واقام ما لم يركع فإن كان قد ركع دخل في صلاته ولا إعادة عليه وكذلك ان سهى عن الإقامة من الصلوات كلها حتى يدخل في الصلاة رجع في الإقامة ما لم يركع فإن كان قد ركع مضى في صلاته ولا إعادة عليه الا ان يكون تركه متعمدا استخفافا فعليه الإعادة انتهى فكأنه بعد ان بنى على وجوب الأذان للصلاتين والإقامة الجميع جعل وجوبهما قرينة لصرف الأخبار الدالة على جواز نقض الفريضة لتداركهما إلى الواجب منهما ولو ير وصف الاجتماع (دخيلا) في هذا الحكم بل جعل مناطه فوات الواجب أذانا كان أم إقامة وذكرهما في الاخبار جار مجرى الغالب وكيف كان فلا يخفى ما فيه بعد ضعف المبني واما المصنف رحمه الله فظاهر كلامه يعطي التزامه بجواز القطع لاستدراك الأذان مطلقا وربما يستشعر من تخصيصه الأذان بالذكر عدمه لخصوص الإقامة فمن هنا قد يشكل توجيه كلامه حيث لم نجد دليلا بل ولا وجها اعتباريا يساعد عليه نعم لو التزم به في كل من الأذان والإقامة لأمكن توجيهه بدعوى استفادته من صحيحة الحلبي وغيرها مما دل على جواز القطع لتدارك الأذان والإقامة بان يقال إنه يفهم منها عدم فوات محلهما ما لم يركع فله تدارك المنسي منهما سواء كان المجموع أو أحدهما وان لا يخلو عن تأمل بل منع ولكنه على الظاهر لا يلتزم بهذا الاطلاق فلا نرى حينئذ لكلامه وجها ولذا قد يظن بان مقصوده بالأذان ما يعم الإقامة أو حصول السقط في عبارته من سهو القلم وكيف كان فان أراد خصوص الأذان فضعفه ظاهر إذ لا دليل على جواز القطع له بالخصوص خصوصا لو لم يلتزم به لخصوص الإقامة المعلوم أهميتها لدى الشارع من الأذان كما هو واضح وان اراده مع الإقامة فهو حق والعجب من صاحب المسالك حيث إنه حمل كلام المصنف رحمه الله على ظاهره من خصوص الأذان وقرره على ذلك وصرح بعدم الجواز لخصوص الإقامة فقال في شرحه وكما يرجع ناسي الأذان يرجع ناسيهما بطريق أولى دون ناسي الإقامة لا غير على المشهور اقتصارا في ابطال الصلاة على موضع الوفاق انتهى فكأنه قدس سره زعم أن الرجوع لتدارك خصوص الأذان موضع الوفاق والحق به ناسيهما بالأولية والحاصل انه لا يجوز قطع الصلاة لاستدراك خصوص الأذان سواء نسبه بالخصوص أو نسيهما ولكن لم يكن قاصدا بقطعه الا تداركه دون الإقامة اما الأول فواضح لخروجه عن مورد النصوص والفتاوي واما الثاني فلعدم دلالة الأخبار الواردة فيه الا على جواز القطع لاستدراكهما لا الأذان خاصة وهل يجوز القطع لاستدراك الإقامة خاصة اما لكونه اتيا بالأذان ونسي الإقامة فدخل في الصلاة أو المرجوحية الأذان في حقه أو عدم مشروعيته له كما في صورة الجمع بين الفريضتين أو لعدم اهتمامه وإرادة استدراك خصوص الإقامة وجهان بل قولان ربما نسب العدم إلى المشهور كما أومى إليه العبارة المتقدمة عن المسالك حيث نسب في لرجوع فيمن نسي الإقامة خاصة إلى المشهور بل عن الشيخ نجيب الدين دعوى الاجماع عليه وحكى عن غير واحد القول بالجواز بل قيل قد يظهر من النفلية انه المشهور ولكن المفروض موضوعا في كلامهم بحسب الظاهر هو ناسي الإقامة خاصة الا ان الظاهر في لفرق بين الصور وكيف كان فهذا هو الأقوى كما يدل عليه اطلاق خبر الحسين بن أبي العلاء المتقدم الذي وقع فيه السؤال عمن استفتح صلاته ثم ذكر انه لم يقم وكذا صحيحتا محمد بن مسلم وزيد الشحام فإنه وان وقع فيهما السؤال عمن نسيهما ولكن الامر بإقامة خاصة في الجواب يدل على جواز رجوعه إليها بالخصوص واحتمال المراد بها ما يعم الأذان بقرينة السؤال ليس بأقوى من احتمال تخصيص الإقامة بالذكر لاهتمام الشارع بها وكونها المقصودة بالأصالة من الرخصة في ابطال الفريضة بل هكذا الاحتمال أوفق بظاهر اللفظ الا ان هذه الأخبار مفادها جواز الرجوع كما لم يقرأ ولكن التحديد الواقع فيها انما هو لمحل تدارك المنسي وهو مجموع الأذان والإقامة فيما هو المفروض موضوعا في الخبرين الأخيرين وقد ثبت بمقتضى الجمع بينها وبين صحيحة الحلبي ان هذا الحد حد لتأكد الاستحباب فلا يقتضي ذلك قصر الحكم المستفاد منهما وهو الاكتفاء بالإقامة وحدها لدى الرجوع بخصوص هذا الحد فليتأمل ويؤيده أيضا صحيحة علي بن يقطين الدالة على جواز الرجوع إلى الإقامة ما لم يفرغ من صلاته بل يمكن الاستشهاد بها له فان الاستشكال في الاخذ بظاهرها فيما بعد الركوع لأجل مخالفته للمشهور لا يقتضي اهمالها بالمرة حتى فيما لا مخالفة لهم فليتأمل تنبيهان الأول اطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي في لفرق في المصلي بين الإمام والمنفرد فتقييده بالمنفرد كما فعله المصنف رحمه الله يحتاج إلى دليل الثاني ان هذا الحكم وهو جواز قطع الفريضة لاستدراك الأذان والإقامة أو الإقامة خاصة مخصوص بصورة النسيان فلو تركهما عمدا ليس له ذلك كما صرح به غير واحد بل حكى عن الأكثر منهم الشيخ في الخلاف والسيد في الانتصار لحرمة قطع الفريضة واختصاص ما دل على الجواز بصورة النسيان ولكن حكى عن الشيخ في النهاية وابن إدريس عكس ذلك فقالا ان تركهما متعمدا رجع ما لم يركع وان نسيهما حتى دخل في الصلاة مضى في صلاته ولم يعرف مستندهما ويعطي الأجرة على الأذان من بيت المال إذا لم يوجد من يتطوع به لأنه من أهم المصالح التي أعد بيت المال لها ولكن هذا يتجه على القول بجواز اخذ الأجرة على الأذان وهو بحسب الظاهر خلاف المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع على في لجواز ولذا قد يحمل عبارة المتن ونحوه على إرادة الارتزاق كما يؤيده تخصيص بيت المال بالذكر ويشهد له تصريحه به فيما يأتي في آداب التجارة حيث قال اخذ الأجرة على الأذان حرام ولا بأس بالرزق من بيت المال انتهى واستدل للسمع بما رواه الشيخ مسندا عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام عن علي عليه السلام قال اخر ما فارقت عليه حبيب قلبي ان قال يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على أذانه اجرا وعن الصدوق مرسلا نحوه وعنه أيضا في الفقيه مرسلا قال اتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين والله اني لأحبك فقال له ولكني أبغضك قال ولم قال لأنك تبغي في الأذان كسبا وتأخذ على تعليم القرآن اجرا وفيه ان سوق الخبرين خصوصا ثانيهما يشهد بإرادة الكراهة مع أنه لا دلالة فيهما على بطلان الإجارة وعدم استحقاقه للأجرة واستدل له أيضا بما روى عن كتاب دعائم الاسلام عن علي عليه السلام أنه قال من السحت اجر المؤذن وهذه المرسلة لا قصور في دلالتها ولكنها قاصرة السند اللهم الا ان يجعل الشهرة جابرة له وفيه تأمل فما حكى عن السيد رحمه الله وظاهر المصنف في المعتبر والشهيد في الذكرى وقواه غير واحد من المتأخرين من القول بالكراهة هو الأشبه ولكن خصه غير واحد ممن قال بالجواز بالأذان الاعلامي الذي لا توقف الفائدة المقصودة منه بالإجارة على وقوعه
(٢١٧)