ثبوت الملازمة بين الصياح ودخول الوقت فلا يتفاوت الحال حينئذ بين يوم الغيم وعدمه لكن من الواضح ان الملازمة جارية مجرى العادة بلحاظ الغالب اما على سبيل التحقيق أو التقريب فقوله عليه السلام إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس يعني تقريبا أو بمقتضى عادتها بحسب الغالب فهي امارة ظنية لا يستفاد من الاخبار اعتبارها الا في مورد السؤال ولا يجوز التخطي عنه الا على تقدير القطع بعدم مدخلية الخصوصية وقد تقدم نظير ذلك في أوصاف الحيض التي بينا انها أوصاف غالبية يجب الاقتصار في الرجوع إليها على مورد النص فراجع وقد ظهر بما ذكر ان الحاق سائر الاعذار الغير المطردة بالنسبة إلى غالب الاشخاص كالعمي والحبس ونحوهما بالغيم كما صرح به بعض بل ربما يوهمه اطلاق المتن وغيره لا يخلو عن اشكال بل منع فان المتجه فيها وجوب الاستخيار ممن يوثق بقوله بناء على كفاية خبر الثقة أو من العدل أو العدلين أو الرجوع إلى الاخبار المحفوفة بالقرائن الموجبة للجزم واطمئنان النفس ولدى التعذر التأخير حتى يقطع بدخول الوقت واما الاعذار المطردة كالرياح المظلمة ونحوها من الاعذار العامة الموجبة لاشتباه الوقت من حيث هو لا في خصوص شخص فلا ينبغي الارتياب في الحاقها بالغيم مع أنه يكفي في تسرية الحكم إليها بعض الأخبار المتقدمة المعتضدة بفهم الأصحاب وفتواهم كما أنه يكفي ذلك في الحاق سائر الظنون بالظن الحاصل من صياح الديك والحاق سائر الأوقات بوقت الزوال المنصوص عليه في هذه الأخبار مع امكان ان يدعى استفادة اعتبار سائر الظنون الحاصلة من العادات والامارات من اعتناء الشارع بصياح الديك التي هي من أضعف الامارات كما تقدمت الإشارة الية بالأولوية وتنقيح المناط كاستفادة اعتبار هذه الامارة بالنسبة إلى سائر الأوقات لذلك وان لا يخلو عن تأمل لولا اعتضادها بفهم الأصحاب وغيرها من الأخبار المتقدمة وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في الحكم بعد ما سمعت مع اعتضاده بنقل الاجماع المعتضد بالشهرة المحققة وعدم نقل خلاف يعتد به في المسألة واستدل أيضا للمشهور مضافا إلى ما عرفت بالأصل والحرج وقبح التكليف بما لا يطاق مع فرض عدم سقوط الخطاب بالصلاة في أول الوقت ولنصوص الأذان السابقة وخبر فضل بن الربيع المتقدم الدال على جواز الاعتماد على خبر الواحد لدى الضرورة كما هو مورد الرواية وللمرسل المشهور على النسبة الفقهاء المرء متعبد بظنه وفي الجميع ما لا يخفى بعد الإحاطة بما عرفت فان انكشف فساد الظن ومخالفته للواقع قبل دخول الوقت استأنف الصلاة بلا خلاف فيه على الظاهر بل في الجواهر وغيره دعوى الاجماع عليه لمخالفة المأتى به للمشروع فان الوقت شرط للصلاة بالضرورة وقد ورد في جملة من الاخبار التصريح ببطلان الصلاة الواقعة قبل الوقت وكونه ممتثلا للامر الظاهري غير مجد بعد انكشاف الخلاف لما تقرر في محله من أن امتثال الامر الظاهري انما يكون مجزيا عن الواقع بحسب ما يقتضيه تكليفه في مرحلة الظاهر ما لم ينكشف مخالفته للواقع هذا مضافا إلى النصوص الخاصة الدالة عليه منها قوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وصحيحته الأخرى عن أبي جعفر عليه السلام أيضا في رجل صلى الغداة بليل غره من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر انه صلى بليل قال يعيد صلاته وفي هذه الصحيحة شهادة بصحة ما قويناه انفا من حجية خبر الثقة في الاخبار بالوقت وغيره والا لقيد الإمام عليه السلام الحكم بإعادة الصلاة بما إذا كان قول المخبر مفيدا للقطع إذ لا عبرة بالشك ولا بالظن الغير المعتبر بعد الفراغ من الصلاة ولا فرق في في لاعتداد بالصلاة الواقعة قبل الوقت بين ما لو انكشف فساد الظن بعد الفراغ أو في الأثناء وما عن الذكرى من احتمال صيرورتها نافلة لو كان الانكشاف قبل الدخول في ركوع الثالثة بل ولو بعده أيضا بناء على صيرورتها أيضا كإعادة اليومية نفلا مجرد احتمال لا يساعد عليه دليل خصوصا الأخير منهما وعموم النهي عن ابطال العمل بعد تسليمه والغض عن بعض ما يرد عليه مما هو مذكور في محله لا يعم مثل المقام الذي يشك في كون رفع اليد عنه ابطالا أو كونه في حد ذاته باطلا نعم يمكن ان يوجه احتمال صيرورتها نافلة قبل الدخول في ركوع الثالثة بدعوى ان طبيعة الركعتين في حد ذاتها هي مصداق لمطلق الصلاة التي هي خير موضوع وحصولها في ضمن صلاة الظهر من قبيل تعدد المطلوب فإذا بطلت الخصوصية بقيت الطبيعة بلحاظ كونها محققة لمفهوم مطلق الصلاة المشروعة محبوبة وكفى في صحتها حصولها في الخارج قربة إلى الله تعالى وان لم يتحقق به امتثال خصوص الامر الذي نوى امتثاله وهذه الدعوى وان كانت قريبة لكن إقامة البينة عليها لا تخلو عن اشكال وأقرب من ذلك احتمال الاعتداد بما اتى به قبل الوقت لو عدل عنه قبل انكشاف فساد الظن إلى النافلة لادراك فضيلة الجماعة مثلا أو في فائتة ثم انكشف فساد ظنه فان القول بالصحة في مثل الفرض كما جزم به في محكى الذكرى قوي وان لا يخلو أيضا عن تأمل وان لم ينكشف فساد الظن ولكن عاد شكا أو وهما فإن كان بعد الفراغ من الصلاة لم يلتفت إليه لأن الشك انما هو في شئ لم تجزه وان كان في الأثناء أتمها عازما إلى الفحص واستكشاف الحال فان انكشف بعد ذلك وقوعها في الوقت فقد تمت والا أعادها سواء انكشف وقوعها قبل الوقت أو بقي شاكا فيه اما في الأول فواضح وفي الثاني فلان الشك في الشرط شك في المشروط فلا يجتزي به في مقام الامتثال ولا يجري في مثل الفرض قاعدة اصالة الصحة وعدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل لان هذا فيما إذا حدث الشك بعد العمل لا فيما قارنه حال الفعل كما في الفرض وكونه ظانا بالوقت حال الشروع في الصلاة لا يجدي بعد انقلاب الظن شكا أو وهما قبل الفراغ منها اللهم الا ان يقال إن الوقت وان كان شرطا في الصلاة لكن زمان احرازه انما هو قبل الدخول فيها فمتى دخل في الصلاة بظن دخول الوقت ثم شك فيه لم يلتفت إلى شكه لكونه شكا في الشئ بعد تجاوز محله ولكن فيه ما لا يخفى ضرورة
(٧٢)