجواد جواد الطرق ويكره ان يصلي في الجواد ورواية حماد بن عمرو وأنس بن محمد جميعا عن جعفر بن محمد عن ابائه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال ولا تصل في ذات الجيش ولا في ذات الصلاصل ولا في ضجنان وعن المفيد مرسلا قال قال تكره الصلاة في طريق مكة في ثلاثة مواضع أحدها البيداء والثاني ذات الصلاصل والثالث الضجنان وعن محاسن البرقي باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي في ذات الجيش ولا في ذات الصلاصل ولا البيداء ولا ضجنان ويدل عليه أيضا في خصوص الأول صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن عليه السلام انا كنا في البيداء في اخر الليل فتوضأت واستكت وانا أهم الصلاة ثم كأنه دخل قلبي شئ فهل يصلي في البيداء في المحمل فقال لا تصل في البيداء فقلت وأين حد البيداء فقال كان جعفر عليه السلام إذا بلغ ذات الجيش حد في السير ثم لا يصلي حتى يأتي مغرس النبي صلى الله عليه وآله فقلت وأين ذات الجيش فقال دون الحفيرة بثلاثة أميال ويدل عليه في خصوص وادي الشقرة مرسلة ابن فضال المروية عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل في واد الشقرة وعن الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد مثله وخبر عمار الساباطي قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تصل في وادي الشقرة فان فيه منازل الجن وما في بعض هذه الأخبار من النهي يتعين حمله على الكراهة كما يشهد له مضافا إلى ظهور جملة منها مما وقع فيها التعبير بلفظ الكراهة في ذلك مع اعتضاده بعموم الأخبار الدالة على مسجدية الأرض كلها صحيحة أيوب بن نوح عن أبي الحسن الأخير عليه السلام قال قلت له تحضر الصلاة والرجل في البيداء قال يتنحى عن الجواد يمنة ويسرة ويصلي فان مقتضى الجمع بينها وبين الاخبار التي وقع فيها النهي عن الصلاة في البيداء حمل النهي على الكراهة ومعه لا يبقى له ظهور في الحرمة بالنسبة إلى ما عداها خصوصا في مثل هذه الموارد التي لا يناسبها الا الكراهة و نحوها صحيحة علي بن مهزيار انه سئل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يصير في البيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها كيف يصنع بالصلاة وقد نهى ان يصلي في البيداء قال يصلي فيها ويتجنب قارعة الطريق ولكن هذه الصحيحة حيث إن موردها الضرورة يشكل جعلها شاهدة لاثبات الجواز بلا ضرورة ومما يشهد لإرادة الكراهة في الأخير التعليل الواقع في رواية عمار بان فيه منازل الجن فان يجعلها ظاهرة في إرادة الكراهة كما لا يخفى على المتتبع في اخبار الأئمة عليهم السلام المشتملة على هذا النحو من التعليلات كما أنه يؤيد الكراهة بالنسبة إلى ما عداه أيضا ما وقع في كلمات الأصحاب من تعليل كراهة الصلاة في تلك الأماكن كونها معذبة وارض خسف حيث يفهم منها استفادته من اخبار أهل البيت عليهم السلام وكونها كذلك مما يناسب الكراهة وقد ورد في وادي ضجنان انه من أودية جهنم ففي رواية علي بن المغيرة المروية عن كتاب بصائر الدرجات قال قال أبو جعفر عليه السلام في ضجنان وذكر حديثا يقول في اخره وانه ليقال انه واد من أودية جهنم وعن كتاب الخرائج والجرائح عن علي بن المغيرة قال نزل أبو جعفر عليه السلام وادي ضجنان فسمعناه يقول ثلاث مرات لا غفر الله لك فقال أبي لمن تقول جعلت فداك قال مر بي الشامي لعنه الله يجر سلسلته التي في عنقه وقد دلع لسانه يسئلني ان استغفر له فقلت لا غفر الله لك وعن عبد الملك القمي عن أخيه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
(١٨٨)